(دراسة قانونية)

المقدمة:
أصبحت شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) جزءا من حياتنا اليومية الشخصية والعملية، نظرا لما وفرته من تطورات واختصاراً للوقت والجهد بشكل سريع وسهل، وعلى الرغم من ان ظهور ال انترنت قبل أربعة عقود، الا إن الاستخدامات الحديثة والمتطورة بدأت حديثا نتيجة التطور في استخدام الانترنت ومزاياه، وتدخل التجارة الالكترونية ضمن نطاق هذا التطور في نظام التصفح الذي يعد البنية اللازمة لتفاعل المستخدم مع الانترنت وتتكون هذه البنية من مجموعة من المستندات المخزنة على حواسيب الانترنت على مستندات الويب يطلق عليها (Home Page).

والتجارة الالكترونية هي جزء من منظومة الانترنت المتطورة التي تسعى الى تسهيل الأعمال، ومن منطلق المصطلح فان ما يعنيه هو القيام بأعمال تجارية عن طريق الانترنت الحديث.

ومن الطبيعي أن هذا التطور المتلاحق في الناحية الالكترونية يقابله ضرورة ان يكون له إطار قانوني يحدد كيفية عمله ونطاقه وأحواله، على اعتبار ان موضوع التجارة الالكترونية يعد هذا اليوم من أكثر المواضع اثارة للجدل القانوني، وذلك من خلال أهمية التجارة الالكترونية كونها اخر التطورات التاريخية لموضوعات تقنية المعلومات في وقتنا الحاضر، وانها كانت جزءً من الاعمال الالكترونية، لذلك فان البحث القانوني يعد ذا أهمية ليؤطر موضوع التقنية، بوصف هذه التقنية المعبر عن تحديات الوقت الذي يتسم بالتقدم التكنولوجي.

خاصة ان تعامل التجارة الالكترونية لابد وان يخضع للقانون الدولي فضلا عن القانون الوطني للدول، لأن عمل التجارة الالكترونية لا يعترف بالحدود، لذلك، فان التشريعات الدولية هي الكفيلة بتأطير العمل الالكتروني بجانب التشريعات الوطنية.

تعريف التجارة الالكترونية:
تمثل التجارة الالكترونية موضوعا فيما يعرف (الاقتصاد الرقمي او Digit Economy) اذ يقوم الاقتصاد الرقمي على حقيقتين، التجارة الالكترونية وتقنية المعلومات حيث ان تقنية المعلومات هي التي اوجدت التجارة الالكترونية بوصفها تعتمد على الحاسبة والاتصال ومختلف الوسائل التقنية.

عرف جانب من الفقه التجارة الالكترونية بأنها عرض المشروع للسلع والخدمات على موقع للانترنت ليحصل على طلبات من الزبائنوقد حاول جانب من الفقه المصري تعريف التجارة الالكترونية بأنها (جميع المعاملات التي تتم عبر الانترنت حتى لو لم تتمتع بالصفة التجارية وان كانت في الغالب تتمتع بهذه الصفة من جانب السلعة او الخدمة على الاقل والذي غالبا ما يكون تاجرا)، والملاحظ على هذا التعريف، انه وضع تعريفا عاما للتجارة الالكترونية وجعلها ضمن نطاق المعاملات، اذ قسم التعريف المعاملات الى بيع سلع وخدمات سواء تمتعت بصفة تجارية ام لم تتمتع بهذه الصفة، الا انه استطرد بالقول ان الغالب ان تكون ذا صفة تجارية، وهذا ما يعني، ان التجارة الالكترونية هي عمل تجاري مثلها مثل الاعمال التجارية الا ان الاختلاف الواضح فيها ترجع الى خصوصية وسائل مباشرة هذه التجارة.

وهناك رأي يعطي للتجارة الدولية صورة من صور التعاقد عن بعد والتي ادت الى وجود مشاكل عملية وقانونية تتعلق بفروع القانون المختلفة، ويرى هذا الرأي ان التعاقد عن طريق الانترنت يقترب من صورة التعاقد بين غائبين او التعاقد عن بعد، بحيث اختلفت وسيلة التعاقد من التعاقد عن طريق المراسلة Corres Pondanct او التعاقد بطريق الاتصال بالتلفون، وصارت عن طريق البريد الالكتروني (الانترنت).

وعلى الرغم ان التواجد المادي بين البائع والمشتري (الطرفين) يضفي نوعا من الامان والاستقرار في التجارة او عملية البيع والعقد، اذ ان المعاينة النظرية قد تكفي بذاتها في عملية التعاقد خلافا للتعاقد الذي يتم بدون وجود الاطراف ومعاينة المادة محل البيع عن بعد وعدم وجود اطراف العلاقة البائع والمشتري والمادة في ذات المكان الا ان التطور الحديث اوجد فرصة لهذا النوع من البيوع مما يعني ان التجارة الالكترونية هي ذات التجارة التقليدية مع الفارق الذي ذكرناه.
ولذلك يذهب البعض الى تعريف عقد التجارة الالكترونية بانه العقد الذي يتلاقى فيه الايجاب بالقبول على الشبكة الدولية المفتوحة للاتصال عن بعد بوسيلة مسموعة مرئية، بفضل التفاعل بين الموجب والقابل.

ويرى البعض ان التجارة الالكترونية تمثل تعاملا بالبيع والشراء بين بائع ومشتري بمفهوم العمل والتسوق الالكتروني والتعاملات المصرفية والبيانات التي يمكن ارسالها الكترونيا وطلبات الشراء والبيع ومشروعات التعاقد.

فالواضح ان حركة التجارة الالكترونية في تزايد، وان التعاريف التي اشرنا اليها في ضوء ما جاء به الفقه هي تعاريف حاولت ان تضع صيغة تعريفية لايجاد تعريف جامع مانع شامل لموضوع التجارة الالكترونية، عليه، فان عبارة التجارة الالكترونية هي عبارة واسعة وعامة مع كونها عبارة شائعة الاستعمال في الوقت الحاضر، وينحصر هذا المفهوم بعدة عناصر ولكن تلك العناصر لها القدرة على الارتباط مع العديد من المجالات والقضايا المهمة في وقتنا الحاضر
وان عملية التجارة الالكترونية هي من وجه نظرنا ليست اكثر من عملية تجارية تتم بين طرفين البائع والمشتري وتتمثل في عقد صفقات وتسويق المنتجات عن طريق الكتروني (أي باستخدام الحاسب الالي)، وعبر شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) دون ان يكون هناك مكان محدد للقاء الطرفين وعدم وجود المادة (محل البيع) بصورة مادية فهي عملية الكترونية بحتة تتجاوز التجارة التقليدية وتعمل على اقامة عملية بيع وشراء او اية معاملة ذات طابع (تجاري) بواسطة الانترنت.

مزايا وسلبيات في التجارة الالكترونية
كثيرة هي الدراسات التي تناولت فوائد وأهمية التجارة الالكترونية وأهمية اللجوء إليها واعتمادها نمطا من أنماط النشاط التجاري في عصر المعلوماتية، ولذلك، وانطلاقا من أهمية دراسة التجارة الالكترونية، فإننا سوف نستعرض الفوائد (الايجابيات) المتحققة من التجارة الالكترونية، كما سنبين بعض السلبيات التي ترافق أو تؤخر العمل بالتجارة الالكترونية:
الايجابيات:
أولا: ان التجارة الالكترونية تساعد على توافق انماط التجارة مع سمات هذا العصر اذ مكنت التجارة الالكترونية من خلق أنماط مستحدثة من وسائل ادارة النشاط التجاري كالبيع عبر الانترنت والتجارة بين قطاعات الأعمال، وسواء تمت في احد هذين القطاعين ام احدهما، فهي سوف تساعد في خلق تغيير شامل في طريقة اداء الخدمة وعرض المنتج وتحقيق الفوائد المترتبة على عملية البيع والشراء.
ثانيا: ساعدت عملية التجارة الالكترونية على الدخول الى الأسواق العالمية، خاصة في ظل ما يطلق عليه بالعولمة و(الغاء الحدود) من الناحية التجارية، وجعل السوق مفتوحا امام المستهلك، وقد ساعدت التجارة الالكترونية على تطبيق الاتفاقيات الدولية التي حاولت تحرير التجارة العالمية، فهي لا تعترف بالحدود ولا القيود ولذلك، فان التجارة جعلت عملية البيع والشراء تبدو ضمن نطاق جغرافي محدد في ظل فترة زمنية محدودة ايضا.
ثالثا: اختصار الوقت والجهد بيسر وسهولة واتمام اعمال البيع والشراء، بوقت مقيد والعمل ضمن مدة زمنية كفلية بالخروج بعقد تجاري بين طرفين مع تحديد الثمن والتوقيع على العقد الكترونيا والعمل على تقليص (الموارد والجهود) بما يخدم عملية التجارة ويسهل عملية الانتقال الى اطراف اخرى، كذلك انه يمكن ان تتم اكثر من عملية تجارية ضمن فترة زمنية محددة ولبضائع وخدمات متنوعة وهذه الفائدة سوف تعود بالوقت والجهد على البائع والمستهلك (المشتري) مما يساعد على تحقيق ايجابية اختصار لأمور كثيرة في هذه الاعمال.
ان هذه الفوائد المتحققة من التجارة الالكترونية، ساهمت في قبولها والعمل ضمن نطاقها بل والتطور الحاصل في عملية التجارة الالكترونية، بفضل الخبرة التي بدأ يكتسبها الكثيرون من الزبائن والمهتمين في القيام بعملية التجارة الالكترونية وتحقيق الفوائد والحصول على الارباح، بل وتطوير الاداء الخدمي في عملية التجارة بالنسبة للشركات والقطاعات الخاصة، بما تتطلبه من مؤسسات وبنية تحتية واستراتيجية ادارية واتصالات وبما تحتاجه من كفاءة وخبرة ودقة في العمل خاصة وان مثل هذه الاعمال تتطلب الحيطة والحذر من خلال سرية البيانات وحماية المستهلك من الغش وشرعية التداول للبيانات وفق القانون
وهذا ما دفع الى تطوير التجارة الالكترونية من عام 1998 بين قطاعات الأعمال حيث كان من المتوقع ان تزداد الى 300 بليون عام 2002 لكن في الواقع كان ما تحقق اكثر من ذلك.

السلبيات:
مع الفوائد المتحققة من التجارة الالكترونية فان معدل الفوائد سوف يزداد بصورة طردية مع الحاجة الى القيام بها والعمل بموجبها، خاصة اذا ما توفرت القوانين اللازمة لتنظيم عملها، وبالتالي، فان حجم التجارة الالكترونية سيكون له اهمية في المستقبل مع هذا التطور الهائل في عملية البيع والشراء عن بعد وبفضل الفوائد التي ذكرناها.
ولكن الناحية الاخرى، فان للتجارة الالكترونية بعض العيوب والسلبيات فضلا عن الايجابيات التي تتمتع بها، ويمكن ايجاز ابرز هذه السلبيات بما يأتي:
اولاً: عدم الثقة او فقدان الثقة التي قد تكون موجودة لدى بعض المستهلكين مع بعض الشركات او البائع، خاصة اذا لم يكن معروفا او معلوما، وهذه الحالة سوف تؤدي الى التقليل من العمل ضمن اطار التجارة الالكترونية.

ثانياً: التحايل او الغبن او الغش الذي قد يتعرض له المستهلك من قبل البعض، بوصفهم بائعين او مستهلكين للقيام باعمال الغش، كذلك قد يتعرض المستهلك الى جريمة ضعف او استغلال او جهل المتعامل في البيع الالكتروني او جرائم الاعتداء الواقع على التوقيع الالكتروني(11).
ثالثا: تثير التجارة الالكترونية مشاكل القانون الواجب التطبيق، في ظل غياب التشريعات الدولية والاتفاقيات التي تعالج مسألة التجارة الالكترونية خاصة وان مسألة التجارة الالكترونية ذات بعد اقتصادي دولي لابد ان يعالج بتشريعات دولية ووطنية.

وهذه الايجابيات والسلبيات التي نلاحظها على التجارة الالكترونية لا تثير اشكالية التعامل فقط بل وتثير اشكالية غياب النصوص القانونية وعدم وجود ضوابط محددة لعمل التجارة الالكترونية ولكن هذا لا يمنع من اهميتها ودورها اليوم مع ضرورة وجود خطوط موازية لعملها من الناحية القانونية.

