بغداد: خسرت القوات الامنية العراقية السبت مدينة الفلوجة بعدما خرجت عن سيطرتها ووقعت في ايدي quot;الدولة الاسلامية في العراق والشامquot;، لتتحول من جديد الى معقل للمتمردين المتطرفين.
وتواصلت في هذا الوقت الاشتباكات في مدينة الرمادي المجاورة، حيث حققت القوات الامنية مدعومة بمسلحين من العشائر تقدما في المناطق التي سيطر عليها منذ الخميس مقاتلو quot;الدولة الاسلامية في العراق والشامquot;، الفرع العراقي والسوري لتنظيم القاعدة والمعروف اختصارا بتنظيم quot;داعشquot;.
واكد مصدر امني عراقي رفيع المستوى في محافظة الانبار لوكالة فرانس برس ان مدينة الفلوجة التي لا تبعد عن العاصمة بغداد سوى 60 كلم الى الغرب quot;خارج سيطرة الدولة وتحت سيطرة تنظيم +داعش+quot;، مضيفا ان quot;المناطق المحيطة بالفلوجة في ايدي الشرطة المحليةquot;.
وتابع quot;لقد عينوا واليا عليهاquot;.
بدوره قال قائد شرطة الانبار هادي رزيج في مداخلة مع تلفزيون quot;العربيةquot; ان quot;اهل الفلوجة اسرى لدى عناصر داعشquot;، مؤكدا ان الشرطة انسحبت بالكامل الى اطراف المدينة.
من جهته، اكد مراسل فرانس برس في المدينة ان quot;القوات التي تسيطر على مدينة الفلوجة بشكل كامل هي من تنظيم القاعدةquot;، مشيرا الى ان quot;قوات الامن العراقية وقوات الصحوة لا تتواجد في الفلوجةquot;.
وذكر ان quot;اشتباكات متقطعة تدور عند اطرافهاquot; بعد يوم دام شهدت خلاله الفلوجة والرمادي اشتباكات بين عناصر quot;داعشquot; والشرطة مدعومة بمسلحي العشائر، تخللها قصف مناطق من قبل قوات الجيش المتواجدة خارج المدينتين، ما أدى الى مقتل 32 مدنيا و71 من مقاتلي quot;الدولة الاسلاميةquot;.
وأشار مراسل فرانس برس في الفلوجة التي اعلن مسلحون ألجمعة من على منبر خطبة الجمعة فيها انها تحولت الى quot;ولاية اسلاميةquot;، الى ان quot;الكهرباء مقطوعة تماما، ومولدات الكهرباء لا تعمل بسبب النقص في الوقودquot;.
وتشكل سيطرة تنظيم القاعدة على مركز مدينة الفلوجة حدثا استثنائيا نظرا الى الرمزية الخاصة التي ترتديها هذه المدينة التي خاضت معركتين شرستين مع القوات الاميركية في العام 2004.
وكان الهجوم الاميركي الاول الذي هدف الى اخضاع التمرد السني في المدينة، شهد فشلا ذريعا ما حول الفلوجة سريعا الى ملجأ لتنظيم القاعدة وحلفائه الذين تمكنوا من السيطرة وفرض امر واقع فيها.
وقتل في المعركة الثانية حوالى الفي مدني اضافة الى 140 جنديا اميركيا، في ما وصف بانها المعركة الاقسى التي خاضتها القوات الاميركية منذ حرب فيتنام.
وفي الرمادي (100 كلم غرب بغداد)، قال ضابط برتبة نقيب في شرطة المدينة ان quot;قوات الشرطة والعشائر تنتشر في اغلب مناطق المدينة وتسيطر عليها، ولكن مسلحين من تنظيم القاعدة ما زالوا يتواجدون في احياء الملعب والعادل والبكرquot; وجميعها تقع في وسط الرمادي بحسب مراسل فرانس برس في المدينة.
واكد قائد القوات البرية في الجيش العراقي الفريق الركن علي غيدان في تصريح لفرانس برس ان quot;اشتباكات عنيفة تجري في عدة مناطقquot; في الرمادي، مضيفا ان quot;قوات الشرطة وابناء العشائر يتولون عملية التطهير فيما تقوم قطاعات الجيش بالاسنادquot;.
وذكر غيدان ان quot;هناك ثلاثة مجاميع تقاتل، الاولى هي عناصر +داعش+، والثانية هي ابناء الصحوات والعشائر التي تقف الى جانب الشرطة والجيش، والثالثة هي ما يعرف بالمجلس العسكري الذي اعلن عنه يوم امس في الفلوجةquot;.
وكانت مجموعات مسلحة بينها quot;الجيش الاسلاميquot; وquot;كتائب ثورة العشرينquot; وquot;مجلس شورى المجاهدينquot; وجماعات اخرى اعلنت الجمعة تشكيل هذا المجلس بهدف التنسيق في مقاتلة القوات الامنية، من دون ان يتضح ما اذا كان هذا المجلس مواليا لتنظيم quot;داعشquot;، بحسب مراسل فرانس برس.
وفي وقت لاحق، قال غيدان لفرانس برس quot;قتل عشرات المسلحين مساء اليوم في عمليتين، الاولى استهدفت مجاميع من +داعش+ في البوفراجquot; قرب الرمادي ادت الى مقتل 25 مقاتلا، قبل ان quot;يستهدف تجمع كبير لعناصر +داعش+ قرب الكرمةquot; شرق الفلوجة ما ادى الى مقتل 30 مسلحا.
واعلنت مصادر امنية لفرانس برس ان سبعة جنود وضابط برتبة ملازم اول في الجيش قتلوا ايضا في هذه الاشتباكات، اضافة الى مسلحين من العشائر التي تقاتل الى جانب القوات الحكومية.
واستغل تنظيم quot;داعشquot; الخميس اخلاء قوات الشرطة لمراكزها في الفلوجة والرمادي وانشغال الجيش بقتال مسلحي العشائر الرافضين لفض اعتصام سني مناهض للحكومة يوم الاثنين، لدخول الرمادي والفلوجة بشكل علني للمرة الاولى منذ سنوات طويلة.
واخليت ساحة الاعتصام الذي اغلق الطريق السريع المؤدي الى سوريا والاردن لعام، بطريقة سلمية يوم الاثنين، الا ان مسلحي العشائر السنية الرافضة لفك الاعتصام شنت هجمات انتقامية ضد قوات الجيش.
وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في محاولة لنزع فتيل التوتر الامني في الانبار بعيد فض الاعتصام المناهض له، دعا الثلاثاء الجيش الى الانسحاب من المدن، لكنه عاد وتراجع عن قراره الاربعاء معلنا ارسال قوات اضافية الى هذه المحافظة بعد دخول عناصر القاعدة على خط المواجهة.
وقال المالكي السبت بحسب ما نقل عنه تلفزيون quot;العراقيةquot; الحكومي quot;لن نتراجع حتى ننهي كل المجاميع الارهابية وانقاذ اهلنا في الانبارquot;.
وكانت محافظة الانبار التي تسكنها غالبية من السنة وتتشارك مع سوريا بحدود بنحو 300 كلم، احد ابرز معاقل تنظيم القاعدة في السنوات التي اعقبت اجتياح العراق عام 2003، وحتى تشكيل قوات الصحوة في ايلول/سبتمبر العام 2006.
وبحسب موقع quot;اي كاجولتيزquot;، فان نحو ثلث الخسائر البشرية للقوات الاميركية في العراق كان في الانبار، التي بدا خلال الايام الماضية وكان الجماعات المسلحة تستعيد نفوذها فيها بعد عامين على الانسحاب العسكري الاميركي من البلاد.
ويقول تشارلز ليستر الباحث في مركز بروكينغز الدوحة لفرانس برس ان quot;قوة وسيطرة الجماعات المتطرفة على الارض تتوسع في الانبار منذ بعض الوقتquot;.
ويضيف ان عملية ازالة الاعتصام السني المناهض للحكومة والذي كان يطالب باستقالة رئيس الوزراء المتهم باتباع سياسة تهميش بحق السنة، دفعت العشائر السنية للدخول في نزاع مع القوات الامنية quot;وقد نجح تنظيم +داعش+ في ركوب موجة الغضب السني هذهquot;.
التعليقات