لا شك أننى عشت أياما جميلة فى الأسبوعين الماضيين وأنا أتابع فريق مصر لكرة القدم وهو يقوم بهزيمة أربع فرق أفريقية مؤهلة لكأس العالم، ثم شاهدته اليوم وهو يفوز بكأس أفريقيا للمرة الثالثة على التوالى والسابعة فى عمر المسابقة، وإستمتعت بالنجوم الجدد الذين أصر المدرب حسن شحاتة على ضمهم للمنتخب بدلا عن النجوم الكبار ضاربا عرض الحائط بالهجوم الإعلامى، وكنت أنا أحد الذين إنتقدوا حسن شحاتة، وقلت لصديقى:quot;معقول حسن شحاتة يسيب عمرو زكى، وميدو، وبركات، ومحمد شوقى، وحمص، وياخد واحد إسمه جدو، بقى فيه لاعب إسمه جدو، بالذمة مين جدو ده؟quot;، وإذا ب (جدو) يحرز هدف الفوز والإنقاذ فى وقت قاتل لمصر ويصبح هداف البطولة، وأخذت أتساءل عن سر هذا الفريق وسر قائده، وبالطبع سر هذا الفريق ليس أنهم يسجدون بعد كل هدف، وليس السر فى أنهم يطلقون عليهم إسم quot;منتخب الفراعنةquot;، ولكن لأن وراءه عدة أسباب علمية بحتة:

أولا: القيادة التى لا تهمها شعبيتها بقدر ما تهمها عمل ما تؤمن به، حتى لو كان هذا ضد التيار.

ثانيا: المساواة فى الإختيار بين اللاعبين بدون واسطة وبدون مجاملة.

ثالثا: إعطاء الفرصة للشباب حتى لو كان إسمه (جدو)!!

رابعا: التفاهم بين القيادة واللاعبين، وتنفيذ الخطط التى وضعتها القيادة وإرتضاها اللاعبين.

خامسا: العمل بروح الفريق.

سادسا: التخلى عن النجم الأوحد.

سابعا: الحسم والحزم فى إدارة الفريق.

ثامنا: وضع خطط تدريبية مستمرة تتطوروتتغير حسب الظروف والفريق المنافس، وليست خطط جامدة عتيقة يدعون أنها تصلح لكل زمان ومكان.

تاسعا: جهد فائق فى التدريب المستمر الجاد.

عاشرا: التحلى بالروح والأخلاق الرياضية طوال البطولة، برغم الشحن الإعلامى السلبى فى بعض الأحيان.

حادى عشر: تأييد وتجاوب شعبى من 80 مليون مصرى من الإسكندرية إلى أسوان ومن العريش إلى مرسى مطروح، مسلمين ومسيحيين، صعايدة وفلاحين، عرب وبدو، إهلاوية وزملكاوية، فى وحدة وطنية حقيقية.

ثانى عشر: الإيمان بالهدف والعمل على تحقيقه.

ثالث عشر: العمل فى صمت وتصميم والصبر على إنتظارالنتائج

رابع عشر: عدم التهاون بالخصم والمنافس.

خامس عشر: معاقبة المخطئ ومكافأة المجتهد

سادس عشر: الإيمان والأمل بأن هذا الشعب المصرى وللاّد دائما وأنه كما أنجب نجيب محفوظ، أنجب جدو!!

....

أليست هذه كلها هى أسس الحداثة، والسبيل الوحيد للتقدم.
ألف مبروك لمصر، وأرجو أن يتم تعميم البنود الست عشر أعلاه فى كافة أمور الحياة، حتى تنتقل مصر إلى مرحلة الحداثة الحقيقة بتبنى العلم والمعرفة والتدريب والعمل الشاق والمخلص والمساواة فى الفرص لكافة أفراد الشعب المصرى.
وإذا تساءلت عن سر نزول المصريين بالملايين إلى الشوارع، أقول لك ليس لأنه لا توجد لديهم أية إنتصارات أخرى، ولكن لأنهم يدركون بفطرتهم الحضارية بأن هذا النصر مستحق وجاء نتيجة العرق المستمر، وربما لأنه الحقيقة الكبرى فى حياتهم، وربما لإدراكهم فى أعماق هذا الشعب العريق بأنه هناك تحت الرماد شعلة متقدة يمكن أن تضئ للبشرية مرة أخرى كما أضاءت عبر التاريخ.


[email protected]