من مفكرة سلطان القحطاني
الجمعة ndash; 26 فبراير
1- هل تتذكر جدة quot;هنري مورquot; بعد أن أضاعت 12 عملاً فنياً ؟
أشعة الشمس الحانية تنساب على نهر quot;التيمزquot; فتتلألأ قمم المياه، وتبرق القوارب، وتلمع القوائم المعدنية التي تسرّح جدائل النهر. عبرت فوق النهر على جسر بنته نساء هذه الجزيرة حينما كان الرجال على خطوط النار وفي جحيم الخنادق. إنه أفضل الجسور التي تقفز فوق التيمز على حد تعبير سائق التاكسي، في حديثنا السريع قبيل أن يتركني أمام بوابة quot;تيت غاليريquot; الذي يقيم احتفالا خاصاً لأعظم نحّاتي القرن، وهو الانكليزي المعروف quot;هنري مورquot;.
quot;مورquot; سيكون ضيف لندن لعدة أسابيع، والحدث حدث المدينة كلها: المهتمون بالفنون، والسيّاح، وحتى طلبة المدارس الذين افترشوا ردهات المعرض لرسم تماثيل أسطورتهم الذي خرج من quot;يوركشايرquot; كي يشغل الناس والدنيا وتحطّم منحوتاته الأرقام القياسية في عالم المبيعات، وعوالم الأموال.
بالنسبة إليّ، كان اهتمامي بمور هو علاقته الغريبة مع مدينة جدة وتماثيلها، أو علاقة جدة معه، وهي مدينة من مملكة حديثة العهد بالنحت، وبالفنون الجميلة بشكل عام. لكن يبدو أن جدة حينها حاولت مسابقة الزمن، ونجحت إلى حد ما. رأيت أولى لوحاته في منزل أستاذ وأبٍ لي في المهنة والحياة، ونبّهني إلى معرضه صديق نجدي كبير، وقاداني إليه كما يقاد أصحاب النوايا الحسنة بالسلاسل إلى الجنة.
عادت ذاكرتي إلى الوراء سنوات ٍطويلة. إلى أيام جدة والطفولة، وأبحر، وثورة الصبا، والمواعيد القديمة!.
أتذكر أنني في جولاتٍ قديمة على كورنيش مدينة جدة، على ساحل البحر الأحمر غرب السعودية، شاهدت عدة منحوتات لهذا الفنان العظيم، إضافة إلى فنانين عالميين آخرين، تشكل أعمالهم ثروة لا تقدر بثمن، بعد حملة جدة الفنية خلال الثمانينات التي قادها المهندس محمد فارسي.
كانت جدة وقتها أكبر متحف فني مفتوح في الشرق الأوسط حيث شارك في صناعة ربيعها الثقافي ستة نحاتين مهمين صاغوا جمال المدينة: quot;هنري مورquot; و quot;سيزار بالدتشينيquot; و quot;الكسندر كالدرquot; وquot;خوليو لافونتيquot; وquot;جوان ميرquot; وquot;فيكتور فاساريليquot;.
بيد أن نجمهم ونمرهم الفني كان quot;هنري مورquot; بلا منازع.
كان محمد فارسي يعرف مور قبلا ً من خلال زياراته إلى لندن، وقراءة الكتب التي صدرت عن مور، والنقاشات مع المهتمين بالنحت في أوروبا. لكنها كانت معرفة عن بعد حتى جاء أول تواصل مباشر بين الرجلين عن طريق صديق مشترك هو النحات الإسباني quot;خوليو فونتيquot;، صاحب منحوتات مهمة في جدة منها: quot;القبلةquot; وquot;الدراجةquot;.
كان أمين مدينة جدة السابق يريد من مور منحوتات تجريديّة لأن الديانة الإسلامية تحرّم الأشكال البشرية المجسّمة.
وهذا ما كان له بالفعل.
