عندما كتبنا و نشرنا مناشدتنا للحكومة العراقية بشأن معاناة و عذاب الفنان العراقي الجميل و الأصيل و المناضل فؤاد سالم لم يكن يراودنا الشك لحظة واحدة من اهل الشهامة و المروءة و الخير و الروح الإنسانية الأصيلة لن يصمون آذانهم أو يغمضون عيونهم عن ذلك النداء الإنساني المطالب بالعدالة و الإنصاف و إحقاق الحق ووضع الأمور في نصابها و تكريم المناضلين العراقيين الذين قاوموا الفاشية البعثية وقدموا خلاصة إبداعاتهم و عصارة عمرهم من اجل تقريب يوم الخلاص من التسلط الفاشي البعثي الذي هشم العراق و كسح الأمة العربية، وقد حفل الفن العراقي بصور رائعة للمقاومة الوطنية للمشروع الفاشي في وقت تساقط فيه أهل الإبداع في العراق في شراك تمجيد و تأليه الصنم الذي كان و الذي أورد العراق وشعبه مورد الهلاك و سن سنة التخلف و التيارات الدينية و الطائفية وهمش بالكامل أهل الرؤى و التيارات التقدمية و الحضارية المتطلعة للحياة و البناء و التقدم، وكان فناننا فؤاد سالم صوتا مدويا و جميلا للشعب العراقي و بشكل حافظ فيه على أصالة و إنتماء و حيوية و إنحياز ذلك الفن للجماهير المسحوقة، وقد فرضت عقود النضال و سنوات الصراع ضريبتها المؤلمة على أجساد المناضلين كما فرض العمر منطقه و تغير الوضع في العراق بعد سقوط الفاشية و إنحلالها رغم دخول البلد في دوامة العنف الطائفي و الذي لا نحسبه إلا مرحلة عابرة ستتلاشى و تنتهي بحكم طبائع الأمور و حركة التاريخ المتدفقة دوما لصالح الشعوب و المنتصرة على الدوام لكفة الحرية و الأحرار، لقد عانى الفنان الجميل فؤاد سالم من أمراض الجسد رغم أن روحه تغني على الدوام للعراق و شعبه و مر بظروف إنسانية و صحية صعبة كانت تتطلب ضرورة مد يد العون له و مساعدته ليس لشخصه و نضاله و تاريخه الوطني المشرف فقط بل لتكريم الفن العراقي من خلاله، وفعلا فما أن نشرنا مقالنا الموسوم ( فنان الشعب فؤاد سالم يعاني بصمت..) حتى توالت علينا الإتصالات من أطراف عديدة كثير منها شعبي و بعضها حكومي و دبلوماسي و كان أكثر الإتصالات مردودية و تحقيقا للنتائج هو الإتصال الذي تلقيناه من معالي الناطق الحكومي العراقي الأستاذ الدكتور علي الدباغ الذي تفضل مشكورا بإبداء المساعدة من خلال إتصالاته الرسمية و الشخصية و حيث أبدى وزير الصحة العراقي سعادة الدكتور الحسناوي إهتمامه بالموضوع و باشر بتنفيذ إجراءات الإتصال بالفنان فؤاد سالم من خلال الملحقية الصحية في سفارة العراق في دمشق و حيث علمنا بأنه تم وعلى العجل توفير كرسي كهربائي متحرك للفنان مع نقله لمشفى خاص للعلاج و تلقي الرعاية مع سلسلة من الإجراءات الأخرى التي ستتوالى مما يؤكد و يرسخ حقيقة مهمة فتحت أبواب الأمل في قيام عراق جديد حقيقي يتابع شؤون أبنائه و يهتم بمعاناتهم و بما يرسخ فعلا دولة المواطنة و بالشكل الذي يعزز من إنسانية و إنتماء الإنسان العراقي، نعلم إن الطريق ما زال طويلا لتأسيس دولة الرفاهية و الضمان الإجتماعي في العراق و لكن إشعال شمعة في طريق الأمل هو خير من أن نلعن الظلام بلا توقف، إنني إذ أعرب عن سعادتي بتحقق الغرض المنشود فإنني في الوقت نفسه سعيد أكثر لأن مهمة صاحبة الجلالة ( الصحافة ) في العراق لم تعد التمجيد و التصفيق و التطبيل بالقادة بل أن للنقد الحاد نتائجه و متبنياته و بما يؤكد بأن التجربة السياسية العراقية باتت تسير وفق المنهج الصحيح ولو في الحدود الدنيا، التحديات لم تزل كبيرة و مؤلمة أيضا و لكننا حينما نشير للتحرك الحكومي الإيجابي فإننا نضع الحق في نصابه و نرفع أيادينا بالتصفيق و الدعاء للرجال الذين عملوا بإخلاص من أجل تخفيف هموم و عذابات المحرومين، وهنا لا يسعني إلا أن أشكر سعادة الدكتور علي الدباغ ومعالي وزير الصحة و كل الدبلوماسيين و الشخصيات و الأفراد الذين إتصلوا و أبدوا رغبتهم و نيتهم الحسنة في تقديم المساعدة و رفع الضرر و الحيف عن الفنان العزيز، متمنين للعراق و شعبه كل تقدم و توفيق و سير في طريق الإصلاح و التطور و المصالحة مع الذات قبل المصالحة مع الخصوم.. و الحمدلله الذي هدى القلوب المؤمنة بربها ووطنها لتقديم المساعدة، و نتمنى أن تكون هنالك قوانين حقيقية في العراق تحمي الفنانين و الأدباء و المبدعين و توفر لهم الدخل الكريم و الرعاية الحكومية لأنهم أمل هذه الأمة وهذا الشعب في التطور و النمو و البقاء... و الحمدلله على كل حال....

مع تمنياتنا للفنان الحر الأصيل فؤاد سالم الشفاء العاجل.. وشكرا لكل الشرفاء و الأحرار..

[email protected]