يحتار العالم الغربي برمته في كيفية التعامل مع العالم الإسلامي العربي..حيرته تبدأ مع صرخات الإنسان العربي للغرب لمساعدته في تغيير الأنظمة العربية.. ولمساعدته في نيل حقوقه في الحرية والعدالة ونشر الديمقراطية وحثه على تمويل منظمات المجتمع المدني بينما هذا الإنسان العربي نفسه يتوقف محتارا حينما يواجهه تساؤل الغرب وتصميمه على ترسيخ المواطنة التي تضمن المساواة بينه وبين المواطن من عقيدة أخرى..وحين يسأله عن رأيه في حرية الإعتقاد.. وتمكين المرأة.. حينها يتوقف الإنسان العربي عن فهم أن هذا التمويل لعمل منظمات العمل المدني هو لنشر الوعي الحقوقي والواجباتي للمواطن العربي في القرية العالمية و لضمان الأمن للعلاقات الإقتصادية المتبادلة بين الدولتين وبين الدولة والعالم أجمع.. ولضمان الإستقرار في المنطقة الحافله بالمتفجرات التي تنبع من المجتمع نفسه وقلة وعي الأغلبية منه لا بحقوقها ولا بواجباتها ولا بمسئوليتها. وتدور الدائره في حلقة مفرغة من الإتهامات المتبادلة بين الشرق والغرب..

ترى من هو المسؤول الحقيقي عن هذا التخلف الوعيي للإنسان العربي.
هل هو مسؤولية الأنظمة الديكتاتورية.. أم هو مسؤولية تصاعد التيارات الإسلاميه المختلفه. المتطرفة منها.. أو تلك التي تدّعي الإعتدال.. وما معنى هذا الإعتدال بينما وعلى المدى البعيد نجد أن كل أجنداتها واحده. تجتمع على أسلمة المجتمع وتنقيب المرأه.. وشعار دوله مدنية تحكم بالشريعه نظرا لأنها ديمقراطيه إنتخبت بالأغلبيه والتي هي أغلبية السكان..

ولهذا سنلاحظ بأنه ليس هناك أية فروق تذكر بين الدول الغربية كلها التي فضّلت الصمت على التجاوزات التي ظهرت في الإنتخابات المصرية وعلى فشل الإخوان المسلمون في الحصول على أية مقاعد في الجولة الأولى من هذه الإنتخابات.. كلها مجتمعة تخاف من وصول أي من الإسلاميين إلى السلطة.. وبناء علية وحفاظا على أمنها قبل مصالحها لن تطالب الحكومة المصرية بأي عمل يضمن نزاهة أكبر في الجولة القادمه.. وحتى وإن طالبتها سيكون على إستحياء شديد لحفظ ماء الوجه فقط وبدون أي نية صادقه وستغض الطرف مرة أخرى تحت ذريعة رفض مصر وجود مراقبين دوليين لأن هذا يعني التدخل بالشئون المصرية.. بينما طلب التمويل واجب على الغرب...
خسارة الإخوان قد يكون لها عدة أسباب لا شأن للدول الغربية في أي منها..وكما سمعنا من الإعلام العربي.. يقع على رأسها عمليات تزوير.. وتجاوزات.. وبعض منه خوف حقيقي من المواطن المصري المثقف من وصول الإخوان المسلمين إلى السلطه في ظل عدم وجود حزب معارض قوي آخر..ولكن هذه الخسارة أو الفشل لا يمكن أن يحتسب باي حال من الأحوال على أنه حبا بالنظام الحالي.. أو رغبة في الحفاظ عليه!!!

ولكني أعتقد أن أسؤا أسباب فشل الحزب المعارض (الإخوان المسلمون ) وأهمها هي قدرة الحزب الوطني أو غيره من الأحزاب على شراء صوت الناخب..لأن هذا لا يدل فقط على فساد البنيه التحتيه البشريه بل يدل على مدى تعمّق عدم الوعي بالصالح العام والخاص للأغلبية المصرية.. مما يخلص إلى الإستنتاج بمدى تعفن هذه البنيه التحتيه البشريه.. من قلة الوعي.. والفقر.. وخطورتها على مجتمعها والمجتمعات الأخرى..

