لم نكن نتوقع من حكومة السيد المالكي والتي لم تدشن عهدها الجديد بعد، أن تٌقدم على خطوة خطرة غير محسوبة العواقب.
ولا أدري هل كان ذلك إستماعا لنصائح المبعوث الأممي المرابط في العراق أد ملكرت السياسي الهولندي الفاشل؟ أم هي خطوة عراقية غير موفقة تضاف الى سلسلة من الخطوات العراقية المرتبكة وخاصة في مجال السياسة الخارجية؟ إن إقدام الحكومة العراقية وهي بالمناسبة حكومة تصريف أعمال على إبرام إتفاق مع الكويت يقضي بإنشاء منطقة عازلة بعرض 500 متر على جانبيي ما تسمى بالحدود بينهما هو تصرف غير دستوري سوف تكون له نتائج وخيمة مستقبلآ وهي خطوة لا يمكن إلا أن تٌصنف على إنها تفريط في حقوق العراق التأريخية، وإعترافآ بحدود وهمية فرضت على العراق في ظل ظروف إستثنائية غاية في التعقيد، وإنحرافآ عن الخط العام الذي سار عليه أغلب من حكموا العراق بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية وأختلافنا مع البعض منهم، علاوة على كونها تٌعدُ عملية تهجير قسري لبعض العراقيين القاطنيين في هذه المناطق وسلبهم لمنازلهم ومزارعهم بالقوة.
والمتابع لسياسة العراق الخارجية وخاصة مع دول الجوار يتلمس بوضوح مدى الأنحدار الكبير الذي تعانيه هذه السياسة التي تفتقد لأبسط أنواع الحنكة والدهاء السياسي في التعامل مع الخصوم ولا نرى منها سوى التنازلات المذلة والمهينة عند أية مواجهة سياسية أو حتى عند التفاوض وفتح بعض الملفات العالقة مع دول الجوار، وهذه السياسة العقيمة بدأت تمس كرامة المواطن العراقي في الصميم وتُرسخ لثقافة إنهزامية في المجتمع العراقي.
إن حل الخلافات وتطبيع العلاقات مع الجوار وخاصة الكويت لا يأتي عن طريق تقديم التنازلات والمس بالثوابت الوطنية بل هي خطوات متقابلة لبناء الثقة بين الجانبيين معززة بالقدرة على الأعتراف المتبادل بالأخطاء، فليس مفروضآ على العراق وحده في أن يُبادر وأن يتنازل دائمآ حتى يٌرضي هذا الطرف أو ذاك، فالعراق هو المتضرر الأكبر وهو الذي يعاني التدخلات في شؤونه،والتجاوزات الكبيرة على أراضيه ومياهه الأقليمية، وهو الذي يتعرض صيادوه في عرض البحر الى أشد أنواع التعذيب قسوة ووحشية.
نتمنى على الأشقاء في الكويت القيام بإتخاذ خطوات جرئية وملموسة لحسم الخلافات مع العراق بدون أي تمويه،أو محاولات لأستغلال أوضاع العراق الحالية، أو لعقد صفقات أو تسويات مع بعض النخب السياسية العراقية لأنها غير ملزمة للشعب العراقي وهو غير معني بها، والجميع يعلم بأن القضايا الخلافية من ديون، وإعادة ممتلكات، والبحث عن مفقودين ما هي إلا قضايا خلافية جانبية تستخدم لذر الرماد في العيون والتغطية على التمدد الكويتي داخل أراضي العراق ومياهه الأقليمية ومحاولته فرض حدود وهمية زائفة وترسيخها،إن إنسحاب الكويت الى المطلاع نقطة الحدود المفترضة ومن الجٌزر العراقية المحتلة هي السبيل الوحيد لتهدأت المطالب العراقية التأريخية والحد من التدخلات الأجنبية في المنطقة علاوة على أنها الطريق الأمثل للتأسيس لعلاقات أخوية متكاملة بين العراق والكويت.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات