... (ولو مش فاضى فوت علينا بكرة)
كتب بديع خيرى (1893 ndash; 1966) إغنيته الشهيرة (قوم يامصرى) والتى غناها سيد درويش أيام ثورة 1919 (وممكن الإستماع إليها على الرابط التالى)
http://www.youtube.com/watch?v=XrDMdZBdo0Y
وسوف أنقل الإغنية كاملة لتعميم الفائدة :
قوم يامصرى مصر دايما بتناديك
خد بنصرى نصرى دين واجب عليك
يوم ما سعدى راح هدر قدام عينيك
عيد لى مجدى إللى ضيعته بإيديك
شوف جدودك فى قبورهم ليل نهار
من جمودك كل عضمة ب تستجار
فين آثارك يا للى دنست الآثار
دول فاتوا لك مجد وإنت فت عار
شفت أى بلاد يامصرى فى الجمال
تيجى زى بلادك إللى ترابها مال
نيلها جى السعد منه حلال زلال
كل حى يفوز برزقه عيشته عال
يوم مبارك تم لك فيه السعود
حب جارك قبل ما تحب الوجود
إيه نصارى ومسلمين آل إيه ويهود
دى العبارة نسل واحد من الجدود
ليه يامصرى كل أحوالك عجب
تشكى فقرك وإنت ماشى فوق دهب
مصر جنة طول ما فيها إنت يانيل
عمر إبنك لم يعيش فيها أبدا ذليل
***
عندما تزوجت فى فصل الشتاء فى القرن الماضى، إستطعت إقناع زوجتى أنه بدلا من قضاء شهر العسل فى أوروبا وسط الثلوج والبرد والصقيع، لماذا لا نقضى شهر العسل فى مصر، وبالفعل قمنا بقضاء شهرالعسل فى زيارة لمنتجعات سيناء فى شرم الشيخ ودهب ونويبع، ثم ذهبنا إلى الغردقة ومنها إلى الإقصر، وكانت زيارة الإقصر هى مسك الختام وأكثر ما إستمتعت به هى زيارة معبد الإقصر حيث إتهمتنى زوجتى (العروسة وقتها) بإننى أشبه أخناتون!! ولم أرد أن أناقشها لأننا كنا فى شهر العسل، وحتى الآن لا أحب أن أجادلها عملا بالمقولة الشهيرة:quot;الباب إللى يجيلك منه الريح، سده وإستريحquot;. أما درة زيارتنا فكانت بالقطع هى زيارتنا لمعبد الكرنك سواء نهارا أو ليلا للإستمتاع بالصوت والضوء، ومعبد الكرنك يجب أن يزوره كل مصرى ليس فقط لكى يشعر بالفخر أن أجداده بنوا كل هذا، ولكن لكى يشعر بالخزى بإدعائه بأنه أحد أحفاد هؤلاء العظماء، وقد كان إبنهارى بتلك الآثار المذهلة مضاعفا نظرا لأننى مهندسا أعمل فى عالم البناء والتشييد وأدرك تماما صعوبة بناء تلك المعابد الضخمة حتى بآلات التشييد الحديثة، فما بالك ببنائها بآلات بدائية منذ آلاف السنين، وبالفعل كنت أتسائل أين ذهب أحفاد هؤلاء العظماء وهل حقا نحن أحفادهم؟ وهل كلام بديع خيرى:
عيد لى مجدى إللى ضيعته بإيديك
شوف جدودك فى قبورهم ليل نهار
من جمودك كل عضمة ب تستجار
فين آثارك يا للى دنست الآثار
دول فاتوا لك مجد وإنت فت عار
وهل حقا مصريون القرن الواحد والعشرين بعد الميلاد يعتبروا عارا على مصريين القرن الواحد والعشرين قبل الميلاد؟
وتخيلت إذا عاد رمسيس الثانى من مقبرته والمحنط بالمتحف المصرى، ونزل إلى ميدان التحرير لكى يشاهد أحفاده، ومن أفضل من الدكتور زاهى حواس مسئول الآثار الأول فى مصر لمصاحبة رمسيس الثانى فى رحلته الأولى فى القاهرة فماذا سوف يكون المشهد؟
د. حواس : أنا حاخد جلالتكم اليوم فى جولة سياحية فى مصر.
رمسيس: أنا جعان، أنا بقالى ييجى أربعتلاف سنة ما كلتش، إمال فين العسل والفول المدمس إللى كانوا محنطينه ودفنوه معايا.
د. حواس: إيه رأيك نجيب لك أكل طازة.
رمسيس: عندكم أكل إيه.
د.حواس: عندنا محشى ورق عنب وحمام محشى وسلطة بلدى وأم على.
رمسيس: أنا ما أعرفش الأكلات دى، أنا عاوز فول مدمس وعيش وعسل.
د. حواس: أمر جلالتك.
