أجد نفسي مطالبا بالاعتذار الى الرئيس الطلباني لاني لم اضعه بطل القادسية المرتقبة التي يطالب بها البعض وذلك حتى لا يتم التقاطع مع الثوابت quot; القومجية quot;. ولااعتقد ان الرئيس الطلباني حريص على هذا اللقب quot; الصنمي quot; يشاركه بذلك بكل تاكيد السيد المالكي. جوهر الحدث ان ايران قامت باحتلال وتجاوز صارخ لبئر الفكة العراقي، وهذه الامور لاتقبل المجاملة او المداهنة لذلك يجب العمل بكل الوسائل المتاحة لاعادة الامور الى نصابها الحقيقي الى ماقبل تقدم الجنود الايرانيين واحتلال هذا البئر النفطي العراقي، والتي تثبت الحقائق التاريخية ان هذا البئر كان مستغل من قبل العراق في نهاية عقد السبعينات وتم اتمام عمليات الاستخراج بل والتصدير منه في مراحل معينة وحتى اندلاع quot; قادسية الصنم quot; التي يريد لها البعض ان تولد لنا اليوم قادسيات جديدة في محاولات طائفية بائسة وسوق نخاسة للمزايدات الانتخابية الفارغة. ان الدور الوطني الذي تقوم به بعض وسائل الاعلام العراقية وبعض الرموز السياسية في عراق اليوم ممكن تفهمه والوقوف له باحترام وتقدير كبيرين لانه صوت العراقي الاصيل الذي يطالب بحق وطنه وشعبه ويرفض التجاوز من اي جهة كانت. ولكن في الجانب الاخر هناك وسائل اعلام عراقية وعربية وبعض رموز الانتهازية السياسية في العراق الجديد تريد ان تجعل من الموضوع نقطة انطلاق لحرب شاملة مع ايران لتمتد الى حدود ان يكون فيه الدم العراقي مادة اعلامية دسمة ويومية !! وكأن حرب السنوات الثمانية وجراحها واوجاعها ونتائجها الكارثية الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية غير كافية، او كأن الاسود والحزن والوجع والدموع هي قدر امهاتنا العراقيات بينما ببركات دماء ابنائهن تتمتع مجتمعات دول الجوار العربي والاقليمي وفي الوقت التي تعاني امهاتنا الويل لفقدان فلذات الاكباد في حروب قومجية فاشلة تتمتع تلك المجتمعات المجاورة في لندن وجنيف واسطنبول وبيروت وباريس كثمن لدماء شبابنا وكثمن لتعويض وتصدير حصة نفط العراق الغائبة منذ عقود طويلة حيث تقوم دول اخرى بتصديرها وجني ارباحها الفلكية.
ان ايران بتصرفها هذا قد اطلقت بالون اختبار دولي واقليمي وعربي وعراقي ومحلي، وقد حصلت على نتائج لصالحها اكثر من ايجابية واكثر من مذهلة. ففي الجانب الدولي اجادت ايران اختيار الوقت المناسب لجس نبض الغرب بخصوص ملفها النووي فوجدت ردود افعال غربية غائبة على الفكة بمعنى غياب الحماس الغربي لتسخير الفكة على الاقل ولو بشكل سياسي للضغط على الملف النووي. وايران وجدت تصريحات امريكية اكثر من مثيرة عندما صرح قائد القوات الامريكية في العراق quot; ان مشكلة الفكة مسالة سياسية بين ايران والعراق !!quot; ولهذا الموقف الامريكي اسباب رئيسية ظاهرة ومخفية ليس هنا مجال الخوض فيها. اما في الموقف الاقليمي فحصلت ايران على صك مفتوح للاعتراف العلني بها كونها لاعب اساسي في المنطقة لايمكن تجاوزه او تجاهله. اما في الموقف العربي الرسمي فهنا تكون الطامة العربية اكثر وضوح فالخرس التام كان سيد الموقف وسكت العرب على امل ان يحين موعد اقرب قمة عربية لتكون فقرة صغيرة وفي الصفحات الخلفية في البيان الختامي تطالب بحقل رقم 4 في الفكة العراقية !! اما شكل الطامة يكون اكبر واكثر سؤ في ردود الافعال السياسية العراقية فلقد ازدهرت سوق المزايدات الفارغة الى حد ان طالب احدهم بالهجوم العسكري الفوري على ايران !! وحاول البعض الاخر وضع الاغلبية الساحقة من الشعب العراق من الشيعة في الزاوية وجعل موضوع حقل الفكة اختبار quot; للوطنية quot; تحدد نتائجه حسب الضوابط الانتهازية والطائفية المريضة.
ولااحد يعرف اين كانت نفس هذه الاصوات والابواق والطبول الفارغة وتركيا تصول وتجول في كردستان العراق الى حد معلن اربعين كيلو متر عمقا في الاراضي العراقية منذ عدة اشهر!! فهل هي الوطنية المجزئة ام ان مايحل لبني عثمان لايحل لبني فارس !!؟
ان العراق ليس لقمة سائغة لهذا الطرف او لذاك، وقد عبر عن موقفه الرسمي رئيس الحكومة العراقية ووزير الخارجية والناطق باسم الحكومة العراقية، والعراق في طريقه الصحيح نحو تكامل عناصر قوته الاقتصادية والاجتماعية والدستورية وحتى العسكرية. وحقل الفكة سيرجع الى احضان بلده العراق لكن بدون قادسية المالكي لان الرجل ليس من دعاة الحروب والبطولات الورقية ولاننا سئمنا الموت والحروب والدماء ولان المالكي هو نتاج عملية ديمقراطية قد يبقى في احسن احواله الى ولاية دستورية جديدة او يغادر منصبه بعد شهرين، وسنكون حينها بحاجة ماسة الى لقب جديد وقادسية جديدة !! حقل الفكة سيرجع بفن السياسة والاقتصاد والدبلوماسية والفكة سيرجع حتى لو اضطرت عشائر البومحمد والسواعد وال ازريج والسودان والبهاذل والبو دراج والمواجد ان تمشي على الاقدام وبشكل سلمي لتزيح الجنود الايرانيين وترفع العلم العراقي. فالعراق ليس بحاجة الى قادسيات وامهات المعارك وحواسم جديدة بل بحاجة الى سلم أهلي والى اطمئنان ونظرة تفاؤلية الى المستقبل. فلقد شبعنا موت ودمار وخراب حد التخمة.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات