واخيرا، تناقلت وکالات الانباء و وسائل الاعلام العالمية تقارير خبرية متباينة عن مقتل الدکتاتور الليبي السابق معمر القذافي في مدينة سرت مسقط رأسه، وهو نبأ يحمل في طياته الکثير من الدلالات و العبر البليغة لکل اولئك الذين يصرون على السباحة ضد التيار و يقفون بوجه منطق التأريخ و الواقع و قطعا سيأتي دورهم جميعا واحدا تلو الاخر حتى اولئك الذين يحکمون و يصرحون بأسم قيم السماء!

قتل القذافي الذي شغل الدنيا کلها بتصريحاتهquot;السمجةquot; ذات الطابع المثير للإستهزاء به قبل أي شئ آخر، ولايبدو أن العالم منذهل من جراء ذلك، إذ انه و بعد التغيير الکبير الذي حدث في العراق بإسقاط النظام البعثي و إعدام رمزه الکبير صدام حسين، وبعد أن جرت عملية محاکمة الرئيس حسني مبارك في مصر، بات العالم کله يعي بوضوح أن عصر الحکام الطفيليين و الفوقيين قد إنتهى و ولى الى الابد.

القذافي الذي کان يصر على مواجهة سنن التأريخ و يرفض الاقرار بحقيقة إنتهاء دوره و أفول نجمه الى الابد، کان هنالك من يتابع أنباءه عن کثب و يتمنى و يدعو في سره بخالص نية من أجل نجاحه في القضاء على الشعب الثائر ضده و يعود من جديد ليتربع عرش الاستبداد ليس من أجله وانما من أجل الثلة المتبقية التي يبدو أنها رأت في محاولةquot;عميدها السابقquot;للتشبث جاهدا بالسلطة نموذجا من الممکن تکراره في دمشق و صنعاء مثلا!

قتل القذافي، وليس هناك من داع للتکهن او ضرب أخماس بأسداس للتأکد من ذلك، فقد قضي الامر وکان لابد من حدوث ذلك و إنزال قصاص التأريخ و الحق به و بذلك طويت تلك الصفحة المثيرة للقرف و الاشمئزاز لذلك المجنون الذي کان يصطحب جهله و خيمه و همجيته الى الغرب و يطلق من هناك تصريحاته الجوفاء الخرقاء الفارغة، وقطعا سيذکره التأريخ کخرقة سوداء أخرى من خرقه الکثيرة السافلة من أمثال نيرون و هتلر و موسوليني و صدام، وبقدر ماستثير أقواله و مواقفه المثيرة للسخرية من ضحك، فإنها ستثير وفي نفس الوقت أيضا الکثير من القرف و الاشمئزاز و الغثيان.

قتل القذافي، ذلك الدکتاتور المزمن الذي کان يشکل واحدا من أعمدةquot;الاستبدادquot;المقيتة في المنطقة، لکن، قتله لايعني أبدا نهاية المشوار، فالقضية مستمرة و هناك ثلة أخرى تنتظر دورها لکي ترمى في مزبلة التأريخ غير مأسوف عليها، وقطعا مخطئ کثيرا من ظن أن هذا الربيع سينتهي في صنعاء او دمشق، وانما سيستمر حتى يدك أهم و أخطر قلعة للاستبداد و الدکتاتورية في المنطقة، تلك القلعة التي جعلت من نفسها ناطقة باسم السماء و حاکمة بأمره، قلعة لو هوت فإن ربيع الحرية و الانسانية سيکتمل على أحسن ماسيکون في المنطقة برمتها، و ستبدأ صفحة جديدة من التأريخ، صفحة لايوجد بين أسطرهاquot;القائد الضرورةquot;اوquot;الاخ القائدquot;اوquot;الولي الفقيهquot;، وانما سيکون هناك رئيسا منتخبا من قبل الشعب فقط و ليس مفروضا بإنقلاب عسکري او بنظريات دينية يتيمة و مشبوهة!