أنصح بقراءة الجزء الأول والجزء الثانى بالضغط هنا quot;الجزء الأولquot; quot;الجزء الثانيquot;
أعتذر للقراء بأن تلك الرسائل المتبادلة ستحتاج إلى جزء رابع نظرا لطولها (الممل فى بعض الأحيان)، ورغم أن هناك العديد من التكرار وخاصة من جانب AVI للتأكيد على الحق التاريخى والتوراتى لليهود فى إسرائيل وبالرغم من أننى أختلف معه جملة وتفصيلا فى هذا إلا أننى حرصت على دقة الترجمة كاملة بالرغم من هذا التكرار، وللقراء الرد كما يريدون وأرجو أن يكون الرد مبنيا على حقائق وليست مجرد ردود إنفعالية تصل أحيانا إلى حد الإهانة الشخصية، لأن الحوار الموضوعى المتحضر هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى السلام، جربنا حروبا كثيرة وهدم منازل وتشريد وحواجز وإضطهاد وقتل أبرياء من الجانبين، إلا أن هذا لم يمنع الفلسطينيين من الحلم بدولتهم المستقلة ذات السيادة، ولم يمنع أيضا الإسرائيليين من التمسك بدولتهم، صدقونى لن يستطيع الإسرائيلون طرد 6 مليون فلسطينى إلى الصحراء، ولن يستطيع العرب إلقاء 6 مليون يهودى فى البحر. قدرنا هو أن نعيش سويا بسلام عادل ودائم، ليس هدنة أو سلام مؤقت، لذا يجب أن نتكلم عن كل المواضيع ولنبدأ بالمواضيع الأكثر صعوبة، مثل المستوطنات والأمن لإسرائيل وعودة اللاجئين والقدس والحدود الدائمة لكلا من الدولتين.

.......
ردى على رسالة AVIالأخيرة:
عزيزى AVI:
أختلف معك تماما عما ذكرته فى رسالتك الأخيرة بالنص التالى:quot; حقوق اليهود فى أرض إشرائيل يعود إلى آلاف السنين .. وأرض إسرائيل كما ذكرت فى (زمن العهد القديم) كانت مهد ممالك اليهودquot;
هذا الحق الذى ذكرت أنه موجود فى العهد القديم لا يوافق إعتقادات كل الناس، فعلى سبيل المثال هناك بعض المتطرفين اليهود يؤمنون بأنه مذكور فى التوارة :quot;أنه لا غبار على قتل غير اليهودquot;، ومنذ عدة سنوات قرأت فى جريدة الجيروساليم بوست الإسرائيلية مقابلة مع أحد قادة المتطرفين اليهود الذى أكد على أنه أعطى quot;فتوىquot; بقتل العرب وقال بالحرف الواحد:quot;هذه ليست تعليمات منى إنها تعليمات التواراةquot; فهل تعتقد أن هذا يعطى الحق لليهود بقتل العرب وغير اليهود؟؟
ومن ناحية أخرى تجد أن بعض المتطرفين المسلمين يستخدمون آيات من القرآن لتبرير قتل اليهود، فهل تعتقد أن هذا تبرير لقتل اليهود؟؟
ومرة أخرى أخبرك أن الهجرة اليهودية إلى فلسطين تمت أساسا بسبب إضطهاد اليهود وليس بسبب معتقدات دينية وحقوق توراتية. ولكى أثبت لك ما أقول: أنا واثق أنك تعرف أن الحركة الصهيونية كانت لديها أفكارا فى القرن التاسع عشر لخلق دولة يهودية فى أفريقيا بدلا من فلسطين، ولكن الفكرة إستبعدت.
ومثال آخر: هل تعتقد أن من حق الهنود الحمر المطالبة بالأراضى الأمريكية، وإعطاء كل المواطنين الأمريكان قطعة أرض لإنشاء دولتهم المستقلة؟!! وهنا حق الهنود الحمر فى أمريكا واضح بجلاء ولا يعتمد على حقوق توراتية، ولكن لا يوجد أحد يؤيد هذه الفكرة.
الإمبراطوريات القديمة: المصرية والرومانية والفارسية والإسلامية إمتدت خارج حدودها فهل تعتقد أن المصريين والإيطاليين والإيرانيين والأتراك لهم أية حقوق فى تلك الأراضى؟؟
وبعض الإسلاميين يعتقدون أن العرب يجب عليهم المطالبة بأسبانيا لمجرد أنهم مكثوا هناك 800 عام.