بما معناه فشل متعمّد من كل الأحزاب المشاركة في الإنتخابات سواء الإسلامية أم الوطنية في رفع قدرة الوعي السياسي.. والإقتصادي.. والإجتماعي للمواطن المصري.. الذي يعكس صورة حقيقية للمواطن العربي في معظم الدول العربية.. على قدرة أو عمل أي من هذه الأحزاب لخدمة مصالحه... وهو الذي ينذر بالخطر على المدى القصير والطويل.. وهذا ما قد يحرّك الدول الغربية مجتمعة لعمل شيء ما.. ولكن ما هو هذا الشيء..

ففي ظل أزمة إقصادية حادة تلوح في الأفق تارة وتبشر بالأمل تارة أخرى.. لن تستطيع الدول الغربية ضخ أموال دافعي الضرائب في قضية أخرى غير مضمونة النتائج.. فيكفيها ما تواجهه حاليا من تساؤلات وتدقيقات محاسبيه في كيفية صرف أموال دافع الضرائب وهل صرف هذه الأموال حتى على القضايا الأمنية كما تدّعي هذه الدول في حربها على الإرهاب أصبح مجديا..

وبالتالي فإن موقف الدول الغربية سيتأرجح ما بين إبقاء الأمر على ماهو عليه والتغاضي عن نتائج هذه الإنتخابات المزورة؟؟ ضمانا للإستقرار أو مساعدة المواطن على التغيير الذي يطالب به.. بينما هو لا زال لا يعرف بالضبط معنى المواطنه أو المسؤولية؟؟

وبرغم تعدد وتعالي الأصوات التي تطالب الغرب بضرورة الحوار مع الإسلاميين فإن كل هذه الحكومات الغربية محكومة بما يريده دافع الضرائب الذي أصبح يخاف على أمنه وعلى نفسه حتى من المواطن المسلم على أرضه فكيف له ان يقتنع بتمويل هذه المنظمات او مساعدة الأحزاب المعارضة بينما لا يضمن نتيجة عمل أي منها ألا وهو التغيير الحقيقي والتطور والأخذ بشيء من مظاهر الحداثة؟؟

الأسئله التي يجب أن تطرح نفسها على الساحة المصرية.. والعربية عموما.. هي ما شكل التغيير الذي تريدونه.. ما شكل الإصلاحات الضرورية لضمان العداله الإجتماعية..ما هو موقفكم من فقه البراء والولاء ما هي برامجكم التطويريه التي ستعملون عليها لتمكين المرأه وتطويرها.. وتخليصها من الأحكام القانونية التي لا تتناسب مع روح الأديان.. ولا مع العالم.. هل العدالة حكرا على المواطن المسلم أم ستشمل المواطنين من الديانات الأخرى الموجودين في المجتمع.. هل ستتبنون حرية الإعتقاد في المجتمع في حال وصولكم إلى السلطة.. هل ستصرون على المراوغة في تنفيذ الإتفاقيات الموقع عليها في موضوع قوانين حقوق الإنسان..

الأمل الوحيد يبقى في ظهور مخّلّص..مؤقت يعلي من الصالح العام ومن الوعي المقنن بالخرافة والأساطير والغيب الذي وفي طريقه غيّب الوعي الحقيقي للحاجة الملحه للحاق بالعالم وأن أولى خطوات هذا اللحاق هي فصل الدين عن الدولة..

بمعنى إستحضار الإعلام العربي بأجمعه لرفع مستوى وعي المواطن العربي قبل أن تتورط أي من الدول الغربية بالإنفاق علية لضمان تغيير لن يتغير...
ولكن وللأسف لن يتفهم هذا الشرط لا الأغلبية الفقيرة ولا الأقليه المتخمة بالثروة.. وعليه ستبقى إجابة الغرب.. أنتم تستحقون ما أنتم فيه..!!!

وفي مقابل هذا التغيير المجتمعي المطلوب في المنطقة العربية.. وعلى خط آخر لا يجب أن يكون موازيا على الإطلاق أتمنى أن ترضخ الدول الغربية لطلب الأغلبية في مجتمعاتها على الخروج من العراق.. ومن أفغانستان وأن دورها الإيجابي الوحيد في تغيير مجتمعات المنطقة ينبع من وجودها كقوات أمن وحماية للفلسطيني في حقه في الحياة الكريمة والتخلص من الإحتلال..

- باحثة وناشطة في حقوق الإنسان