ثمة ظاهرة باتت تقلق القوى الدولية وهي تصاعد دور المتطرفين الصوماليين على مستوى المشهد الدولي، فمن حروب متواصلة لا نهاية لها في ارض الصومال الممزقة، و مرورا بموجات القرصنة المتصاعدة في بحر العرب و المحيط الهندي ضد الملاحة الدولية و التي تقف خلفها عصابات صومالية منفلتة عن أي رقابة أو مسؤولية إتخذت من القرصنة والسلب و النهب مكسبا يوميا و مغنما دسما، و وصولا لدور الجماعات الأصولية و الإرهابية الصومالية المتواجدة بين أوساط اللاجئين الصوماليين في الدول ألأوروبية و الذين وعن طريق جوازات سفرهم ألأوروبية أتيحت لهم حرية الحركة و التواصل و التنقل و بناء الشبكات مما يثير أكثر من علامة إستفهام حول دور الغرب ذاته في تشجيع و مساندة تلكم الجماعات و من ثم توجيهها نحو أهداف معينة تتلائم و طبيعة السياسات و المواقف التي يراد إمرارها؟

ثم جاء التطور ألأكبر و المثير للدهشة مع إعلان جماعة الشباب الإسلامي في الصومال التي هي فرع من فروع جماعة القاعدة عن نيتها بإرسال مقاتليها لليمن للمشاركة في المعارك الدائرة هناك بين السلطة وجماعة القاعدة رغم أن الميليشيات الصومالية لها حضورها في اليمن من خلال الآلاف المؤلفة من اللاجئين الصوماليين الذين أدلوا بدلوهم في معارك الحوثيين و الحكومة وحيث وقفوا إلى جانب الحوثيين كجماعات مرتزقة كما هو معلوم؟ و الغريب أن جماعة الشباب المجاهد في الصومال تعمل في العلن و تتخذ من أوساط الصوماليين في المنفى مجالا حيويا لوجودها، كما أن أتباعها يمتلكون موارد مالية وممولة من أطراف شرق أوسطية وهم يديرون في العديد من العواصم ألأوروبية محلات للهواتف و مصالح تجارية تغطي نشاطاتهم و تؤمن لهم التواصل، وفي العاصمة النرويجية أوسلو جرت قبل شهور مداهمات أمنية لبعض المحلات التجارية الصومالية بدعوى التهرب الضريبي و تحويل الأموال لمساندة منظمات أرهابية في الصومال؟ إلا أن تلك الحملة سرعان ما توقفت لعدم كفاية الأدلة؟؟؟؟

رغم الضجيج الإعلامي ووحشية و شمولية حملات المداهمة و التي إتضح بعدها أنها مجرد زوبعة في فنجان؟ فالملامح ارهابية العامة و الشعارات المرفوعة و طبيعة تحركات الجماعات الصومالية جميعها تؤكد بأن تلك الجماعات ماضية في نشاطاتها الإرهابية إضافة لسبب رئيسي يتمثل في فشل دول اللجوء و الإستقبال في توفير العمل وفي إستغلال طاقات الشباب الصومالي فيما ينفع و تركهم على قارعة الطريق ليتوجهون توجهاتهم الخاصة وحيث أن الغالبية العظمى منهم هم أصلا من أعضاء الميليشيات الصومالية و أصحاب أفكار متطرفة منذ البداية؟ لذلك ترى بوضوح في العديد من مدن الشمال الأوروبي زيادة مفرطة في أزياء شرق أفريقيا من النقاب الذي يشبه الخيمة بالنسبة للنساء! و من الدشاديش القصيرة و الزي البنجابي و الأفغاني بالنسبة للرجال!

إضافة في زيادة واضحة للشعارات الدينية المتطرفة التي باتت السمة العامة لأحياء سكنية كاملة في بعض المدن النرويجية و السويدية كالعاصمة أوسلو أو مدينة مالمو السويدية هذا دون الحديث عن بقية العواصم ألأوروبية، إنها مجاميع هائلة من الشباب الصومالي العاطل لا تجد ما تفعله سوى إستهلاك و مضغ ( القات ) علنا! و التواصل مع الجماعات الإرهابية في الصومال و التي تمدد نشاطها مؤخرا نحو اليمن بسبب الفوضى ألأمنية هناك و حيث يبدو أنها في طريقها للتحول أيضا إلى ما يشبه الحالة العراقية! أي منطقة قتل و ساحة حرب و إجتذاب لجماعات شرق إفريقيا المتطرفة، لذلك كانت الزيارة الأخيرة لقائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال بترايوس لصنعاء و التي تؤشر على تحويل اليمن لساحة حرب أخرى في ظل التدفق الصومالي المرعب من اللاجئين و المرتزقة و في ظل حالة الحروب و التصعيد، كما إن إعلان جماعة الشباب المجاهد الصومالي عن مساندتها لعصابات القاعدة في اليمن!!

هو بداية ساخنة لمشهد إقليمي يتجه نحو التصعيد العسكري سواءا في الساحتين الأفغانية أم اليمنية مع إنتظار المستجدات في الوضع الإيراني المتجه نحو نهايات كارثية حتمية، و يبدو أن إدارة الرئيس أوباما و التي إستلم رئيسها مؤخرا جائزة نوبل النرويجية للسلام في واحدة من أغرب المفارقات قد قررت التصعيد و توسيع مساحات المواجهة عبر الأراضي البديلة فلا معارك مباشرة على أرض الصومال بل تحويل اليمن لمصيدة للفئران!!.. إنها واحدة من الألعاب الكونية الستراتيجية الجديدة التي تحكمت أطراف عديدة بصياغة مفرداتها بعد أن صنع الغرب من تلكم الجماعات التافهة وحشا كارتونيا من أجل إستمرار لعبة القط و الفأر!!.. فيما تدفع شعوب المنطقة الثمن؟... الصوماليون قادمون فتهيأوا للمواجهة....؟

[email protected]