تشير التوقعات إلى أن معاناة الشعب السوري ستتواصل حتى لو تم تنفيذ المبادرة الروسية بشأن الأسلحة الكيميائية السورية، وسيواصل نظام الأسد ضرب السوريين، في وقت باتت فيه المصداقية الأميركية عالقة في رمال متحركة.

كان انتصار الدور الروسي وفشل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في الشأن السوري وانعكاسات ذلك على تغيير موازين القوى الدولية، محور تقارير وتحليلات عدد من الصحف البريطانية الصادرة، الخميس.
وقالت صحيفة (الغارديان) إن مبادرة نزع ترسانة الأسلحة الكيميائية المزعومة لدى الحكومة السورية لن تخفف من معاناة الشعب السوري العالق مع نظام الأسد quot;الوحشيquot;، لكنها بالتأكيد سوف تصب لصالح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتمثل انتصاراً له.
ومن جهتها، قالت صحيفة (فايننشال تايمز) في مقال في صفحة الرأي تحت عنوان quot;المصداقية الأميركية عالقة في رمال الشرق الأوسط المتحركةquot; إن عدم قدرة الرئيس باراك اوباما على استخدام خطاب متسق وتنفيذ خطط فعالة في الشرق الأوسط قد يقوض سلطاته داخليًا وخارجيًا.
وتحدث تحليل لصحيفة (الغارديان) عن انعكاسات المبادرة الروسية في سوريا على تزايد دور موسكو في الشرق الأوسط، وما يترتب على ذلك من تغيير لموازين القوى الدولية.
تجريد البيت الأبيض
وأشار الكاتب سايمون تيسدال إلى أن المبادرة لن تجرد النظام السوري من تلك الاسلحة لكنها جردت البيت الابيض من الحيل لتبرير التدخل في سوريا، مضيفاً أنه بالرغم من أن الفكرة قديمة وتمت مناقشتها من قبل بالفعل إلا أن التوقيت الذي اختاره بوتين لعرضها جعل منه صاحب الفكرة التي حازت على دعم الأمم المتحدة وايران وطمأن بها حلفاءه.
وقالت الغارديان إن الارتياح الذي ابدته الأمم المتحدة وأوروبا للفكرة اجبر الرئيس الاميركي على تلقي المبادرة الروسية بكثير من اللهفة، خوفًا من تبعات تدخل عسكري يرفضه شعبه، الذي انهكته الحروب والازمات الاقتصادية التي تتبعها، ويرجح أن يرفضه الكونغرس.
وختمت الصحيفة البريطانية قائلة: إنه من المفارقات أن تسهم روسيا في اعادة سلطة اتخاذ القرار إلى مجلس الأمن بعد أن عرقلت عمله عدة مرات بخصوص الشأن السوري وهو ما قد ينقذ منطقة الشرق الأوسط من الاحادية الاميركية في اتخاذ القرارات quot;الطائشةquot; على حد تعبير الصحيفة، وهو ما قالت إنه سيروق للصين ودول البريكس وأوروبا بشكل عام وللشرق الأوسط بشكل خاص.
عدم اتساق أوباما
وإلى ذلك، قالت صحيفة (الفايننشال تايمز) إن عدم الاتساق في السياسة الخارجية لأوباما ظهر جليًا في كلمته بمناسبة مرور 12 عاماً على أحداث 11 سبتمبر/ ايلول التي بدأها بتبرير ضرورة تنفيذ الضربة الأميركية لعقاب دمشق وتنفيذ التعهدات التي قطعتها الولايات المتحدة لحلفائها الأوروبيين للتصدي للاستخدام المزعوم للاسلحة المحرمة دولياً، ثم اختلط خطابه في ما بعد بالحديث عن الحلول الدبلوماسية والمبادرات الدولية وضرورة عدم التدخل لإزاحة quot;ديكتاتورquot; آخر بالقوة.
وأشارت الصحيفة إلى أن فشل الادارة الاميركية في السياسة الخارجية ستكون له انعكاسات كبيرة على الفشل داخليًا حتى في ما يتعلق بتمرير الميزانية والبرنامج الصحي الجديد الذي يروج له اوباما طبقاً لنظرية quot;الفائز يظل يفوز دائمًاquot;، مضيفة أن الرئيس الاميركي اصبح في مواجهة حفنة من الجمهوريين الذين سيعملون على افشال خططه الداخلية المتعلقة بالميزانية مستخدمين في ذلك تفاوت مواقفه الخارجية.
وخلصت الفايننشال تايمز إلى القول إنه في الوقت الذي يخشى فيهمراقبون أن التدخل العسكري الأميركي في سوريا قد يدفع ايران الى تسريع خطوات برنامجها النووي، يعتقد آخرون أن تراجع الولايات المتحدة المتوقع عن تلك الخطوة قد يشجع طهران على تطوير برنامجها من دون أن يطرف لها جفن.