كييف: شارك الالاف الاحد في قداس جنائزي لمتظاهر قتل في كييف، حيث تواصل المعارضة الضغوط على السلطة مع اتساع حركة الاحتجاج في العديد من انحاء اوكرانيا.

وحضر التشييع زعماء الحركة الاحتجاجية، الذين ابدوا تصميمهم على مواصلة التعبئة، رغم التنازلات غير المسبوقة التي قدمها الرئيس فيكتور يانوكوفيتش امس لمحاولة تسوية الازمة. واحتشد المئات داخل كاتدرائية سان ميشال، التي ضاقت بهم لتحية روح ميخائيل يزنفسكي، وقد حملوا الزهور، ووضعوا العلم الاوكراني على الاكتاف.

وقتل الشاب، وهو بيلاروسي الجنسية، كان سيبلغ السادسة والعشرين من عمره اليوم الاحد، حسب احد اصدقائه في اعمال عنف.
لكن في ساحة الاستقلال مركز الاحتجاجات في كييف منذ شهرين، لم يزد المتظاهرون اليوم عن بضعة الاف، في حين كان يحتشد فيها عادة عشرات او مئات الاف الاشخاص خلال تجمعات ايام الاحاد في الاسابيع السابقة.

وحول الساحة يقف ناشطون مسلحون بالعصي ويعتمرون خوذات، للحفاظ على النظام داخل هذا المخيم الحقيقي، حيث تنتشر المتاريس. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال سيرغي وهو موظف شاب رفض الكشف عن لقبه العائلي ان quot;الناس خائفون ويتعرضون لضغوط في اعمالهمquot; اذا ما اعلنوا على الملأ معارضتهم السلطة.

وكان يانوكوفيتش عرض السبت على اثنين من قادة المعارضة هما كليتشكو وارسيني ياتسينيوك رئيس حزب المعارضة المسجونة يوليا تيموشنكو قيادة الحكومة مع تعزيز صلاحياتها. لكن هذه الاقتراحات لم تحل دون اتساع نطاق حركة الاحتجاج في اوكرانيا حيث يحتل الاف المتظاهرين منذ ايام المقار الادارية لمعظم المناطق الغربية، مطالبين برحيل الحكام الذين عيّنهم رئس الدولة.

وفي هذا الجزء من البلاد، اعلن المجلسان الاقليميان في ايفانو فرانكيفسك وترنوبل الاحد الموافقة في اقتراع على حظر حزب المناطق ليانوكوفيتش على اراضيهما. وامتدت ايضا عمليات احتلال المباني الى بعض مناطق الشمال (تشرنيغيف) والشرق (بولتافا) حيث حاول المئات الاحد اقتحام مقر الادارة الاقليمية في زابوريجيا، في الشرق، الذي تتولى حراسته قوات مكافحة الشغب.

كما تجمع المئات من معارضي السلطة في دنيبروبيتروفسك (شرق) واوديسا (جنوب) وهما مدينتان كبيرتان ناطقتان بالروسية. وفي كييف شن 2000 متظاهر ليل السبت الاحد هجومًا على مبنى يشغله حاليًا افراد لقوات الامن في وسط كييف بالقرب من ساحة الاستقلال. وقال مراسل فرانس برس ان حوالى الفي متظاهر تجمعوا على طول quot;البيت الاوكرانيquot;، ونجح بعضهم في الدخول اليه وهم يصرخون quot;يا للعارquot;.

وبعدما حطموا الزجاج القوا قنابل يدوية داخل المبنى. ونجح بعضهم في الدخول الى القاعة الرئيسة للمقر، وهو عبارة عن متحف قديم يقع في ساحة اوروبا، ويبعد مئات الامتار عن ساحة الاستقلال، حيث تعتصم المعارضة. ورد رجال الشرطة بالقاء قنابل صوتية واستعمال خراطيم المياه على الرغم من الطقس البارد، حيث تدنت الحرارة الى 15 درجة تحت الصفر.