تنظيم القانون الدولي للتجارة الالكترونية
تثير التجارة الالكترونية الكثير من المشكلات ذات الطبيعة القانونية نظرا لما قد تسببه من ارتكاب للجرائم من خلال أطرافها او احدها بارتكاب جرائم تزوير أو سرقة او تحايل او غير ذلك، وما يهمنا في هذا المجال التنظيم القانوني الدولي (غير الجنائي) للتجارة الالكترونية، والمقصود بالتنظيم القانوني الدولي هو القرارات الدولية التي عالجت مسألة التجارة الالكترونية سواء الأمم المتحدة ام منظمة التجارة العالمية ام الاتحاد الأوروبي ويدخل ضمن هذا التنظيم القانوني مشاريع القوانين التي قامت البلدان بوضعها بغية تنظيم تلك التجارة.
ولذلك، فإننا نجد من الأجدى ان نتناول التنظيم القانوني الدولي (غير الجنائي) وفق قرارات منظمة الأمم المتحدة، ومن ثم منظمة التجارة العالمية، والاتحاد الإفريقي، تلخيصا لرؤية دولية متخصصة وإقليمية لإضفاء إحاطة شاملة على المعالجة الدولية لعمل التجارة الالكترونية مما يساعد على فهم تلك الرؤية وفق أحكام القانون الدولي العام.

مشروع منظمة الأمم المتحدة لقانون التجارة الالكترونية
وافقت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي والتي يطلق عليها (الاونسيترال) أو نموذج لمشروع قانون موحد للتجارة الالكترونية في 16/12/1996، وعلى الرغم من أن مشروع القانون لم يعرف (التجارة الالكترونية) واكتفى بتعريف تبادل المعلومات الالكترونية ومن ضمنها التجارة الالكترونية فقد عرف تبادل المعلومات بأنها النقل الالكتروني بين جهازين للكمبيوتر للبيانات باستخدام نظام متفق عليه لإعداد المعلومات، وقد رأت اللجنة ان هذا التعريف، يغطي كل استعمال المعلومات الالكترونية في التجارة والتي أطلق عليها بالتجارة الالكترونية، وبناءا على ذلك، يعد من وسائل الاتصال التي تغطي التجارة الالكترونية، والتي يسعان فيها بالوسائل الالكترونية النقل من كومبيوتر لكومبيوتر لمعطيات تجارية وفقا لنظام عرض موحد (شكل موحد) ونقل الرسائل الالكترونية باستعمال قواعد عامة أو قواعد قياسية والنقل بالطريق الالكتروني كاستخدام الانترنت ويلاحظ أن مشروع قانون (Uncitral) للأمم المتحدة له سلبيات وايجابيات يمكن بيانها بخصوص موضوع التجارة الالكترونية.
وبالنسبة للسلبيات الملاحظة في هذا المشروع انه لم يعط تعريفا عاما للتجارة الالكترونية خاصة وان التجارة الالكترونية لم يحدد لها الفقه تعريفا واضحا ودقيقا ولذلك كان من الأولى إعطاء تعريف عام للتجارة الالكترونية حتى يمكن الاسترشاد به في العمل ضمن التجارة الالكترونية مما يعني ان عدم وجود تعريف زاد صعوبة في الأمر.
فضلا عن ذلك، ان مشروع القانون توسع جدا في أساليب التعامل الخاص بالتجارة الالكترونية أي انه تناول تفعيل وسائل التجارة الالكترونية بصورة واسعة وواضحة وعرفها وبالتالي فان المشروع جاء بتعريف الوسائل دون تعريف التجارة الالكترونية نفسها.
أما بالنسبة لايجابيات هذا المشروع فيمكن تلخيصها بالاتي:
أولا: إن مشروع قانون الأمم المتحدة للتجارة الالكترونية يجوز الأخذ به واحدا من الأمثلة على التعاون الدولي في وضع إطار قانوني دولي مشترك، بغية العمل على تنظيم التجارة الالكترونية بما يساعد الدول على الأخذ بهذا القانون والاسترشاد به في وضع القوانين الوطنية الخاصة بالتجارة الالكترونية ويسمح لاطلاع الدول على الرؤية الدولية التي يجب ان تكون متناسبة مع اهتمامات الدول.
ثانيا: إن القانون النموذجي للأمم المتحدة يضع قواعد محددة بشأن التجارة الالكترونية والتوقيع الالكتروني، اذ يتجه هذا المشروع إلى إثبات صحة المستندات المستخدمة في معاملات التجارة الالكترونية من الناحية القانونية الدولية، مما يساعد على العمل على إعطاء فرصة واضحة لأدراك أهمية تلك المستندات في ظل غياب التشريعات الوطنية والإقليمية اللازمة في عملية تقنين التجارة الالكترونية.
والملاحظ انه ومن نص مشروع قانون الأمم المتحدة فانه يسري على أي نوع من المعلومات في شكل رسالة بيانات مستخدمة في سياق أنشطة تجارية، وقد بين المشروع ان المقصود بالأنشطة تفسيرا واسعا بحيث يشمل المسائل الناشئة عن جميع العلاقات ذات الطابع التجاري سواء كانت تعاقدية او لم تكن، وتشمل العلاقات ذات الطابع التجاري اوردها القانون على سبيل المثال المعاملة التجارية لتوريد البضائع والسلع والخدمات، التمثيل التجاري، منح التراخيص وغيرها
ومهما يكن من أمر فإننا نرى ان قانون الاونستيرال يعد خطوة مهمة نحو التعاون الدولي بين الدول في وضع اتفاق دولي (اتفاقية شارعة) تعد احد مصادر القانون الدولي والعمل على إقامة تشريع دولي يعمل على تنظيم التجارة الالكترونية، فلقد جاءت لجنة الاونستيرال لتضع مشروع قانون التجارة الالكترونية انطلاقا من إدراك أهميتها بوصفها تختلف عن غيرها في حاجتها الى قواعد موحدة عالمية اذ يسجل لها الريادة في هذا المجال، من اجل توحيد القواعد القانونية التي تنظم التجارة الالكترونية.

