قناة لهلوبة الفضائية أصبحت المصدر الرئيسى للمعرفة العربية فى القرن الواحد والعشرين، ومصدر رئيسى من مصادر الغيبوبة والتى تعيشها تلك الأمة، تتحدث مع أى شخص عربى مثقف أو متعلم أو نصف متعلم أوجاهل أو نصف جاهل ويبدأ معك بالحوار قائلا: quot;لأ .. بجد أنا شفتها فى قناة لهلوبةquot;، وكأنه قرأها فى البخارى، وأمتنا quot;العظيمةquot; أمة متلقية أى أنها تتلقى المعرفة من الغرب وتتلقى وسائل الحضارة من الغرب وتتلقى كل شئ من الإبرة إلى الصاروخ وهى متلقية على ظهرها فاغرة فاها وممسكة بخرطوم الأرجيلة، وأهم مصادر هذا التلقى هوالتليفزيون وهو الجهاز الذى أصبح فى متناول العامة قبل الخاصة، وأصبحت مشاركتنا الوحيدة فى أخبار التليفزيون على المستوى المحلى والعالمى عن طريق أعمالنا quot;البطوليةquot; من تفجير وقتل وإنتحار، ولما برعنا فى كل أنواع التفجيرات قررنا البدء فى أعمال تصدير خبرات التفجير واسميناها غزوات فكانت غزوة نيويورك وغزوة واشنطن ومدريد ولندن، وأصبحنا كالجربان يهرب منه الجميع فى المطارات العالمية والأماكن العامة، واصبح شبابنا وشيوخنا يعامل معاملة المتسول على أبواب سفارات العالم، ولولا بترولنا لأقام العالم سور عازل حولنا بإرتفاع أهرامات الجيزة بدون أى مخرج quot;وفين يوجعكquot; لأى شخص يحاول الخروج خارج هذا السور العازل، ولما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع قررنا الإنكفاء على أنفسنا وعمل سور تخلف حولنا بأيدينا quot;بيدى لا بيد عمروquot;، ويتكون هذا السور من كم هائل من فضائيات الفقهاء وفضائيات الفيديو كليب، وأصبح المجتمع ممزق ما بين فقهاء يعلمونه كل شئ إبتداء من دخول الحمام ونهاية بكيفية ممارسة الجنس مع الزوجة ومرورا بشرب بول البعير، وبين فتيات quot;زى لهطة القشطةquot; يتمايلن على أنغام موسيقى لا هى شرقية ولا غربية مع تركيز كاميرات الفيديو كليب على كل الهضاب والمرتفعات فى الأجساد المرتعشة، وأصبحنا ممزقين بين يمنع quot;البوسquot; وبين من يحلل إرضاع الكبير، وعلى رأى مؤلف إنترنيتى مجهول عندما قال:quot;ما تشوفوا لنا حل: نبوس وما نرضعش ، ولا نرضع وما نبوسشquot;، وأصبح الشاب أو الشابة تشاهد الشيخ الزعبلاوى على أحدى القنوات ثم بضغضة زر يشاهد المطربة والراقصة quot;محاسن الصدفquot; وهى تمارس عزفا منفردا من جنس الشفايف والتأوهات والنهود والبطون والمؤخرات.
وفى الحقيقة فإن معظم قنوات الفقهاء تبيع الوهم، سواء وهم الخوف من العذاب أو وهم الأساطير التاريخية من جهة، ومن جهة أخرى تبيع قنوات الفيديو كليب وهم الشبق الجنسى وتساعد على المزيد من الكبت الجنسى، يرى الشاب معظم مغريات الجنس بأحجام كبيرة على الشاشة الصغيرة، ثم ينزل إلى الشارع فيجد فتيات يخفين أى رمز للأنوثة فيغنى :quot;كعب الغزال يامتحنى بدم الغزالquot;، ثم يذهب بعد هذا ليمارس العادة السرية قبل النوم ثم يستيقظ ويستحم قبل صلاة الفجر وهو يتمزق بين غريزته والكبت الجنسى والشعور بالذنب.
... ويذهب نفس الشاب ويشاهد الشيخ السماوى وهو يهاجم بلاد الغرب ويعتبرها دار حرب وكفر، ويقلب بين القنوات ليرى الفنانة quot;علياء ذهنىquot; فى فيديو كليب تم تصويره فى إحدى بلاد الكفار ثم يكلم صديقه لكى يصف له مفاتن quot;علياء ذهنىquot; فى تليفون ماركة (نوكيا) الفنلندى وبعد طعام العشاء يدخل نفس الشاب على الإختراع الجهنمى quot;الكافرquot; والمسمى بالإنترنت ويحاول التعرف من خلال موقع الفيس بوك الأمريكى الكافر على صديقة أو صديق، ويتمزق صاحبنا بين إستخدام أدوات الحضارة الغربية الكافرة وبين أن يصدق أنها دار كفر يتوجب الجهاد ضدها، ويتطرف بعضهم ويرى أن يبعد تماما عن مظاهر تلك الحضارة حتى يصل به الحد إلى الإختباء فى الكهوف أو يفجر نفسه فى دار عبادة لطائفة تختلف عن طائفته، وأصبحنا نؤمن بأن العالم كله يتآمر ضدنا وضد quot;حضارتنا العظيمةquot;، وهذا فيه إحساس معقد ومزدوج ما بين شعورشديد بالدونية الغير مبررة وفى نفس الوقت شعور بالعظمة الكاذبة.
ومع إزدياد أعداد قنوات فقهاء وبوتيكات الفتاوى تزداد فى نفس الوقت قنوات الفيديو كليب، وهناك من المستثمرين الكبار من يملكون قناة من كل نوع عملا بالمقولة :quot;ساعة لربك وساعة لحظكquot; أو المقولة العظيمة الأخرى :quot;هذه نقرة وتلك نقرةquot;، وأصبحنا نرى أمامنا على مدى 24 ساعة تجارة بالدين من جهة وتجارة بالأجساد من جهة أخرى، وإشتد الطلب فى الأسواق على الفقهاء من جهة وعلى الأجساد الجميلة من جهة أخرى لملأ ساعات الإرسال الممتدة إلى ما لانهاية.