رمسيس: أنا النيل وحشنى قوى هو فين النيل أنا مش شايفه ليه، أنا كنت بأقدر أشوف النيل من كل حتة؟
د. حواس: النيل العظيم موجود، وهو سر بقاء مصر آلاف السنين.
يأخذ د. حواس رمسيس إلى مطعم فلفلة على النيل، ويجلسان، ويأخذ رمسيس فى النظر حوله يحاول أن يفهم كل شئ حوله، ويطلب د.حواس الطعام ، وعندما يسأل الجرسون عن طلبات الشرب، يطلب د. حواس مياه معدنية وكوكاكولا.
وهنا يسأل رمسيس: أنا عاوز جعه.
د. حواس: قصدك بيرة (هات لنا يابنى إتنين بيرة هينكين)
وعندما يحضر الطعام، يبدأ يسأل رمسيس عن نوعية الأكل.
رمسيس: العيش ده طعمه غريب، معمول فين ده.
د. حواس: معمول هنا طازة فى المطعم.
رمسيس: لكن ده مش طعم القمح المصرى.
(يصاب د. حواس بالحرج)
د. حواس: آه ده لازم قمح أمريكى.
رمسيس: يعنى إيه أمريكى؟
د. حواس: يعنى مش مزروع هنا، مزروع خارج مصر.
رمسيس: معقول مصر مش بتزرع أكلها، إمال عايشين تعملوا إيه، إللى ما يزرعش أكله ما يستاهلش الحياة.
ينظر رمسيس بتعجب إلى العمارات الشاهقة على ضفتى النيل ويسأل: إيه البنايات الضخمة دى كلها؟ كل دى معابد؟ وإزاى تبنوا المعابد دى على ضفاف النهر العظيم، إنتو كده كابسين على نفسه، إمال بتزرعوا فين؟
د. حواس: دى مش معابد جلالتك، دى مساكن، وإحنا بدأنا نزرع الصحراء.
رمسيس: يعنى بتبنوا معابدكم ومساكنكم مكان الزراعة وبتروحوا ترزعوا فى الصحراء إللى ما فيهاش مية؟!!
د. حواس: ماهى مصر توسعت قوى.
رمسيس: ومين فرعون مصر دلوقت، أتعشم إنه يكون حد من أحفاد أحفادى.
د. حواس: ما أفتكرش أنه أحد أحفادك، مصر دلوقت ما فيهاش فرعون، لكن عندنا الرئيس مبارك.
رمسيس: مو با رك، مين ده؟
د. حواس: ده هو كدة زى الفرعون، بس إحنا بنقول عليه الرئيس.
رمسيس: ومين الملكة بتاعتكم؟
د. حواس: ما عندناش ملكة !!
رمسيس: إزاى مصر ما يكونش عندها ملكة، وبالمناسبة فين الستات المصريات.
د. حواس: فيه ستات كتير حوالينا، بس مغطين شعرهم ولابسين طويل شوية.
رمسيس: وليه المرأة بتخبى جمالها إللى خلقه الإله رع العظيم.
د. حواس: عشان منعا للفتنة.
رمسيس: وهو فيه أجمل من المرأة وفتنة المرأة، وفين معابد الآلهة بتاعتكم.
د. حواس: إحنا بنعبد إله واحد.
رمسيس: كان فيه ناس مردتين أيامى بينادوا بعبادة إله واحد، لكن قدرنا نقضى عليهم ببركة الإله رع، وليه معابدكم أو مساكنم دى شكلها وحش قوى كده ليه وإيه التراب الأسود إللى فى الجو ده؟، وأيه الناس الكثير إللى ماشيين فى الطرقات بيعملوا إيه؟، ليه مش بيشتغلوا فى مزارعهم وفى بناء المعابد والأهرامات؟، وإيه الطرقات القذرة دى؟، حتى قاذوراتكم بترموها فى النيل، إنتوا مش مقدرين غضب إله النيل العظيم عليكم، أنا مش شايف قدامى أى حاجة حلوة، حتى الستات بقى شكلهم وحش قوى، إدينى كوب جعة خلينى أنسى المناظر دى شوية.
د. حواس: إتفضل ، فى صحة جلالتك.
رمسيس: مال طعمها متغير ليه؟ دى جعة مصرى دى؟
د. حواس (يحاول أن يدارى خجله): لأ دى معمولة خارج مصر، فى ألمانيا.
رمسيس: حتى الجعة أو البيرة زى ما بتقولوا عليها، إنت عارف إن عالم مصرى فى القصر بتاعى هو إللى إخترع البيرة، كسفتونا ، رع يكسفكم!!
(يصمت الدكتور حواس)
رمسيس: يلا بينا، رجعنى المقبرة بتاعتى تانى، أنا كنت فاكر عملت حاجات كويسة فى حياتى أستاهل أروح الحياة الخالدة الجميلة، لكن لقيت إنى بعثت إلى جهنم.
التعليقات