ان قيام منظمة الامم المتحدة بالقيام بوضع مشروع قانون للتجارة الالكترونية سوف يسهم في العمل ضمن تقنين القواعد التي تعالج مسألة التجارة الالكترونية من الناحية غير الجنائية، اذ ان الناحية الجنائية تبقى ضمن النطاق الوطني للدول، تعمل بالاسترشاد بمشروع الاونستيرال لكن مع الأخذ بما يلائم مصلحتها وحماية مصالح الأطراف وبالأخص المستهلك في التجارة الالكترونية.

منظمة التجارة العالمية والتجارة الالكترونية
بالنسبة لدور منظمة التجارة العالمية وموقفها من التجارة الالكترونية، فقد أصدرت هذه المنظمة في مطلع عام 1998 الدراسة الخاصة حول التجارة الالكترونية بعنوان (آليات التجارة الالكترونية وما يتعلق بمباشرتها استخدام الانترنت) اذ توصلت في هذه الدراسة الى اعتبار التجارة الالكترونية ضمن الأنشطة التجارية التي تستوعبها وتطبق عليها الاتفاقية الدولية الخاصة بالتجارة في الخدمات، اما بالنسبة لتحديد موقفها الرسمي فضلا عن الدراسة أنفة الذكر فقد بينت في مؤتمر منظمة التعاون الاقتصادي المنعقد في اوتاوا في 1998، اذ أشار مدير المنظمة (Renoto Reggiro) الى ان منظمة التجارة العالمية لا تسعى لوضع قواعد جديدة خاصة بالتجارة الالكترونية، انما تسعى الى استخدام التنظيم القانوني القائم والمحدد ضمن اتفاقية الـ (Gatts) الخاصة بالتجارة، وقد كان لمنظمة التجارة العالمية عقد اتفاقية عالمية ضمت ثلاث اتفاقيات رئيسة الاولى كانت عام 1995 وهي (28) اتفاقية عالمية تؤطرها ثلاث اتفاقيات الاولى (الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة) (جات Gaat) والثانية الاتفاقية للتجارة والخدمات (Gats) (26) والتي جرى وضعها لمواجهة النشاط التجاري المستجد في مديان خدمات النقل والخدمات المالية والاتصالات والخدمات التقنية والاستشارية والاتفاقية الثالثة، اتفاقية الجوانب التجارية المتعلقة بالملكية الفكرية Trips، والتي تتعلق بمسائل حقوق المؤلف والعلامات والاسرار التجارية وبراءات الاختراع والقواعد العامة المتصلة بالملكية الفكرية وعلاقتها بالتجارة العالمية.
ويأتي دور منظم
ة التجارة العالمية كون التجارة الالكترونية هي مجموعة متكاملة من انتاج وتوزيع وبيع المنتجات بوسائل الكترونية، فنظرا للتطور المتسارع الذي طرأ على مفهوم التجارة ظهرت العديد من المعالجات الفقهية وصولا الى التعريف القانوني بغية التنظيم الدولي بواسطة المنظمات الدولية والمتخصصة التي واكبت عمل التجارة الالكترونية، ويأتي تدخل منظمة التجارة العالمية امرا طبيعيا يحاول ان يعطي بعدا اقتصاديا دوليا لمفهوم التجارة الالكترونية من خلال الاتفاقيات الدولية او المؤتمرات الدولية او الإقليمية ذات البعد الدولي من اجل إيصال فكرة التجارة الالكترونية ضمن مفاهيم أساسية او تشريع قواعد جديدة للمعالجة، الا إن ما يلاحظ على ان المنظمة لم تحتاج إلى إيجاد قواعد تشريعية للتجارة الالكترونية، بل صنفت التجارة الالكترونية ضمن الأنشطة التجارية التي تستوعبها وتطبق عليها الاتفاقية الخاصة بالخدمات، وسواء كانت منظمة التجارة قد ادت دورا فاعلا ام لا في تحديد مضمون التجارة الالكترونية، الا أنها لم تورد لها تعريف عام شامل ولم تورد وسائل مباشرة او الكترونية، بل اكتفت بالإحالة إلى المفاهيم الأساسية للاتفاقيات المبرمة ذات الشأن لامتداد النشاط إليها بوصفها أي (التجارة الالكترونية) جزءا لا يتجزأ من تلك الأنشطة التجارية.