بعض المتطرفين الإسلاميين يعتقدون بأن سكان العالم كله يجب أن يعتنقوا الإسلام، وأنهم لن يلقوا السلاح حتى يحققوا ذلك (الجهاد) ويستخدمون آيات من القرآن لإثبات ذلك، فهل تعتقد أن هذا quot;أوكىquot;.
لقد تعلمنا فى المدارس أن أن هناك نص فى التوراة يقولquot;من الفرات إلى النيل أرضك ياإسرائيلquot; ! فهل هذا حقيقى؟ وهل تعتقد أن شعب إسرائيل سوف يحاول التوسع إلى هذه الحدود الجديدة؟؟ ولم لا؟ أليس هذا حق توراتى.؟
لقد ذكرت أيضا أن القانون فى إسرائيل يسمح لكل يهودى فى العالم بالحضور إلى إسرائيل ويصبح فورا مواطنا إسرائيليا. وأنا أرى أن هذا غريب جدا لأنه يحول الديانة اليهودية إلى مواطنة، وبالإضافة إلى هذا هل تعتقد أن إسرائيل لديها أراضى كافية لإستيعاب 7 مليون يهودى إضافى إذا قرروا فجأة الحضور إلى إسرائيل؟؟ أم أن إسرائيل سوف تتوسع خارج حدودها؟ أنا أفكر بصوت عال وأريد أن أذكر لك بعض مخاوف العالم العربى من دولة إسرائيل.
ومرة أخرى صدقنى معظم اليهود هاجروا إلى أرض فلسطين بسبب الإضطهاد وليس بسبب quot;الحقوق التوراتيةquot;، أو إشرح لى لماذا يوجد فى أمريكا يهود أكثر من يهود إسرائيل؟
...
إبنتى الصغرى لها صديقة يهودية من أعز صديقاتها إسمها (تامى) وهى من مواليد إيلات وهاجرت إسرتها من إلى أمريكا. لماذا تركوا quot;أرض الوطنquot; وخاصة أنهم من اليهود المتدينيين: يأكلون أكل كوشير، يصلون ويذهبون إلى المعبد اليهودى، ويواظبون على إحترام (يوم السبت). لقد هاجروا إلى أمريكا لنفس سبب هجرتى لأنهم كانوا يسعون إلى حياة أفضل لأبنائهم. نفس الشئ حدث لمعظم اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين كانوا يسعون إلى حياة أفضل، قد يكون هناك بعض العواطف الدينية ولكن السبب الرئيسى هو إيجاد حياة أفضل تماما مثل هجرة الطيور فى الشتاء، إنها تهاجر من أجل حياة أفضل وأكثر أمنا.
أرجو مواصلة حوارنا.

سامى

............
----
عزيزى سامى:
أشكرك على تعليقك وأعتذر عن تأخرى فى الرد، وهذا هو ردى:
معرفة التاريخ لا يعنى أن التاريخ يعيد نفسه، ولكن من أجل أن يكون لك مستقبل يجب أن تعرف التاريخ وليس بأقل أهمية أن نحترم ونقبل التاريخ حتى إن لم يتوافق معنا أو يشعرنا بالإرتياح.
ومعرفة التاريخ والإلمام به لا يعنى إهمال الواقع أو سلب الناس حقوقهم.
وحقيقة أن المسلمين حكموا أسبانيا 800 سنة لا يعنى أن عليهم أن يحكموا إسبانيا فى عام 2010 أو غدا، لأن هناك أشياء كثيرة قد تغيرت، هناك واقع جديد على الأرض ولا يمكن تجاهله. وبالرغم من هذا يجب أن نعترف بهذا التاريخ.
وبالمثل بالنسبة لليهود وأرض إسرائيل. الحقوق التاريخية لليهود فى قطعة الأرض هذه لا تعنى بأن الفلسطينيين ليس لهم أية حقوق فى عام 2010 ولكن هذا يعنى الإعتراف وإحترام تلك الحقوق. لأنك إذا رفضت الإعتراف وإحترام تاريخ الآخرين فلن يكون هناك مستقبل للطرفين.
وانا أقول للفلسطينيين بوضوح وبصوت عال: quot;أنا أعترف وأحترم تاريخكم وإرتباطكم بتلك الأرض. وأحترم مشاعركم وأرتباطكم العاطفى بتلك الأرض، وأنا أؤيد رغبتكم بأن يكون لديكم دولة مستقلة بجوار دولتى المستقلة على هذه الأرض أيضا كجيران طيبينquot; وأنا أتوقع من العرب والفلسطينيين أن يقولوا لى نفس الشئ.
ومع إستمرار الصراع العربى الإسرائيلى أخذ العديد من العرب فى إعادة كتابة التاريخ، وهناك العديد من العرب لايريدون الإعتراف بأن لليهود جذور عميقة فى أرض إسرائيل، إلى حد أنهم ينكرون الإكتشافات الأثرية والدراسات والأبحاث والتى تثبت ذلك. ولذلك فهم يخترعون نظريات وتفسيرات والتى لا علاقة لها بالواقع أو التاريخ.
وفى نظر العديد من العرب فإن دولة إسرائيل هى دولة:quot;إمبريالية، إستعمارية ، مغتصبة، وعنصرية وإنها صنيعة للغرب بناء على بروتوكولات حكماء صهيون quot;. وكأنه ليس لإسرائيل أى جذور أو تاريخ على هذه الأرض. وكأن اليهود لم يستمروا فى التواجد على هذه الأرض لآلاف السنيين . وكأن الإكتشافات الأثرية العديدة غير موجودة (من أوانى فخارية وعملات أثرية ومخطوطات وكتابات ومبان وقرى وأحجار وخرائط وخلافه) والتى تثبت أن اليهود لهم عمق تاريخى فى تلك الأرض.
اليهود لم يهاجروا إلى تلك الأرض ولكنهم عادوا إلى وطنهم، ولماذا عاد اليهود من أوروبا الشرقية ووسط أوروبا وآسيا وعلى بعد آلاف الأميال من بعضهم البعض،والذين عاشوا فى بيئات مختلفة يتحدثون لغات مختلفة (غير العبرية)، لماذا جاءوا هذا دونا عن كل الأماكن إلى تلك الأرض؟ هل لأنهم كانوا يبحثون عن حياة أفضل حسب رأيك؟
الصهاينة الأوائل حضروا فى القرن التاسع عشر من روسيا وبولندا وجاءوا أيضا من اليمن. علموا أنهم سوف يأتون إلى منطقة صعبة جدا: فيها شمس محرقة، ليست غنية بالمصادر الطبيعية، خارجة عن القانون، غير مأهولة ومهملة تحت الحكم العثمانى، منتشر فيها الأمراض والفقر والجوع. لم يأت هنا اليهود لتحسين معيشتهم، على العكس كانوا يعرفون أن حياتهم سوف تكون أسوأ، وكثير منهم ترك وراءه حياة مريحة جدا، وتركوا عائلات وأصدقاء وحياة آمنة.
الموجة التالية من اليهود جاءت من ألمانيا ووسط أوروبا، وأتوا فى ظروف مختلفة تحت الإنتداب البريطانى، ولكن ظروف الحياة كانت أيضا فقيرة وبائسة.وبعد الحرب العالمية الثانية حضرالناجون من محرقة الهولوكوست، وكان هذا فى منتصف الأربعينيات وحضروا إلى أرض يمزقها العنف والنزاع، وظروف الحياة مرة أخرى كانت قاسية وكئيبة وصعبة. وفى الخمسينيات كانت هجرة كبيرة لليهود من البلاد العربية، أتوا إلى إسرائيل حديثة الولادة، بلد فى نزاع مسلح بدون مصادر طبيعية غنية والدولة مشغولة ببقاءها وتقريبا بدون أى موارد مالية، وكانت الدولة تواجه الجوع والفقر، والدولة كان يجب عليها توفير المسكن والتعليم والوظائف والبنية التحتية لمئات الالآف بدون موارد حقيقية. ولم يحدث خلال أى حقبة من تاريخ الحركة الصهيونية وفى بداية إنشاء دولة إسرائيل، أن قال المهاجرين اليهود لأنفسهم: quot;نحن ذاهبون إلى إسرائيل لأن حياتنا سوف تكون أفضل هناكquot;، الواقع كان على العكس تماما ظروف الحياة كانت فقيرة وقاسية وبائسة. ولهذا لم يكن أبدا للبحث عن حياة أفضل كما إقترحت أنت.
هل كان هذا بسبب الإضطهاد كما إقترحت أنت؟ أنت على حق جزئيا، ولكن هذا كان سببا وحيدا، ولكن بالتأكيد لم يكن السبب الرئيسى. اليهود عبر تاريخهم إضطهدوا وعذبوا وإهينوا وقتلوا لا لسبب إلا لأنهم يهود. واليهود كانوا ضحايا لأبشع الجرائم التى أرتكبت فى التاريخ. ومن ناحية أخرى كثير من اليهود الذين أتوا هنا تركوا وراءهم حياة مستقرة وآمنة ومريحة، وكثير من الذين جاءوا بعد الحرب العالمية الثانية من أمريكا وأوروبا لم يعانوا من الإضطهاد وبالرغم ن ذلك إختاروا المجئ إلى هنا. ولذا لم يكن بسبب الإضطاد حسب رأيك.
فما هذا quot;الرابط السحرىquot; الذى يجعل اليهود يشتركون فى نفس الحلم، بالرغم من مجيئهم من ظروف مختلفة وفى أوقات مختلفة؟ ما هى القوة التى حركت اليهود لترك كل شئ وراءهم (والبعض لم يترك أى شئ لأنه لم يكن يملك أى شئ) وأتووا إلى قطعة الأرض هذه بالذات؟
ما هو هذا الرابط الذى ربطهم عبر التاريخ وحتى وقتنا هذا؟ ما الذى جعل قلوب اليهود وعقولهم وأرواحهم ترتبط بأرض إسرائيل؟
(أنا أعلم بأنك قد رأيت بعض اليهود يعيشون فى أمريكا وفخورين ويحبون وطنهم أمريكا، ولن يغادروا أمريكا أبدا لأنهم سعداء بالفرص التى تتاح لهم فى أمريكا)، ولكنهم يقولون جميعا quot;وطننا الحقيقى هوإسرائيلquot;.
قوة الرابط السحرية التى تربط اليهود فى كل أنحاء العالم والتى يحتفظون فيها فى قلوبهم وعقولهم وأرواحهم هى نفس الحلم الذى إحتفظ أجدادهم عبر آلاف السنين وهو العودة يوما ما إلى أرض الوطن أرض إسرائيل المكان الذى عاش فيه اليهود كدولة حرة مستقلة. مكونات هذا الرابط هو المشاعر القوية بالمصير المشترك والذى له خلفيات هوية، دينية وقومية وتراثية لم تذبل أبدا بالرغم من شتات اليهود حول العالم لآلاف السنين وبالرغم من الإضطهاد والقتل الذى مورس ضد اليهود.
لقد تم الحفاظ بمعجزة لآلاف السنين على الأشياءالمشتركة التى تجمع يهود بولندا وألمانيا وفرنسا وأمريكا والعراق وسوريا ومصر وغيرها، أشياء مثل: (التقاليد، اللغة، الذكريات التاريخية). وبدون هذا الرابط السحرى لما كان للصهيونية أو لدولة إسرائيل أن تنشأ. الصهيونية وإنشاء دولة إسرائيل عبرت عن هذا الحلم وعن هذا الرابط التاريخى القوى. الصهيونية ودولة إسرائيل هما تعبير عن أمة قررت أن تأخذ مصيرها بيدها وتحيا فى وطنها بدون الحاجة إلى الآخرين.
لقد تكلمت عن المتطرفين، هناك متطرفون مسلمون ويهود ومسيحيون وغيرهم، الشئ المهم هو التركيز على أن أغلبية الناس غير متطرفين، وهؤلاء الأغلبية لا يتبنون التفسير المتطرف للقرآن أو التوراة. أنا دائما أركز فى محاضراتى على أن غالبية المسلمين أناس عاديين يريدون مستقبل لأبناءهم، وهم ليسوا إرهابيون أو إنتحاريون، هذا التمييز مهم جدا. وأنا أستطيع القول بثقة كبيرة بأن أغلبية الإسرائيلين لهم نفس الهدف وأيضا يرغبون فى حل سلمى. واليهود يعلمون دونا عن كل العالم معنى عدم حصولك على حريتك وإستقلالك. ولهذا فإنى أقول بأن الأغلبية الساحقة من الإسرائيلين يرغبون فى ان يحصل الفلبسطينيون على دولتهم المستقلة، ولا يرغبون فى أن يحكموا الفلسطينيين، أو أن يجعلوا حياتهم صعبة أو يطردونهم من ديارهم. وعلى العكس نحن نرغب أن يكون لهم مستقبل وأمل وأن يكون لهم دولتهم المستقلة بجوار دولة إسرائيل كجيران طيبين. وإسرائيل أثبتت أنها ترغب فى تنازلات موجعة وأن تخاطر من أجل السلام، وترغب فى تنازلات أخرى على أن تكون من الجانبين. وهذا هو الطريق الوحيد للوصول إلى سلام حقيقى ودائم والذى يمنح المستقبل لكلا من الشعبين. وهذا كله لا بد أن يبدأ بأن يكون هناك إعتراف متبادل بين الشعبين بتاريخهم وموروثاتهم ومشاعرهم، إن معرفة وإحترام تاريخ كل طرف هو شرط من شروط المستقبل الإيجابى.
وأتطلع لأسمع منك.
AVI