وبعد حوالى ساعة من التوتر، انهى المتظاهرون هجومهم وافسحوا في المجال امام رجال الشرطة للخروج، ولكن رجال الشرطة ظلوا في مقرهم حسب الصور التي بثها التلفزيون. وجاء الهجوم بعد كلمات القاها قادة المعارضة في ساحة الاستقلال، اكدوا فيها انهم سيواصلون التعبئة حتى تلبية كل مطالبهم، وعلى رأسها الدعوة الى انتخابات رئاسية اعتبارا من هذه السنة، وليس السنة المقبلة كما هو مقرر.

وقال المعارض القومي اوليغ تيانيبوك امام عشرات الآلاف من الاشخاص الذين تجمعوا في ساحة الاستقلال ان quot;النضال مستمرquot;.
من جهته، قال فيتالي كليتشكو الذي عرض عليه الرئيس منصب نائب رئيس الوزراء quot;نحن مصممون ولن نتراجعquot;، معترفا في الوقت نفسه بان يانوكوفيتش quot;لبّى جزءا كبيرا من المطالبquot;. واضاف بطل الملاكمة السابق ان quot;المفاوضات مستمرةquot;.

من جانبه قال ياتسينيوك انه مستعد quot;لتولي مسؤولياتهquot;، لكنه اضاف انه quot;لا يصدق اي كلمةquot; تقولها الحكومة. واضاف quot;لن نتزحزحquot;. وتطالب المعارضة بالعودة الى دستور العام 2004، وهي تسوية وافق عليها فيكتور يوتشينكو المقرب من الغرب، الذي فاز خلال الثورة البرتقالية التي جعلت من اوكرانيا جمهورية برلمانية مع رئيس حكومة بصلاحيات واسعة. الا ان الدستور عدل لاحقا وجعل الصلاحيات الاساسية بيد رئيس الدولة.

من جانبه دعا رينات اخمدوف اغنى رجل في البلاد والداعم للرئيس، الى حل سلمي للازمة. وقال الملياردير الذي يعتبر اكبر الداعمين الماليين لحزب المناطق الحاكم quot;اي استخدام للقوة واي لجوء للاسلحة، غير مقبولquot;. لكن وزير الداخلية الاوكراني فيتالي زاخارتشنكو شكك السبت في فرص التوصل الى حل سلمي للازمة، معتبرا انه quot;لا جدوىquot; من محاولات التوصل الى حل سياسي وان المعارضة فقدت السيطرة على المتظاهرين quot;المتشددينquot;.

ومن المقرر عقد جلسة غير عادية للبرلمان حول الوضع السياسي الثلاثاء، ما يشكل ضغطا على مختلف الاطراف للتوصل الى اتفاق قبل هذا الموعد. في اليوم نفسه ستعقد قمة بين الاتحاد الاوروبي وروسيا التي يتهمها الاوروبيون باستخدام نفوذها لاقناع كييف بالتخلي عن اتفاق شراكة مع بروكسل. كما يتوقع ان تقوم وزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين اشتون بزيارة كييف الخميس والجمعة المقبلين.

وفي الفاتيكان، دعا البابا فرنسيس الاحد الى وقف اعمال العنف في اوكرانيا والى الحوار بين الحكومة والمعارضة. وقال في ساحة القديس بطرس quot;اتمنى حوارا بناء بين المؤسسات والمجتمع المدني وان تسود قلوب الجميع روح السلام والسعي الى الخير المشترك من دون استخدام القوةquot;.

من جهته قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ quot;نحن قلقون جدا حيال الوضع في اوكرانيا، لا اعتقد انه يجب ان يعتبر مواجهة بين الغرب والشرقquot;. وياتي الانفتاح المفاجئ للرئيس يانوكوفيتش اثر اسبوع من اعمال العنف التي اوقعت ثلاثة قتلى، حسب السلطات، وستة حسب المعارضة.