فيما يسعى اللوبي اليهودي في واشنطن إلى تحريض الادارة الأميركية على ضرب سوريا، ترى دوائر سياسية في تل أبيب أن بقاء الأسد هو الاصلح لها. ويحذر خبراء من تصدُّر إسرائيل لمشهد المطالب بعقاب الأسد، مؤكدين أن عواقب ذلك ستكون وخيمة على أمنها القومي.


القاهرة: كشفت دوائر سياسية في تل أبيب النقاب عن أن اللوبي اليهودي في نيويورك quot;ايباكquot; يبذل جهوداً مستميتة لاقناع البيت الابيض بالتدخل عسكرياً في سوريا، وقال تقرير نشرته صحيفة معاريف العبرية ان 250 عضوا في الـ quot;ايباكquot; نظموا حملة ضغط من خلال عدد كبير من سيناتورات الولايات الأميركية لتمرير ضربة عسكرية لسوريا، معتبرين ذلك في صالح الدولة العبرية، وان امن إسرائيل مرهون بإخراج الضربة إلى حيز التنفيذ، الا ان خبراء إسرائيل رأوا ان المساعي التي يبذلها الـ quot;ايباكquot; في هذا الصدد ليست في صالح إسرائيل لسببين.

طبيعة المصالح الإسرائيلية

وتشير الدوائر عينها إلى ان قادة اللوبي اليهودي في نيويورك اصبحوا رأس الحربة التي يمكن من خلالها الضغط على الرئيس الأميركي لتوجيه ضربات عسكرية موجعة لنظام الأسد، ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة معاريف العبرية، تصرف اللوبي اليهودي الموالي لإسرائيل، كما لو كان يعلم طبيعة المصالح الإسرائيلية من توجيه ضربة عسكرية لسوريا.

ووصفت الصحيفة حملة اللوبي بانها الاعنف من نوعها منذ تأسيسه وحتى الان، إذ وزّع 250 عضوا في الـ quot;ايباكquot; انفسهم على عدد كبير من الولايات الاميركية، وحفزوا مجموعة من المسؤولين في تلك الولايات على تفعيل نفوذهم حيال البيت الابيض، لتمرير ضربة واشنطن العسكرية ضد سوريا، معتبرين ان quot;مستقبل إسرائيل مرهون بالضربة المزمعةquot;.

وفي حين يواصل اللوبي اليهودي في نيويرك جهوده الحثيثة منذ تأسيسه لصالح الدولة العبرية الا ان الصحيفة العبرية اكدت ان هذه المرة مختلفة، إذ ان الـ quot;ايباكquot; لا يعي ان الزج باسم إسرائيل او التنظيمات اليهودية الموالية لها في تحريض البيت الابيض على ضرب سوريا او اي من الجبهات العربية، سينعكس حتماً بالسلب على إسرائيل وربما يهدد امنها القومي، فالمحاولات الرامية إلى الربط بين امن إسرائيل القومي وتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، يشي بأن إسرائيل التي تتحلى بضبط النفس حيال تلك الاشكالية تُحرض اوباما بشكل غير مباشر ضد سوريا.

المحرض على النزاع بين النواب والشيوخ

وفي هذا السياق يرى الخبير الإسرائيلي quot;شالوم يروشليميquot;، ان تبني اللوبي اليهودي الموالي لإسرائيل في نيويورك حملة لتحفيز البيت الابيض على توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد ينطوي على سلبيتين، اولاهما: تصدير إسرائيل على انها المحرض لخلق نزاع بين اعضاء مجلسى النواب والشيوخ في الولايات المتحدة، وانها تحرض اوباما على القيام بحملة عسكرية حتى اذا كانت محدودة ضد سوريا، في وقت يرفض عدد كبير من اعضاء مجلس الشيوخ وربما النوبة الاقدام على تلك الخطوة، عندئذ ستصبح إسرائيل في نظر الجماهير الأميركية الحافز الاول على جر واشنطن للحرب التي يدور الحديث عنها.

