مع إقتراب حلول الشهر الفضيل يكثر الحديث عن هلاله، وتتضارب الأنباء حوله من كل حدب وصوب، ولذلك تجدني أعود مجددا الى إثارة بعض التساؤلات حول مشكلة هلال رمضان، فأنا أتنبا مسبقا أن يكون هناك تفاوت في رؤية الهلال بعد أيام، وبالتالي تحديد اليوم الأول للشهر الفضيل كما جرت العادة في العديد من الأقطار العربيية والإسلامية، بل وحتى داخل البلد الواحد الذي يضم طوائف دينية مختلفة، فهذا هو الحال والمآل منذ عشرات السنين والأعوام..

لقد كتبت قبل أعوام من على منبر quot; إيلاف quot; مقالا حول غموض الأيام المقدسة لدى المسلمين، وتحدثت بالتفصيل عن غموض وإشكالية أكثر الأيام قداسة لدى المسلمين، وصعوبة الإتفاق على تحديدها، ومنها ليلة القدر، وأعياد الفطر والأضحى، وهي مناسبات جليلة لدى عامة المسلمين، ودعوت الى إعتماد الحسابات الفلكية لتحديد دقيق لتلك المناسبات، ولكني لم ألقى مستمعا ولا مجيبا.

وما يثير إستغرابي حاليا هو كيف أن جميع مسلمي الأرض قاطبة يحتفلون بعيد الأضحى وبمواعيد الحج والوقوف في عرفة وفق حسابات رؤية هلال شهر ذي الحجة في الديار المقدسة، ولا يطبق نفس هذا المعيار بالنسبة لشهر رمضان وتحديد أيام عيد الفطر؟!.

ووالله أنه لشيء عجيب أن يلتزم المسلمون قاطبة برؤية هلال شهر الحج حسب التوقيت السعودي، ويتخالفون في رؤية شهر الصوم بنفس توقيت المملكة التي هي مهبط الوحي، وفيها أول بيت وضع للناس.

والسؤال الذي يلح على خاطري وأريد طرحه على أصحاب العلم وعلماء الشريعة هو، هل أن رمضان الذي يحل علينا تارة في الشتاء وتارة في الصيف، هو نفس الشهر الذي أنزل فيه القرآن من السماء؟!.

أنا لا أعتقد بأن يكون أي شهر من شهور رمضان الذي يصوم فيه المسلمون منذ مئات السنين حسب التوقيت القمري، يتطابق مع أول شهر صام فيه المسلمون في عهد النبي ( صلى الله عليه وسلم)، فلا بد أن يكون هناك فرق بشهور أو أيام بين التاريخ المحدد الذي نزل فيه القرآن في عهد النبي، وبين الشهور الرمضانية التي تلى ذلك الزمن، بحيث ضاع التاريخ الأصلي بين الفروقات الحاصلة في التقويمين القمري والشمسي.

فغالب المسلمين لا يعرفون لحد الان هل أن أول شهر فرض الله فيه الصيام على المسلمون وأنزل فيه القرآن على نبيه كان واقعا في الصيف أو الشتاء، لأن إعتماد التقويم القمري الذي يتخلف عن التقويم الشمسي بحدود ستة أيام، جعل من هذا الشهر الفضيل ومن عبادته المقررة أن لا يكون متطابقا مع الشهر الأول الذي أنزل فيه القرآن على نبينا الكريم، ونحن نعلم بأن المجتمع الإسلامي الأول لم يكن فيهم من يفهم في شؤون التقويمات، ولذلك أبقي العمل بالتقويم القمري الذي يحل بموجبه الشهر الفضيل تارة في الصيف وأخرى في الشتاء ولعل في ذلك حكمة آلهية لا نعرفها نحن عباد الله،ولكن لو كان هناك من يعرف بالحسابات الفلكية والدورتين الشمسية والقمرية، لكان بالإمكان حينذاك أن يستقر شهر رمضان وليلة القدر في موعد مكرر كل سنة وبالتحديد الدقيق، ولذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه وهو

بحاجة الى رأي العلماء الأجلاء،هل أن قيامنا في ليلة القدر من كل سنة والتي رجح العلماء أنها تقع في السابع والعشرين من رمضان، يتطابق مع تلك الليلة التي أنزل فيه القرآن على الرسول الكريم، بمعنى آخر هل يقبل الله قيامنا في ليال أعتقد أنها بعيدة كل البعد عن تلك الساعة والليلة المحددة التي أنزل فيه القرآن، خصوصا وأن تعاقب شهر رمضان خلال فصول السنة يجعل التطابق مستحيلا اللهم إلا خلال مئات السنين، هذا إذا ما إعتمدنا الحسابات الفلكية لحساب ذلك.!!..

أعتقد بأن إستخدام الحسابات الفلكية الحديثة لتحديد أول رمضان في عهد النبي وكذلك تحديد ليلة القدر فيه، ليس أمرا مستحيلا، ولو أجاز العلماء ذلك لأمكن تجنب المسلمين الكثير من مشقات الصيام في الشهور التي تقع خلال فصل الصيف، فالمعروف أنه في مناطق حارة مثل منطقة الخليج والشرق الأوسط عموما وهي المناطق الأكثرية المسلمة يشق الصوم على المسلمين كثيرا في شهور الصيف اللاهبة والحارقة،والإسلام دين اليسر وليس دين العسر، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.