الاعتداء على المقدسات يستمر انتهاكا لاتفاقيات وتفاهمات دولية وقصر الملك حسين الراحل في القدس يتحول الى وكر للتعامل مع المخدرات ونقرأ ايضا عن الاعتداء على موظفين بالسفارة الأردنية في تل ابيب. هذه الانتهاكات الاستفزازية المستمرة تعبر عن حملة مبرمجة من الحقد والكره ضد المملكة الأردنية الهاشمية. اسرائيل غاضبة ومستاءة من الدور الأردني في الدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية ومن تصدي الأردن للانتهاكات التي تتعرض لها المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس.

الجيروسليم بوست: اشارت للعلاقة الأردنية الاسرائيلية بخمس كلمات quot; جيران ولكن لا حب بينهماquot;

الموقف الأردني من القضية الفلسطينية:
في الكلمة التي ألقاها العاهل الأردني أمام البرلمان السادس عشر الأحد 28 نوفمبر تشرين الثاني الحالي أكد استمرار الموقف الأردني الداعم للفلسطينيين في تحقيق هدفهم في دولة مستقلة عاصمتها القدس.

قبل ثلاثة أعوام تزامنت أعمال الحفر الاسرائيلية الاستفزازية مع اعادة منبر صلاح الدين للمسجد الأقصى بعد ان تمت اعادة بناءه في الأردن بمبادرة مباركة من الملك عبدالله الثاني.

حذرت الأردن اسرائيل مرارا من مغبة اعمال الحفريات واقترحت ان يتم احالة الموضوع لمنظمة اليونيسكو لدراسة الموقع وتقديم توصيات بالخطوات التي يمكن اتخاذها. اسرائيل رفضت ذلك. وفشلت الديبلوماسية في اقناع العجرفة الاسرائيلية في العدول عن القرار الخاطيء.

موقف الأردن من القضية الفلسطينية واضح ومعروف وهو تقديم المساعدة والدعم والمساندة ولكن بدون تدخل مباشر وغير مباشر. ويعتبر الأردن أن الهدف هو قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعلى كل الأراضي التي تم احتلالها عام 1967. فلماذا التشكيك من قبل الاطراف في نوايا الأردن الذي قدم الاف الشهداء دفاعا عن القضية الفلسطينية من معركة باب الواد عام 1948 الى معركة الكرامة عام 1968.

لماذا الحقد الاسرائيلي على الأردن:

قيادة اسرائيل الحالية ليست أفضل من القيادات السابقة التي تتصرف بعنجهية وقصر نظر وتعمل جاهدة على احراج الأردن في كل مناسبة. الحقد الاسرائيلي على الأردن سببه هو التمسك الأردني بحقوق الشعب الفلسطيني والدفاع عنها في الساحة العالمية. ونذكر جيدا الغضب الاسرائيلي عندما تبّنت الاردن عام 2004 مبادرة احالة موضوع الجدار العنصري لمحكمة العدل الدولية في لاهاي والجمعية العامة في الأمم المتحدة. الأردن يستغل كل مناسبة وفرصة لتأكيد أهمية ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وشدد على ان علاج هذا الجرح سيساعد في جلب الاستقرار للمنطقة وسيقلل العنف والارهاب. وهذا الموقف الحاسم يزعج اسرائيل.

فلماذا التشكيك في موقف الأردن وتقليل أهمية دوره في الدفاع عن المقدسات وحمايتها:

تجاهلت بعض وسائل الاعلام العربية عمدا او جهلا الدور الأردني الهام في الحفاظ على المقدسات وصيانة ودعم الاراضي المقدسة والمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس. حاول البعض التقليل من أهمية الدور الأردني في الاشراف على المقدسات حتى في خطب الجمعة. هذا موقف من لهم أجندة تعمل لحساب قوى اقليمية. التشكيك في الدور الأردني ليس جديد واعتدنا عليه.

وعودة سريعة للتاريخ، المتابعون للأوضاع يذكروا أن الأردن أرغم (بضم حرف الألف) على خوض حرب لم يكن العالم العربي قادر على محاربتها، وتحت فيضان من الشعارات الحماسية الشفهية وغوغائية الشارع اضطر الأردن الدخول في الحرب وحدث ما حدث. لو رفض الأردن الاشتراك في تلك الحرب لانهالت الاتهامات بالخيانة والعمالة من خريجين أكاديمية احمد سعيد للديماغوغية التخوينية. العرب الذين أيدوا الحرب يتحملوا مسؤولية سقوط القدس والضفة الغربية في ايدي اسرائيل.

التضحيات الأردنية:
استوعب الأردن موجات من اللاجئين الفلسطينين عام 1948 وعام 1967 والحبل على الجرار اذا تم تنفيذ مخطط اليمين الاسرائيلي في ترحيل الفلسطينين الى الأردن.
استقبل الأردن موجات أخرى من الكويت بعد غزو العراق في صيف عام 1991 واستوعب الأردن 700 ألف عراقي هربوا من العنف والمجازر.
هذا عبء هائل على بلد صغير محدود الموارد. فلماذا نحمل الأردن أكثر من طاقته.

ورغم كل ذلك استمر الأردن بالدفاع عن المقدسات ودعم المقدسات وهذا الدور سيستمر حتى يتم التوصل الى اتفاق نهائي في وضع القدس.

ادانت الأردن الانتهاكات الاسرائيلية للأماكن المقدسة في القدس بدون أي تحفظ. الاردن له دور رسمي في حماية وصيانة المقدسات وتقدمت الأردن بشكوى رسمية ولكن اسرائيل نفت كالعادة انها تقوم بأعمال تخريبية.

العالم يعترف بالدور الأردني في رعاية المقدسات:

فوكس نيوز صديقة اسرائيل الحميمة وبوق المحافظون الجدد قالت في 6 فبراير (شباط) 2007

quot;الأردن له دور في حماية المقدسات والاعتناء بها ورعايتها في القدس ونقلت فوكس نيوز عن الناطق باسم الحكومة الاردنية ناصر جودة قوله ان رئيس الوزراء معروف البخيت أكد ان اعمال الحفر هي مصدر قلق واهتمام بالغ للأردن وللملك والحكومة والشعب الاردني.quot;

وأضافت فوكس نيوز:

quot;في عام 1988 عندما قرر المرحوم الملك حسين فك الارتباط بين الاردن والضفة الغربية تمسك بحق الاحتفاظ بالمسؤولية عن الأماكن المقدسة وهذا حق تعترف به اسرائيلquot;. هذا ما قالته فوكس صديقة اسرائيل.

انترناشيونال هيرالد تربيون الدولية:

خصصت صفحة كاملة من عددها ليوم 12 فبراير شباط 2008 لما قاله الملك عبدالله في موضوع الحفريات لكون الأردن الراعي والوصي للمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس وأنهت المقال بالقول quot;الملك عبدالله أعاد التأكيد ان ما تقوم به اسرائيل لا يمكن تبريرهquot;.


صحيفة الاندبندنت البريطانية

في العاشر من فبراير (شباط) 2007 قالت quot;ان العاهل الأردني الذي لا يزال مسؤولا كوصي على المقدسات الاسلامية في مدينة القدسquot; ووصف الملك أعمال الحفريات quot;بانتهاك صارخ وتصعيد خطير. هذه الاجراءات ستخلق جوا سلبيا لا يساعد على نجاح الجهود التي تبذل الآن لاعادة تفعيل عملية السلام.quot;

صحيفة ماليزيا صن: Malaysia Sun

التي تصدر في كوالا لومبور والناطقة بالانجليزية قالت في 6 فبراير (شباط) 2008:

quot;سلالة الهاشميين تمتد تاريخيا لنفس العائلة التي ينحدر منها الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وقامت العائلة الهاشمية الاردنية بدور الوصاية على المقدسات منذ اوائل القرن العشرين واستمر الدعم والحماية للمقدسات حتى بعد حرب 1967quot;.


رسالة الملك حسين واهتمامه الشديد في المقدسات:

في رسالته لرئيس الوزراء الأسبق عبد السلام المجالي بتاريخ 4 ديسمبر كانون الاول 1997 بعد افتتاح الجلسة رقم 13 للبرلمان شدد الملك حسين اطاب الله ثراه على أهمية احترام حقوق الاديان الثلاثة الاسلامية والمسيحية واليهودية في القدس وأكد أهمية وضع مكانة المقدسات فوق اي مصالح سياسية وفوق سيادة اي دولة.

الخارجية الأميركية

وثيقة رقم 93085 عام 1994 الصادرة من دائرة الشؤون الخارجية الأميركية والتي تتعلق بالعلاقة الاميركية الاردنية أشارت الى الدور الأردني المستمر الآن وفي المستقبل في حماية وصيانة الاماكن المقدسة في القدس الشرقية.

المادة 9 من اتفاق السلام الاردني الاسرائيلي

تلزم اسرائيل باحترام الدور الاردني الخاص والمميز في العناية والاشراف على الاماكن المقدسة وعلى اسرائيل احترام هذا الدور. وتنص الاتفاقية ان اي مفاوضات للتوصل الى حل نهائي يجب ان تأخذ بعين الاعتبار الدور الاردني التاريخي. هذا الحق سوف لا يمنع الفلسطينيين من تشكيل حكومتهم المستقلة وعاصمتها القدس.

كتاب Jerusalem Holy Places and the peace process
(الأماكن المقدسة في القدس والعملية السلمية)

لمارشال بيرغر وتوماس ايدينوبولوس 1998 خصص الكتاب عدة صفحات للدور الاردني في رعاية المقدسات الاسلامية والمسيحية وكرر ما قاله الملك حسين رحمه الله ان خصوصية الاماكن المقدسة ستبقى فوق اي مصالح سيادية او سياسية لأي دولة أو حكومة.

الأردن تقع عليه مسؤوليات كبيرة. وأهمها مسؤولية أمانة وعهدة الاماكن المقدسة في هذه الفترة التاريخية المصيرية الصعبة. ومن المهم التذكير أنه تم ادراج هذه المسؤولية كبند هام في اتفاقية السلام مع اسرائيل.

الأردن يلعب دور حيوي وتاريخي وسوف يواصل هذا الدور الفعال البنّاء والايجابي والمتواصل تاريخيا بغض النظر عن الهزات السياسية التي تتعرض لها المنطقة وستبقى العهدة الهاشمية للمقدسات كأمانة في اعناق وضمائر الاردنيين ملكا وحكومة وشعبا.


اعلامي عربي - لندن