المبادرة النوعية التي طرحتها المملکة العربية السعودية على الاجتماع السنوي السابع و العشرين لوزراء الداخلية العرب الذي إنعقد لمدة يومين في تونس والمتجلي من خلال(مشروع إستراتيجية عربية للأمن الفکري)، أعادت الثقة من جديد و رسختها أکثر فأکثر في فعالية و حيوية الدور السعودي على الصعيد القومي و رسمت في الافاق صورة إيجابية لمستقبل الامن القومي العربي و منحت الامل الوضاء بتلك السواعد الغيورة و الابية التي تعمل دونما کلل من أجل مصالح و طموحات العرب.


ولعل التوقف عند تصريح الامير نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية السعودي و الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب بخصوص ذلك المشروع البالغ الاهمية يعطي أکثر من دلالة و معنى عندما وصفه بأنه:(محصلة دراسات معمقة و أبحاث متخصصة في قضايا الأمن الفکري) أجرتها(المؤسسات الامنية و التعليمية) في السعودية، حيث أن عملية الربطquot;الذکيةquot;بين جهود المؤسسات الامنية و التعليمية و ومزاوجتهما ببعضهما و الخروج بأطار عملي مشترك يخدم الاهداف الاساسية البعيدة المدى للعرب، يؤکد الارضية(العلمية العملية)التي تقف عليها المشاريع الحيوية للملکة العربية السعودية ومن بينها واهمها هو هذا المشروع الطموح الذي يعتبر بمثابة تفعيل الدور العربي في الصيانة و المحافظة على نقاوة و سلامة الفکر العربي من أية تدخلاتquot;مشبوهة او مشکوك في أمرهاquot; ولاسيما عندما أکد سمو الامير نايف بأنه قد إنجاز تلك الاستراتيجية(من منطلق منهج الوقاية و نهج التحصين ضد الفکرquot;الدينيquot;المنحرف الذي يهدد المجتمع و سلامته و إستقراره) مانحا دفعة قوية من الثقة و الامل بأن تسهم هذه الاستراتيجية فيquot;تعزيز الجهود الرامية الى بناء حصانة فکرية لدى الفرد و الامة ضد المؤثرات الفکرية المنحرفة المهددة لأمننا العربي المشتركquot; و، قد کان سمو الامير دقيقا و حذقا عندما أشار الى أن(الانحراف الفکري من أهم المشکلات الفکرية و الامنية التي تعاني منها أمتنا عبر تأريخها الطويل و في واقعها المعاصر)، وهو بذلك يلمح و بصورة في منتهى الواقعية الى تلك الاخطار و التهديدات القادمة من خارج أسوار الوطن العربي من أجل النيل من وحدة الصف و الامن الفکري العربي الذي تجلى و يتجلي من خلال وجود أرضية و اساس ثقافي محدد إختاره العرب و إتفقوا عليه منذ تشرفهم بالرسالة الاسلامية السمحاء وانهم ليسوا على إستعداد أبدا لکي يفرطوا بها من أجل مصالح و أجندة خارجية.


ان التصدي لقضية الامن الفکري للعرب، يعتبر بحد ذاته بمثابة نقلة نوعية و بالغة الاهمية في العقل السياسي العربي خصوصا عندما يجمع بين الاصالة(من خلال التمسك بالاساس الواقعي للفکر الاسلامي العربي) و بين المعاصرة(من خلال رصد حالات الخطر و مکامن التهديد الحالية و المستقبلية للفکر العربي الراهن)، واننا في المجلس الاسلامي العربي و بصفتنا نمثل المرجعية السياسية للشيعة العرب، في الوقت الذي نقيم فيه هذا المشروع عاليا ونعتبره خطوة مبارکة و فعالة على الطريق الصحيح، فإننا نرى فيه أيضا نقلة نوعية و قفزة کبيرة في مجال صيانة تراثنا وقيمنا الفکرية و المحافظة عليها بوجه الاخطار المحدقة بها واننا ندعو الشيعة العرب کي يتمسکوا أيضا بالاساس الحقيقي و الاصيل الذي تربوا عليه عبر التأريخ و ان يأخذوا الحيطة و الحذر الشديدين من تلك الافکار المنحرفة و الشاذة القادمة من خلف حدود الوطن العربي و الطامحة الى إستغلالهم من أجل أهداف و مصالح مشبوهة لاعلاقة لها بأمتنا و وطننا العربي.


*المرجع السياسي للشيعة العرب.