التجارة الالكترونية في ظل الاتحاد الأوروبي
بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فهو تنظيم إقليمي أوروبي يحرص على التعامل مع التجارة الالكترونية ضمن تطوراتها التقنية، ولذلك فان الاتحاد الأوروبي ومنذ العام 2000 بدأ التوجه نحو ادراج تعريف للتجارة الالكترونية، اذ عرف توجيه البرلمان والمجلس الأوروبي رقم 97/7 الصادرة في مايو عام 1997 في شأن حماية المستهلكين في مجال العقود عن بعد في مادتها الثانية العقد عن بعد بانه (كل عقد يتعلق بالبضائع او الخدمات ابرم بين مورد ومستهلك في نطاق نظام البيع او لتقديم خدمات عن بعد نظمه المورد الذي يستخدم، لهذا العقد، تقنية او أكثر للاتصال عن بعد لابرام العقد وتنفيذه)، كما عرف هذا التوجيه تقنية الاتصال عن بعد بأنه (كل وسيلة دون وجود مادي وزمني للمورد والمستهلك، يمكن ان تستخدم لابرام العقد بين طرفيه)، ويلاحظ ان ابرز الأمثلة التي أوردها التوجيه لتقنيات الاتصال منها المطبوعات غير المعنونة والخطابات والدعاية والحاسبة والمراسلات الالكترونية
اما توجيه البرلمان والمجلس الأوروبي رقم 2000/31 الصادر في الثامن من حزيران من العام 2000 بشأن بعض الجوانب القانونية لخدمات شركة المعلومات وبصفة خاصة للتجارة الالكترونية في السوق الوطنية والذي يطلق عليه (توجيه التجارة الالكترونية) في المادة الثانية، الاتصال التجاري بأنه كل شكل من أشكال الاتصال يستهدف تسويق بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بضائع أو خدمات أو صورة مشروع أو منظمة او شخص يباشر نشاط تجاري أو صناعي او حرفي او يقوم بمهمة منظمة، وفضلا عن ذلك، فقد أشار هذا التوجيه إلى ضرورة ان تقوم الدول الأعضاء بالسماح لأنظمتها القانونية بإبرام العقود بالطرق الالكترونية، بحيث لا تمثل هذه الأنظمة عائقا لاستعمال العقود الالكترونية ولا تحد من أثرها وفعاليتها لمجرد أنها تتم بالطرق الالكترونية
ويلاحظ أن الاتحاد الأوروبي، ومن خلال هذين القرارين أو ما يطلق عليهم (التوجيهيين) قد أعطوا تعريفا للاتصال التجاري أي التجارة الالكترونية، وهذا التعريف إنما يحاول إن يعطي توصيفا قانونيا للتجارة الالكترونية، خاصة وان الدول الأوروبية تشهد التجارة الالكترونية ولذلك فقد حاولت الدول الأوروبية وضع تعريف للتجارة الالكترونية لتحديدها وتنظيمها ويمكننا أن نقدم دولة (فرنسا) بوصفها احد أعضاء الاتحاد الأوروبي المؤسسين، إذ أشار التقرير الذي قدمه لورنتز عام 1998 لوزير الاقتصاد الفرنسي إلى التجارة الالكترونية وعرفها بأنها (باختصار مجموعة المعاملات الرقمية المرتبطة بأنشطة تجارية، بين المشروعات بعضها البعض، وبين المشروعات والإفراد، وبين المشروعات والإدارة)
ويلاحظ على هذا التعريف الفرنسي انه قد توسع في تعريف التجارة الالكترونية لتشمل مجمل الأنشطة التجارية وتبادل المعلومات والتعاملات المتعلقة بالبضائع والتجهيزات أو بضائع الاستهلاك التجاري، وكذلك يشمل الخدمات مثل خدمة المعلومات والخدمات المالية والقانونية.