إلا أن الكارثة الإنسانية هي اختفاء أكثر من تسعة أعمال فنية تقدر قيمتها بالملايين باعتراف مسؤولي المدينة أنفسهم في تصريحات صحافية سابقة. أبرزها هو تمثال quot;الإبهامquot; الذي أنجزه quot;سيزار بالدتشينيquot; الذي كان في موقع بارز في شارع الأمير ماجد بن عبد العزيز. اختفى من الشارع وحين بحثت عنه الكترونياً وجدت أنه تحول إلى quot;ملكية خاصةquot; دون إشارة إلى من آلت له ملكيته، ومن ملك حق بيعها كي تصبح ملكية شخصية وهي مشتراة بأموال الدولة!
والإبهام المفقود هو واحد من ثلاثة أعمال أنجزهاالنحات الفرنسي سيزر برفقة العملين الآخرين المصنوعين من البرونز، وهما: quot;العينquot; وquot;القبضةquot;، رغم أن آل جدة يخطئون فينسبون عمل quot;العينquot; إلى quot;هنري مورquot;.
وبعد أن أمر الملك عبد الله بتشكيل لجنة لمكافحة الفساد الذي فضحه سيل جدة الأخير، فإن الأمل يحدوني بعمل لجنة مستقلة تكشف أين ذهبت كل هذه الأعمال. وخصوصاً quot;الإبهامquot; الضائع !
الخميس ndash; 25 فبراير
2- quot;ألف.ألفquot; تثير أسئلة في quot;العربيةquot; وترقباً في quot;الجزيرةquot;!
قبل أسابيع زار حاتم مؤمنة، الرئيس التنفيذي لمجموعة quot;ألف.ألفquot; الإعلامية، لندن وتحدث مع الكثير من أبناء المهنة، وأساتذتها، ولقطائها أيضاً، حتى وقّع عقد تعاون وتدريب مع quot;بي.بي.سيquot; لتطوير أول مشاريع المجموعة وهو إذاعة محلية في السعودية، بعد أن تم فتح باب المنافسة بعد عقود من إغلاقه في وجه المؤسسات الإعلامية.
وquot;الف.ألفquot; هي تحالف مثير للرعب في الأوساط الإعلامية مكون من عدد من رجال الأعمال تحت إشراف أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل، ومن مشاريعها إطلاق قناة فضائية خلال العام الحالي. مشروع القناة محاط بالصمت والغموض ولا يعرف إن كانت ستصبح قناة دولية، على غرار quot;الجزيرةquot; وquot;العربيةquot;، أما أنها ستكون مخصصة للداخل السعودي. وإن كانت محطة محلية فما هي الحكمة من مفاوضة صلاح نجم، الذي أنشأ quot;العربيةquot; وquot;الجزيرةquot; وquot;بي.بي.سي العربية، لتولي إدارتها.
إذا صحت الأنباء فإنها ستكون فرصة لتحريك الساحة الإعلامية خصوصاً وأن بحار المنافسة الهائجة بين quot;العربيةquot; وquot;الجزيرةquot; قد هدأت في الآونة الأخيرة، رغم أن القناتين تلقّتا أنباء إصدار قناة دولية جديدة، ومن لندن، وتحت إشراف خالد الفيصل، وهو واحد من الأمراء القلة المعروفين بالمشاريع الناجحة، بقلق وترقب.
quot;العربيةquot; تتساءل إن كانت ستقاسمها رغيفها السعودي، وتنافسها في كعكة الإعلانات المحلية، خصوصاً وأن المساهمين في القناة الجديدة هم من الأسماك الضخمة في دنيا التجارة والمال في المملكة، بينما quot;الجزيرةquot; تترقب إن كانت quot;ألف.ألفquot; ستقصفها، أو على الأقل تسرق موظفيها، ومذيعيها، ونجومها.
ويبدو أن في أجندة quot;ألف.ألفquot; عدة مشاريع لافتة ليس أقلها دمج صحيفة quot;الوطنquot; مع التحالف وتحويل المجموعة إلى مؤسسة ضخمة إعلامية يتم تداول أسهمها في البورصة، لتكون ثاني مؤسسة إعلامية، بعد المجموعة السعودية للأبحاث والنشر، التي كانت أول الداخلين في سوق الأسهم السعودية التي يضخ فيها السعوديون شهريا مئات الملايين من الريالات.