ليس كل البديهيات التي نؤمن بها صحيح دائما، وأهمية قراءة الكتب من أجل الثقافة العامة بديهية سلمنا بها نظرا لفائدتها بشكل عام و لم نخضعها للمساءلة النقدية، وهل كثرة القراءة تساعد على الإبداع والإختراعات العلمية؟


المحلل النفسي بيير داكو يقول: ان الإكثار من قراءة الكتب قد يكون أحيانا أحد أعراض الشعور بالنقص والرغبة بحب الظهور وجلب إعجاب الآخرين.


النتيجة الصادمة.. ان معظم المخترعين والمكتشفين الذين أثروا الحضارة وغيروا وجه الحياة لم يكونوا مثقفين موسوعيين، بل كانوا متعلمين بشكل جيد ويملكون مواهب متميزة في مجال إختصاصاتهم، على سبيل المثال : المخترعين الذين احدثوا نقلة هائلة في حياتنا في الوقت الحاضر الذين إخترعوا : محرك البحث غوغل، وموقع الفيس بوك، ومنتجات شركة آبل، وشركة مايكروسوفت، هؤلاء حينما قدموا إختراعاتهم للناس كانوا شبابا وطلاب جامعة ولم يتح لهم العمر بعد الإطلاع على الثقافة بمجالاتها الموسوعية، وانما ركزوا على البحث والتجارب.


ونفس الشيء مع مخترعي الهاتف والطائرة والقطار والكهرباء، ومكتشفوا الأمراض والأدوية... هؤلاء لم يكونوا مثقفين موسوعيين، بل ان أديسون مخترع المصباح الكهربائي وأكثر من 1000 إختراعا آخر لم يكن حتى متعلما في المدرسة وأمه تولت تعليمه في البيت ولم يكن لديه الوقت لقراءة الكتب.


على العكس من هذا نجد ان الموثقفين الموسوعين الكبار لم يقدموا شيئا مميزا على صعيد الإبداع والإكتشاف ولإختراع، اذ تشتت تركيزهم وتوزع إهتمامهم وتكدست عقولهم بالمعلومات والحشو ولم يعد فيها فسحة للتأمل والتفكير والإبداع، ففي الوطن العربي يعتبر الدكتور عبد الرحمن بدوي المتخصص بالفلسفة والذي أصدر حوالي 150 كتابا واحد من كبار المثقفين، فهو يجيد 11 لغة أجنبية، ولكن مع هذا لم يقدم شيئا جديدا في مجال إختصاصه الفلسفة وإقتصر جهده على الترجمة وشرح مفاهيم الفلسفة، بينما يوجد أقل منه ثقافة في نفس الإختصاص قدم نتاجا مبتكرا.


بدل ضياع العمر وحشو الدماغ بقراءة الكتب بشكل عشوائي، يجب منهجة القراءة والتركيز على المراجع والمصادر والمعاجم والموسوعات، والتقليل من قراءة الكتب التي مهمتها تقديم وجهات النظر والشروحات، اما قراءة الروايات الأدبية والشعر والمذكرات... فهي مسألة ذوقية وتقديرية تعود للقاريء.


ومن المهم مقاومة سحر الكتاب المطبوع، فليس كل كتاب جدير بالقراءة، وشكرا للأنترنت الذي أصبح يقدم لنا خلاصات سريعة في مختلف مجالات العلم والمعرفة.

[email protected]