ثانياً وهو الاهم بحسب الخبير الإسرائيلي: تبذل الحكومة الإسرائيلية قصارى جهدها للحفاظ على ضبط النفس وابعاد نفسها تماماً عن الصراع الدائر بين دمشق وواشنطن، الا ان كوادر اللوبي اليهودي الـ quot;ايباكquot;، الذين يتمتعون بنفوذ كبير على اعضاء الكونغرس الأميركي، يروجون لفكرة ان توجيه ضربة عسكرية لسوريا ستساعد إسرائيل. ولا يدري اعضاء اللوبي اليهودي انهم بذلك يمنحون بشار الأسد شرعية اطلاق صواريخ على الدولة العبرية، إذا تعرضت بلاده لهجوم أميركي مسلح.

وعند تعرض إسرائيل لهجوم صاروخي من سوريا، سيظل كوادر اللوبي اليهودي يقيمون في منازلهم بالولايات المتحدة المختلفة، بينما سيلجأ الإسرائيليون إلى الملاجئ والمخابئ خوفاً من الهجوم الصاروخي، بالاضافة إلى ان إسرائيل ستتحمل بمفردها تبعات الهجوم الأميركي المرتقب حال فشله في تحقيق الهدف، خاصة ان تلك التبعات ستكون طويلة المدى على امن إسرائيل القومي، وكذلك على الولايات المتحدة عينها ومنطقة الشرق الاوسط بشكل عام.

بقاء الأسد مصلحة إسرائيلية

ويؤكد الخبير الإسرائيلي ان الاشكالية السورية بالغة التعقيد، في الوقت الذي يسعى كوادر الـ quot;ايباكquot; إلى ايضاح ان دعم المعارضة السورية يصب في الصالح الإسرائيلي، الا ان السؤال الكبير الذي يفرض نفسه هو: من يُحدد ذلك؟، ففي نهاية الاسبوع الماضي اكد الوزير الإسرائيلي يعقوب فري: quot;ان المصلحة الإسرائيلية تقتضي ان يظل الرئيس السوري بشار الأسد في موقعه كرئيس للبلادquot;.

بينما ترى اصوات اخرى في الحكومة الإسرائيلية عكس ذلك، ويعتمد هؤلاء على وجهة نظر العديد من الدوائر القيادية في البيت الابيض، التي تؤكد انه من الضروري عقاب الأسد على خلفية استخدامه للاسلحة الكيماوية ضد المدنيين من ابناء الشعب السوري، في الوقت الذي يغيب عن الجميع، ماذا سيفعل المتمردين السوريين بتلكالاسلحة اذا وصلت إلى اياديهم، ان لم يكن في المستقبل او الحاضر.

وفي تقريرها توضح الصحيفة العبرية ان الرئيس الأميركي باراك اوباما ورّط نفسه بنفسه في الملف السوري، لذلك هو الاجدر بحل مشاكل البيت الابيض مع سوريا وروسيا وايران وغيرها من الجبهات الضالعة في هذا الملف بشكل مباشر، دونما تدخل للوبي اليهودي، فإسرائيل تعلم جيداً كيف تواجه المخاطر التي تواجهها من سوريا، فعندما كانت الدولة العبرية في وقت يستلزم الرد على تلك التهديدات فعلت، ولعل تدمير مفاعلات سوريا النووية في منطقة دير الزور خير شاهد على ذلك.

من جانبه اوضح الخبير الإسرائيلي quot;شالوم يروشليميquot;: quot;ان إسرائيل قادرة اليوم على مواصلة حالة ضبط النفس والصمت النسبي حيال ما يجري في سوريا، وما يتعلق منه بموقف الادارة الأميركية، فرئيس الحكومة الإسرائيلية ووزرائه، يتبنون سياسة معتدلة ومسؤولة، وستكون الخسارة فادحة اذا دمّر اللوبي اليهودي الذي يعمل دائما لصالح الدولة العبرية لدى الادارة الأميركية من اجل الحفاظ على مصالح يهودية داخلية في الولايات المتحدةquot;.