من وجهة نظرعديد من الشخصيات السياسية الاردينة فأن حكومة سمير زيد الرفاعي الاخيرة كانت الأصعب على الاردن اكثر من أي تشكيل حكومي خاضه رؤساء مكلفون عدا حكومة نادر الذهبي الذي اتي رئيسا لحكومة مشكلة سلفا لم يسعفه سوى احضار صديقه وزميله في سلاح الجو الملكي الذي اصبح وزيرا معه و خرج معه بنفس الوظيفة.

و التشكيل النهائي للحكومة الثالثة لسمير الرفاعي والتي ستقابل مجلس النواب غدا الاحد فيها عناصر جيدة وتتمتع بإمكانيات تقنية عالية، ووصولها إلي حضن الدوار الرابع حيث يقبع quot;الرفاعي quot;الدافيء في حد ذاته دليلاً علي قناعته بتميزهم و رغبته في اعتمادهم من مجلس النواب الذي من المتوقع ان يحجب عنه سبع و عشرون صوتا و يفوز بالاغلبية.

و لعل في دخول مجلس الوزراء نسرين بركات و الحاصلة على ماجستير الاعمال من جامعة ديبرهم البريطانية و دورات من جامعة بيركلي و هارفرد في مجال تحسين القدرة التنافسية والتخطيط الاستراتيجي ووضع السيناريوهات،و رابحة الدباس الحاصلة على درجة الماجستير في الإدارة العامة والعلوم السياسية، و فارس القطارنه الحاصل على درجة الماجستير في القانون/قانون حماية الملكية الفكرية دليلا واضحا على الاهتمام بدور الشباب و العلوم المستحدثة العصرية مثل quot;التميز و الملكية الفكرية و ادارة الاستراتيجيات quot; و اهمية تأهيلهم مع التأكيد على دراساتهم و اعمالهم و خبراتهم التى اهلتهم لتبواء المنصب، و باضافة زيد القسوس ذو البصمات الواضحة في السياحة و ما قام به في امانة عمان الكبرى و في سوق جارا بشارع الرينبو و ادارته و تمكله لمطعم روميرو الفاخر تحديدا يأتي تأكيدا لمعرفة الحكومة بمن يعمل و ينجز و لديه الرؤية للنجاح السياحي الاستثماري، يضاف لهم ايمن الصفدي الذي تنقل بين رئاسة تحرير الجوردان تايمز و مكتب الامير الحسن و الاذاعة و التلفزيون و المستشارالاعلامي في الديوان الملكي و عمله في بغداد فهو الاقدر على ترجمة توجهات الحكومة و تبسيطها للعامة و مخاطبة الاعلام الخارجي بالانجليزية و العربية. تلك امثلة بسيطة من تركيبة الحكومة التى بها العديد ممن يتمتعون بالخبرات.

و كنت اتمنى ان تقدم الوزيرة نسرين بركات بأعتبارها خبيرة في quot;التميزquot; ولديها مؤهلات علمية من الجامعات البريطانية عوضا عن تقديم صورتها كأول وزيرة محجبة في الحكومات الاردنية خصوصا و ان الاردن بلد متحرر و متقدم و حكوماته سياسية لا حكومات ذات صبغةquot; شرعية او دينية quot;، و تمنيت ان تبقى رابحة الدباس في وظيفتها محافظة لجرش حيث ان الصعود السريع يقابله دوما سقوطا اسرع و هو ما لااتمناه لاي من الوزراء.

الحكومة الاردنية المكلفة و المجلس المنتخب السادس عشر و مجلس الاعيان هم فريق عظيم، وواحد من أفضل الخيارات quot;الاردنية البحتة quot; في الاردن التى سمحت بفتح quot;الابواب الموصدة quot; في وجه الاخرين المهمشين و ابرزت وجوها جديدة من ابناء الاردن الطيب البسيط، و اقصد القوا ان المجالس التنفيذية و التشريعية في 2010 لديهما بعض من أمهر الساسة و الاقتصاديون على المستوى الدولي و من خريجي افضل الجامعات الامريكية و البريطانية والاوروبية و من الاعمار الشابة و الكبيرة، و لديهم ايضا من هم عديمي الخبرة( و هذا ليس عيبا او نقصا ) في عملية صهر و دمج الخبرات معا لاجل مستقبل واعد و نقل التجربة اليهم.

وبالنسبة لي، رغم انني حذرت مسبقا من تواجد دولته في مؤسسة الحكم لاسباب جيوسياسية ذات علاقة بالرابط الامريكي لفكرة الوطن البديل و الاحلال الفلسطيني الناتج عن 1967 و رغم تقديري له شخصا و علما و سياسة و مقدره و اخلاقا و نزاهة، فإن طاهر المصري صمام امان quot;سمير الرفاعي وأحد أفضل داعمي نجاح quot;حكومة الرفاعي الحفيدquot; لانه اتى الي سدة السلطة نتيجة سياسة quot;الرفاعي الابن دولة زيد الرفاعي الذي احتضنه منذ ان عهد اليه بوزراة الخارجية و من ثم في مجلس الاعيان مساعدا له و بالتالي اليوم يأتي العرفان برد الجميل في صورة مناصرة الابن، و بوصول فيصل الفايز الى رئاسة المجلس يكون المشهد قد اكتمل. و لكن المطلب الواضح في التكليف السامي هو quot;بعيدا عن المصالح quot; و تلك نقطة ارتكازية هامة في مسيرة اعادة البناء الهرمي لمؤسسات الديمقراطية.

الجميع هنا ابناء الاردن الواحد دون اي تدخلات او تمويل او توجيه خارجي سواء كان ايرانيا او عراقيا بعثيا او من تنظيمات و مؤسسات السلطة الفلسطينية او من غيرهم، و لذلك تعتبر تلك المرحلة سنة اولى ديمقراطية و يعتز بها الاردنيون مهما كانت النتائج لان الديمقراطية ليست وليدة اللحظة او تقام بالازار و الكبسات بل بالممارسة.
و الاردن يحتاج الى سنوات لنفض غبار ممارسات سابقة و شوائب عالقة من سنديان الخارج و اخطاء الداخل.

إن العلاقات بين آل الرفاعي و الفايز و المجالي كانت دائما جيدة و منصهرة سياسيا في بوتقة واحدة، وتربطهم علاقة quot;إخوة السياسة وأشقاء السلطة quot;، وستبقي كذلك بفضل قدرتهم على احتكار المناصب و السلطات و الهيئات و تدوالها فيما بينهم على مدار التاريخ الحكومي منذ تأسيس الدولة الاردنية، وليس فقط لقاء 2010 الانتخابي او الحكومي، و هذا من وجهة نظر البعض يفسد كل شيء بينما اراه جامعا لمفاتيح الحكم في الدولة الاردنية خصوصا و بعد ان التئم جناح الروابده و مضر بدران في المظلة الجديدة التى افرخت ريم مضر بدران نائبا كبادرة للمصالحة التاريخية بين quot;الرفاعي و بدرانquot; قد تشهد حتما اعطاء الثقة من خلال مقعدها في الدائرة الثالثة الى حكومة سمير الرفاعي علما بأن مقعد الدائرة الثالثة كان عصيا على الحكومات المتعاقبة الى ان كسر العصيان السياسي دولة طاهر المصري في الحاليتن حيازة و تصويتا.

نعم نحن في الاردن في مرحلة صعبة ونعيش بمديونية و عجز موازنة، و المشاركة في الحياة السياسية تتم دون 75% من القوام الأساسي للشعب الذي هو اساس الحكم في الديمقراطية و هنا دور وزارة التنمية السياسية، والمملكة الاردنية الهاشمية اليوم تخوض مرحلة إحلال وتجديد سياسي و اقتصادي بعيدا عن المؤثرات الخارجية و التنطيمات الممولة خارجيا و التيارات العقائدية و لكن اخطاء بعض وزراء حكومة الرفاعي الاولى و الثانية و ربما بعض الممارسات الخاطئة في دوائر انتخابية منحت quot;بتعثرهمquot; فئة من المعارضين والمموليين من الخارج و اخرين مغموريين صحافيا أكبر دعاية مجانية للهجوم على الحكومة و على الانتخابات التى هي بداية مرحلة جديدةquot;.

على الجميع ان يبذل قصاري جهده سواء كان داخل تلك المجالس الثلاث او خارجها لاستعادة الاردن لمجدها و تقدمها مجددا، وعلي الجميع دعم برنامج حكومة سمير الرفاعي و مراقبة الاداء في نفس الوقت.

حتي لو هبط مستوى الاداء او الوزراء، وحتي لو رغبت المعارضة الاردنية في مطالبة الحكومة او وزرائها بالاعتزال، لا يكون ذلك الا بالديمقراطية و بالبديل المقترح و البرناج الواضح و المنطق و التحليل و الحوار و ليس بهذا الشكل الغوغائي الذي نقراء بعض منه في الجرائد او نشاهده في فضائيات لم تكن يوما الا في خدمة اعداء الاردن.
الكل يطالب بأسلوب محترم في المعارضة و في اسلوب ديمقراطية التغيير، فهؤلاء المجالس الثلاث أصحاب الخبرات يقدمون الحلول للاردن و يرسمون خارطة جديدة لمجتمع حر ديمقراطي.

ان تلك المرحلة، و حمع الخيوط معا في بوتقة واحده سيؤسس بر شك لمعارضة من نوع جديد، و هذا هو المطلب و الاساس للتفاعل الديمقراطي بين الراي و الرأي الاخر،ستشهد الساحة فرزا جديدا و مطلب مهما لمراقبة الاداء الحكومي و المعارضة الاصيلة ذات الجذور الوطنية بعيده عن المصالح و التكالب عبى المناصب و تركات و غنائم اولاد العم.

[email protected]