بقيت على جهل تام بوضع الأقلية القبطية في مصر حتى نهاية التسعينات من القرن الماضي عندما بدأت النشاط في المجال الحقوقي، بما في ذلك في فترة رئاستي لفرع تونس لمنظمة العفو الدولية. و لم يتغير الأمر كثيرا عندما بدأت اطلع على الوضع العربي بقراءتي اليومية لصحيفة إيلاف و بعض المواقع الالكترونية العربية الأخرى. لكن حضوري لآخر مؤتمر نظمته quot;أقباط متحدونquot; بمدينة زيوريخ أعاد لي الوعي بهذه القضية و هذا ما أود أن أركز عليه في هذا المقال.
جاءت دعوتي للمؤتمر اثر نشري مقالا على إيلاف ردا على مقال للكاتب الفلسطيني سلمان مصالحة يبرر فيه رفضه قبول الدعوة لحضور المؤتمر، فندت فيه المبررات التي قدمها المصالحة على اعتبارها ضعيفة و غير موثقة. و كانت بذلك فرصتي الأولى - و الأخيرة للأسف - لأتعرف عن قرب على الرجل و عمله الدائب للدفاع عن الأقلية التي ينتمي إليها.
بالإضافة للسخاء الذي عرف به quot;الباش مهندسquot; الذي سخر ثروته لتنظيم المؤتمر، كان أول ما لاحظت العدد الكبير من الحاضرين الأقباط الذين جاؤوا من مصر و من باقي دول العالم، مما أكد لي الاحترام الذي تحظى به quot;أقباط متحدونquot; و قدرة عدلي ابادير على جمع الناشطين الأقباط في مجالات مختلفة مثل الإعلام و النشاط الحقوقي و الفكر... كما تم استدعاء ممثلين لأقليات أخرى تعيش أوضاعا مشابهة في المنطقة، بما في ذلك ممثلين للأكراد و المسيحيين العراقيين و مسيحيي جنوب السودان و الامازيغ، إيمانا من عدلي ابادير بأهمية التعاون بين هذه الأقليات لتعزيز قدراتها على استعادة حقوقها المسلوبة. وكان للعرب المسلمين نصيب الأسد من مجموع الحاضرين غير الأقباط، بما في ذلك د. شاكر النابلسي الذي عهدت إليه إدارة المؤتمر و د. سعد الدين إبراهيم الذي شارك في إعداد البيان الختامي. و يمثل هذا إدراكا للدور الذي يمكن أن تلعبه قوى الحداثة و التنوير في العالم العربي لإصلاح الخلل الحاصل حاليا و المتمثل في اضطهاد الأقليات بمختلف أنواعها.
عمل عدلي ابادير أيضا على أن يجمع تحت سقف واحد شخصيات غربية مؤثرة مثل الباحث في الشؤون الإسلامية quot;دانيال بايبسquot; الذي شغل منصب مدير سابق لمعهد السلام الأمريكي و مسئولة عن الحريات الدينية بالكونجرس الأمريكي وعيا منه بأهمية كسب الرأي العام العالمي لجانب الأقباط و الدور الذي يمكن أن تلعبه دولة كبرى مثل أمريكا في الدفاع عن حقوقهم.
ختاما اعتقد أن أهم ما يمكن أن يقوم به أصدقاء عدلي ابادير و معاونيه و ضيوفه السابقين هو أن يسيروا على نفس النهج بتطوير عمل quot;أقباط متحدونquot; بما في ذلك إنشاء قناة فضائية تركز على الجانب الحقوقي لهذه الأقلية الكريمة التي أثبتت العملية الإجرامية الأخيرة في نجع حمادي إلى أي مدى تم استحلال أموالها و دمائها دون رادع. و انتهز هذه الفرصة لتقديم تعازي الصادقة لعائلة الفقيد و معاونيه و في مقدمتهم خادمه الأمين مدحت قلادة.
التعليقات