في عراق النظام السابق كانت كل كلمة تودي بصاحبها موارد التهلكة، ان كان مدلولها حقا يثير الريبة، ام لمجرد التفسير الخطأ، وكثيرا ما تمت معاقبة الصامت، والتنكيل بأقارب المغضوب عليه حتى الدرجة الرابعة، ولقد عانى العراقيون كثيرا، وذاقوا صنوفا من التنكيل والاضطهاد،لم تمر على شعب من الشعوب، في تاريخ البشرية القديم، وفي الحديث ايضا، ملايين من البشر لاذنب لهم سوى انهم عشقوا وطنهم وتفانوا بحبهم، وكانوا يحملون آراء تختلف عن معتقدات النظام، او طريقة تصرقه في الهميمنة على مقاليد الأمور، او قسوته التي لامثيل لها بحرب الأخرين، وسلبهم حقوقهم والتعدي عل كل ما يريدونه، والقضاء على ارادتهم، ووأد كل رغبة لديهم في الكلام او ردود الفعل التي قد تظهر لااراديا على ملامح الوجه، او نظرات العيون،أدّى هذا الوضوع غير الطبيعي،الى فصل الالاف من خيرة ابناء وبنات الشعب، وحرمانهم من ابسط حقوقهم بالعمل اللائق الممتع،الذي يحفظ كرامة الانسان، ويحقق له تلبية حاجاته الأساسية وحاجات اسرته، البعض من هؤلاء المفصولين وجد فرصة للهرب خارج العراق انقاذا لنفسه من البطش والانتقام، والبعض الآخر لم يجد تلك الفرصة وبقي في،رض العراق محبا لها رغم كل محاولات التخلص من حياته وقص لسانه المتزايدة وبقوة عند السلطان الغاشم، وتغير النظام، وكان الحلم كبيرا ان تتحقق بعض الأماني التي تعبتر بسيطة جدا عند الشعوب الاخرى ويتمتع بها كل الناس القاطنون في كل بقاع العالم، ولكن انساننا العراقي رغم كل الجراح والمعاناة، وكل مسيرة النضال الشائكة لم يجن أبسط ما كان يأمل به، صدرت القوانين بضرورة اعادة المفصولين السياسيين الى اعمالهم،واحتساب ما عاشوه من حرمان في غربة الوطن او الخارج،سنين تضاف لأجل التقاعد، ولكن عبثا كل هذه القوانين، مازال الآلاف من المفصولين السياسيين ينتظرون ان يتم النظر الى قضيتهم دون جدوى، لماذا كل هذا الانتظار؟ ولمَ تطول معاناة العراقيين رغم ان الوضع تغير، وان قوانين اعادة المفصولين قد صدرت، هل لأن المنفذين ما زالوا نفسهم وبفكر النظام السابق،يعملون دائما لعرقلة تنفيذ تلك القوانين؟أم ان القوانين الصادرة لاتحمل معها وجوب تنفيذها، انما صدرت لذر الرماد بالعيون؟ والى متى يتم تعطيل العمل بهذه القوانين؟وقد بلغت قدرة صبر العراقيين على الحرمان أوجها، وهم ينتظرون تحقيق أحلام عانوا من أجل الوصول اليها زمنا طويلا وتحملوا الصعاب، كي نصل الى ادنى مستوى مما تعيشه الأم الأخرى فوق ظهر البسيطة، لاتمتلك ما يتوفر عليه العراق من ثروات كبيرة، ويحيا انسانها حرا مكرما، يعمل بظروف جيدة تحقق له ما يسعى اليه من كرامة العيش، واذا ما كبر سنه وظهرت متاعب الشيخوخة واضحة عليه، احتاج الى الراحة،والى العيش المرفه والحصول على تقاعد،يوفر طمأنينة النفس التي تستحيل على العراقيين،في ظل انعدام تحقيق ما يتتمع به كل البشر من عمل كريم، ومن تقاعد يوفر اساسيات العيش،بعد عناء العمل المضني والجهد المستمر، انهم جيش من المفصولين السياسيين، طالت معاناتهم ومن حقهم على دولتهم ان تضمن لهم عيشا كريما، بعد نضال شاق طويل، وألا تطلب من المتغربين العودة، وهم لايملكون منزلا ولا عملا، لتتوفر الاعمال أولا، ويعاد المفصولون الى أعمالهم ويستتب الأمان، وسنجد المتغربين يعودون أفواجا الى بلدهم الحبيب