...

ويتبع بعض الفقهاء أساليب رخيصة ومعروفة سبقهم إليها بنصف قرن الدكتور جوزيف جوبلز عبقرى الدعاية النازية وإنتهى به الأمر إلى الإنتحار عندما إكتشف العالم واحدة من أكبر كذبات التاريخ، فعلى سبيل المثال كنت أقلب القنوات التليفزيونية منذ أيام بحثا عن فيلم جيد أو عن مباراة فى كرة القدم تعثرت فى قناة لهلوبة الفضائية ووجدت الصديق المتميز والجرئ الدكتور خالد منتصر يجرى مناظرة عبر برنامج الشريك المخالف مع أحد نجوم فقهاء الفضائيات وبالرغم من أن موضوع الحلقة هو تدريس الثقافة الجنسية إلا أن الشيخ الأزهرى لم يترك مناسبة إلا وهاجم فيها أمريكا بمناسبة أو بدون مناسبة ومن أساليب الكذب المعروفة هو ذكر أرقام وإحصائيات وأسماء شهيرة ووضع مقتطفات مبتسرة من أقوالهم (على طريقة وشهد شاهد من أهلها)، وكانت كذبته الكبرى هو أنه فى أمريكا يعلمون الجنس عن طريق ترك حمامات المدارس بدون أبواب وذلك حتى يتسنى للطلبة والطالبات لكى يروا كل شئ على الطبيعة، وقال بالحرف الواحد وبثقة من شاهد وليس من سمع:quot; تخيل كده مدرسة مشتركة وفتحت فيها أبواب دورات المياه دون أبواب كما في أميركا وده من التربية الجنسية عندهم علشان يطلع ويرى الأعضاء ويبقى شيئا طبيعياquot; ولست أدرى أى مدرسة فى أمريكا بدون أبواب للحمامات، وهذه الأكاذيب نتاج عقول مريضة مملوؤة بالكراهية لكل ما هو متقدم ولكل ما هو عقلانى، مثل الدكتور quot;هذلول البحارquot; والذى إنتشر فى الفضائيات لأنه حاول أن يقنع البسطاء بأن القرآن حوى كل العلوم إبتداء من المضادات الحيوية وإنتهاء بكل علوم الفضاء مرورا بعلم الأجنة، ويستخدم معلومات مغلوطة وكاذبة بدون أى دليل علمى، وفى هذا إهانه كبيرة (بدون أن يقصد) للقرآن كما أنها إهانة مقصودة للعلم، وعن طريق نشر تلك الأكاذيب يبدا الشباب بالإقتناع بأننا أفضل كثيرا من الغرب ليس فقط على المستوى الأخلاقى والدينى ولكن حتى على مستوى العلم الذى يفتخرون به فقرآننا الكريم قد حوى وأوعى كل فروع العلم قبل الغرب بقرون، وأنه منذ الحروب الصليبية يتآمر علينا لإبعادنا عن ديننا لكى نتبع ملتهم، ونتج لدينا شباب يكره أمريكا والغرب بعنف وفى نفس الوقت يستخدم كل وسائل الغرب بصفة يومية ويقف بالطوابير عى أبواب السفارات الأمريكية يتسول تاشيرة دخول!!

[email protected]