حسن نصرالله عام 2010، هو قطعا ليس کحسن نصرالله عام 2006، حيث کان في عنفوان قوته و نفوذه و سطوته السياسية و العسکرية، وبديهي ان هناك أکثر من عامل او سبب وراء ذلك لکن السبب الاکبر يبقى مرتبطا بتراجع الدور الايراني رويدا رويدا و تقوقعه الى حد ما ضمن خطوط محددة، هذا التراجع الذي کان له علاقة قوية بالهبوط المريع في اسعار البترول و الازمة الاقتصادية العالمية و بروز الدور السعودي بشکل ملفت للنظر على مختلف الاصعدة، وإزدياد الضغوطات الدولية ضد طهران، بالاضافة الى سبب حيوي و حاسم آخر في خلخلة الاوضاع السياسية و الاقتصادية و الامنية الايرانية يتعلق بتعاظم حجم و دور قوى المعارضة و التغيير داخل و خارج إيران.


وإذا ماکان السيد حسن نصرالله لايخفي او يموه على الدعم الايراني (الکبير جدا)المقدم له، فإن المتابع البسيط للامور السياسية يدرك جيدا بأن علة ضخامة الدعم الايراني يعود لأجندة و اهداف سياسية أمنية استراتيجية ترتبط بمستقبل و مصير النظام الديني في إيران، وهو أمر جلي و واضح جدا للشارع الايراني الذي لايخفي أيضا حنقه و سخطه من(سخاوة)الدعم المقدم لحزب الله اللبناني و يعتبره غبنا و ظلما مرتکبا من قبل النظام بحق الموارد الوطنية للبلاد. والحق، أن حجم الدعم الکبير و غير العادي الذي قدمه النظام الايراني طوال الاعوام الماضية و الملابسات و التعقيدات و التداعيات التي نجمت عن ذلك، دفعت طهران لکي تتمسك بورقة حزب الله کاحدى الخيارات الاستراتيجية لها، و مامن شك أن هذه الورقة بقدر ما انها مکلفة و مرهقة للخزينة الايرانية، فإنه ليس هناك من خيار آخر أمام النظام سوى الاستمرار في اللعبة حتى النهاية. وقد يتصور البعض ان تراجع الدور الايراني للأسباب التي سردناها آنفا سيرافقه حتما تراجعا في حجم الدعم المقدم للحزب من جانب طهران، إلا أن اوساطا سياسية و اعلامية مطلعة في بعض من العواصم الاوربية و الاقليمية لاتوافق على هذا التحليل و ترى بأن حجم الدعم و قياسا للاوضاع الاقتصادية الايرانية السيئة الى حد ما، مايزال قويا و يحتل اولوية و صدارة بالنسبة للنظام ومن المؤکد بأن فترة(الليونة و المرونة)السياسية التي مر بها حزب الله خلال الاعوام القليلة الماضية بعد حرب تموز 2006، لم تکن سوى مناورة سياسية من نوع خاص نجح الحزب ومن خلفه النظام الايراني بخداع العالم و التمويه عليه بأن هنالك تراجع فعلي في حجم الدعم المقدم للحزب وان ماقدم و تم ضخه للحزب من دعم و إمدادات طوال الاعوام الثلاثة الماضية تکفي لتسليح جيش بلد بأکمله تمهيدا لحرب قادمة بإنتظاره بل وان بعضا من تلك الاوساط الاعلامية و السياسية ترى بأن حجم التسليح يکفي لجيشي دولتين معا.


التصريح الاخير للأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله والذي أکد فيه بأن حربا قادمة فيما لو وقعت بين حزبه و اسرائيل فإنها ستغير من وجه المنطقة، هو تصريح من النوعquot;الثقيل جداquot;سياسيا و امنيا وليس بالامکان إعتباره مجرد تصريح عرضي إذ يتضمن بين سطوره و کلماته أکثر من رسالة لأکثر من طرف إقليمي و دولي وفي الوقت الذي بالامکان تفسيره وتأويله وفق سياق توجس الحزب من الحرب و قلقه من خوضها(وهو عين الموقف الايراني)، فإنه في نفس الوقت قد يکون رسالة ذات مضمون شمشوني(علي وعلى أعدائي) بحيث أن الحزب يريد ان يخبر الجميع بأنه لن ينزلق لوحده للهاوية وانما سيکون هناك مصير من هذا النوع او مشابه له لدول و اطراف اخرى سيما تلك التي تحبذ و تتمنى نهاية غير سعيدة لهذا الحزب. واغلب الظن انه قد يکون قصد السيد نصرالله من وراء تصريحه القوي هذا مبنيا على إحتمال تدخل إيراني غير منتظر او متوقع في الحرب باسلحة غير تقليدية خصوصا وان نجاح طهران في خداع العالم و التمويه عليه فيما يتعلق ببرنامجها النووي قد تدفع لثمة قناعة بأنه قد يکون أنجز ماقد يفاجأ العالم کله وهو امر سبق وان قامت به طهران و نجحت فيه تماما سيما في نطنز و قم.