هل لدينا في سورية مشكلة لعدم اهتمام الأجيال الشابة في الشأن العام؟
إن السؤال في الواقع يحيلنا إلى عدد من القراءات ولكن بغالبيتها تنطوي علىquot; أن هنالك مشكلة حقيقية في هذا المجال، المعارضة السورية تشتكي من فقرها للأجيال الشابة، والسلطة أيضا تشتكي من أن الأمن في البلاد وحده الذي يبعد الأجيال الشابة عن الولاء المطلق لها، فالسلطة وإن امتزج وجودها بنيويا بكسر هيبة المجتمع،، فإنها تتمنى أيضا ان يكون ولاء الشباب لها، دون أن تضطر للأمن! وكسر روح الإحساس لدى الفرد بأن ليس صوته لا قيمة له، بل أيضا وجوده كله برمته لا قيمة له عند السلطة السياسية. الخوف، والإحساس بعدم القيمة، الذي وصل لدرجة يعتبرها الفرد السوري، باتت جزء من وجوده، هي عدم وجوده لدى حسابات النظام الأمنية والسياسية، وهذا انعكس بالطبع على الحقل التربوي في البيت والمدرسة والشارعquot; الأهل راكموا تجربة قمعية مدمرة وسيئة، عاشها المجتمع السوري على مدار أكثر من أربعة عقود، وخلقت تصورا سيئا عمن يمكن له أن يهتم بالشأن العام، أو بالشأن السياسي، فصار جزء من تربيتهم، تصوير الأمر للطفل وللشاب، بأنه يجب أن يكون في الشبيبة والبعث ويصفق، على الطالع وعلى النازل للسلطة. ومن جهة أخرى الولاء للسلطة أصبح وظيفة يأكل منها الشاب ويعمل من خلالها، أي انه حتى يضمن وظيفة عليه ان يظهر مزيدا من الولاء للنظام السياسي. ثم توزع التربية بين تعريف الطفل بنفسه..أنه سني أو علوي أو مسيحي، ولكل أنا مواصفاتها وراسمالها الرمزي، وأدواتها التي تدافع فيها عن نصيب لها في الحياة والمستقبل، وهذه أضيفت لدور الأهل، لأن النظام لم يصل إلى حيز التعليم لكي ينشا مدارس، او يسمح بقيام مدارس طائفية!!! وبين أن تقترن هذه بمزيدا من عناصر تحديد الطفل لهويته من خلالها، ومن هذه العناصرquot; أنه شبيبي وطلائعي قبلها وبعثي بعدها. فكيف ستكون الخلطة الذهنية والنفسية للطفل ثم للمراهق؟

المعارضة السورية تتناول هذه المسألة من زوايا كثيرة ولكن أخطرها، توهانها بين أيديولوجيات، تخفض حقيقة مشكلة الحرية، وتجعل من الشاب..نزيلا لخطابات لا تبتعد كثيرا عن خطابات السلطة التي يسمعها في وسائل إعلامها، وبهذا يجد الشاب نفسه أيضا أقرب لمن يستطيع تأمين وظيفة له، وليس لمن يحمل نفس الخطاب، ويريد أن يرميه في السجن!! المعارضة السورية فقيرة لدرجة الاختناق، ولا ديمقراطية لدرجة، الاستغراب رغم كل خطاباتها عن هذا المفهوم. ولازلت تمتح من ثقافات شمولية..يساريا، قوميا إسلاميا..فكيف نصدق دعوتها للحرية؟ كما انه هنالك الآن في سوريةquot; فنعتانquot; اقصد موضتان يصبان الحب في طاحونة الاستبداد: الأولى هي تحويل العلمانية إلى أيديولوجيا، لوحدها، واصبح لها أسماء ورموز ومواقع، تخفض مشكلة الحرية، وهي الأساس في مقاومة الاستبداد، مقاومة هذا التلغيم للفكر السياسي السوري، هذا إن كان موجودا..والفنعة الأخرى- الموضة- هي هذا الحديث عن فصل السياسي عن الحقوقي، أو عن المدني، هل هنالك من اختلاف بيننا أن هذا الفصل وهذه المساحة تحددها آليات عمل السلطة السياسية..مسموح لها السياسة بشكل مطلق، وممنوعة علينا بشكل مطلق.وكأننا بذلك نقر..أن للعمل المدني والحقوقي هامش في سورية، هذا موجود رغم ضيقه، ولكنه، ملغم، بأنه غير مقونن، وغير مضمون، ولا يمتلك الآليات التي يستطيع فيها، أن يكون جاذبا للشباب..هنالك ايضا فارق، بين أن تحول المعارضة كل شيء وعمل إلى سياسة..وهذا مبرر وجودها أصلا؟ وبين أن نرى أن النظام، لديه فصل بين السياسي والمدني وبين الحقوقي والمعارض! وإذا كان موجودا أرجو ان نراه..فهل يعقل أن يستدعى الشاب للأمن لمجرد أن يوقع على مطلب ما؟ أو ان يشارك في نشاط لو بيئي؟


اما بالنسبة لإيرانquot; إن مرونة النظام الإيراني، والتي كانت تتبدى في توزع لمراكز القوى داخله بشكل واضح وبين منذ وفاة مؤسسه الخميني، هذه المرونة، وتضارب المصالح بين مراكز القوى، وقوة المعارضة الإيرانية في الخارج راكم جذبا للشباب/ فعندما يتقدم مرشح كخاتمي، امام مرشح محافظ، فإنه يدخل انتخابات بحاجة لحشد الأصوات لها، وهذه المرونة كانت تسمح باستخدام آليات عمل النظام في شد الشارع الإيراني إلى الحقل السياسي، ومنه الشباب..تنزيل برامج المرشحين السياسية حرية التجمعات لهم..ووسائل الإيصال المتوفرة لهم، والأهم من ذلكquot; هو إحساس الناس انها إذا نزلت مع خاتمي أو مع موسوي لن يطالها القمع..وهذا أمر مهم..أي ان حاجز الخوق مكسور أصلا!! وهذه حقيقة علينا الاعتراف بها. وهذا غير متوفر في سورية ولن يتوفر...إذن ما هي السبل، لشد الأجيال الشابة لأن تهتم بصوتها ودورها في صياغة مصير بلد تعيش عليه؟
يتبع..