كييف: ترتجف الصورة الضبابية احيانًا، لكننا نستطيع تمييز قنابل المولوتوف المتطايرة أو عناصر شرطة مكافحة الشغب الذين يشنون الهجوم. ففي اوكرانيا، يعمد المتظاهرون الى تصوير وقائع الحراك الاحتجاجي على الهواتف الذكية وبثها مباشرة على الانترنت.
فقد ازدهرت شبكات التلفزة على الانترنت منذ بداية الاحتجاجات، وتعرض ساعات من البرامج المباشرة التي يحييها مقدمون يعتمرون خوذًا في استوديوهات مرتجلة.
وتبث هذه الشبكات مشاهد مباشرة للتحركات، على غرار ما فعلت في 2004 شبكة قناة 5 المعارضة، اول تلفزيون انضم الى الثورة البرتقالية التي اوصلت الى السلطة شخصيات مؤيدة للغرب.
ومن سخرية القدر أن القناة 5 التي ما زالت نشطة، غالبًا ما باتت تبث البرامج التي تعرضها هذه الشبكات مباشرة على الانترنت مثل اسبربسو تي.في.
ورافق مضمون هذه القنوات تطور الاحتجاج. فاذا كانت قبل شهرين تبث صور الجموع المحتشدة في ساحة الاستقلال وسط اجواء عفوية، فقد باتت تضبط بثها على وتيرة هجمات عناصر شرطة مكافحة الشغب على متاريس المحتجين أو احتلال المباني الرسمية والوزارات في كييف والادارات الاقليمية في الارياف.
وشكل بث هذه الصور مكسبًا مهمًا للتظاهرات التي اعطاها بعدًا دوليًا وساهم في تعميمها على انحاء البلاد كافة.
وعلى الصعيد الميداني، فان كل متظاهر يلقي قنبلة مولوتوف أو يسقط تحت هراوات الشرطة، يصور آخرون المشهد بهواتفهم المحمولة.
وقالت اولغا دو اونوش الباحثة في نوفيلد كولدج بجامعة اوكسفورد (بريطانيا) التي تعد دراسة عن استخدام الانترنت، quot;انها تكنولوجيا متوافرة للمتظاهرين ويستخدمونها لبث الصور الى مناطق أخرىquot;.
واضافت quot;أنها تحمل المشاهد على الشعور بالمشاركة وتتيح له الوصول الى مناطق التظاهر على مدار الساعة ومدار الاسبوعquot;.
من جهة أخرى، استخدمت الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ايضًا وسيلة لبث الشائعات، كما تقول اونوش.
وتطرح مثال صورة تناقلتها شبكات التواصل الاجتماعي، لرجل قيل إنه قناص روسي اطلق النار على المتظاهرين خلال صدامات دامية وقعت في كييف. ولم يتأكد حصول هذا الحادث ابدًا.
واذا ما اكدت البحوث التي تجريها اونوش أن الانترنت تشكل المصدر الاول للمعلومات للمتظاهرين، فان مشاركتهم في حركة الاحتجاج باتت اكثر من السابق، رهنًا للاتصالات الهاتفية أو الرسائل القصيرة التي يتلقونها.
وتتعامل بروية ايضاً مع انتشار استخدام التويتر غير المعروف كثيرًا في اوكرانيا بمناسبة التظاهرات. وقالت إن quot;ارتفاعاً يقدر ببضع مئات الآلاف من المستخدمين ما زال متواضعًا في بلد يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمةquot;.
ويبدو أن السلطات اتخذت هذا التهديد على محمل الجد، فأقرت قوانين مشددة لمكافحة الاحتجاجات، وفرضت عقوبات على القدح والذم على شبكة الانترنت، الا أنها ألغتها الثلاثاء.
لكن اونوش قالت quot;إنهم عجزوا عن اغلاق الانترنت كما حصل في مصر وتركياquot;، خلال التحركات في السنوات الاخيرة.
وافادت دراسة نشرتها هذا الاسبوع شركة تي.ان.اس اوكرانيا، أن 83,7% من الاشخاص الذين سُئلوا آراءهم، ذكروا أنهم يطلعون على اخبار التظاهرات عبر الانترنت، اي اكثر من التلفزيون والاذاعة وحتى من المقربين.
وقال ايفان ماتيكو من تي.ان.اس اوكرانيا: quot;حصلت طفرة لاستخدام الانترنت خلال الازمة السياسية خصوصاً على المواقع الاخباريةquot;.
فموقع اوكراينسكا برافدا الذي يتصدر تغطية وقائع الاحتجاج، والذي قتلت احدى صحافياته في كانون الاول (ديسمبر)، تحدث عن ازدياد عدد الزائرين لصفحاته عبر الفيسبوك أو التويتر عشرة اضعاف في الاسابيع الاخيرة.
ورددت شبكات التواصل الاجتماعي صدى التحركات خارج اوكرانيا. وللمرة الاولى هذا الاسبوع، دخلت كلمة مفتاح مرتبطة بأوكرانيا هي +ديجيتال ميدان+ في لائحة الكلمات المفتاح الاكثر استخدامًا في العالم على التويتر، الذي يستخدمه الشتات الاوكراني في الخارج.
وقد استخدمها مساء الثلاثاء رئيس الوزراء الفرنسي جان-مارك ايرولت الذي اعرب باللغة الاوكرانية على حسابه في التويتر عن امله في quot;تحقيق التطلعات الديموقراطية للشعب الاوكرانيquot;.