التجارة الالكترونية العربية
لا يقل اهتمام الدول العربية عن غيرها من الدول في التجارة الالكترونية، خصوصا وان الدول العربية تدرك أهمية التجارة الالكترونية، ويظهر ذلك جليا من خلال مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية فضلا عن مشاريع القوانين العربية التي حاولت إعطاء تعاريف، فضلا عن دور مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية وكالاتي:
إذ يقوم المجلس بالإجراءات اللازمة من اجل تأمين الحماية اللازمة للتجارة الالكترونية العربية بعد تزايد عمليات القرصنة والجرائم المتعلقة بالمعلوماتية في العالم، ويقدر المجلس معدل النمو في التجارة الالكترونية عربيا بنحو 15% مقابل 30% عالميا، إذ يبلغ حجم التجارة الالكترونية قبل عدة أعوام بنحو 3 مليارات دولار مقارنة بحوالي 135 مليون دولار عالميا، إذ كان التوقع ان يبلغ معدل حجم التجارة الالكترونية 5 مليارات دولار عام 2003 مقابل 31 تريليون دولار عالميا ويؤكد مجلس الوحدة الاقتصادية على ضرورة إيجاد تشريعات قانونية لتنظيم التجارة الالكترونية عربيا من اجل المحافظة على مصالح الدول العربية للحد من عمليات القرصنة وسرقة المعلومات، خصوصا ان كثيراً من الدول العربية أصبح يمتلك الفرص في مجال صناعة البرمجيات ونظم المعلومات وابتكار البرامج وتطويرها اذ يسعى المجلس إلى تأسيس شركة عربية لتأمين المعلومات والاتصالات برأس مال 5 ملايين دولار وتتصدر دول مجلس التعاون الخليجي ومن ثم مصر الدول العربية في التجارة الالكترونية، وجهود المجلس تأتي ضمن الاهتمام بالتجارة الالكترونية للدول العربية والوصول إلى حجم تبادلات متطورة فيها.


الخاتمة
من التطورات التي عكسها الانترنت في العالم الرقمي اليوم هو مايعرف بالتجارة الالكترونية وتعد التجارة الالكترونية جزء من منظومة الانترنت المتطورة التي تسعى الى تسهيل الأعمال، ومن منطلق المصطلح فان ما يعنيه هو القيام بأعمال تجارية عن طريق الانترنت الحديث.
.. وتعد صورة من صور التعاقد عن بعد ولذلك يجب ان يتدخل القانون الدولي في تاطير العلاقة وتنظيمها بما ينسجم مع التطورات ليوفر حماية للمنتج والمستهلك وحماية أطراف العلاقة في التجارة من أي عمل غير مشروع كون التجارة الالكترونية تقع عابرة للحدود في الكثير من الأحيان.

مركز الدراسات الإقليمية ndash;جامعة الموصل