بات معروفا أن أجهزة المخابرات في العالم تتفنن في تعذيب المعتقلين لديهم وقد أبتكرت أنماطا من التعذيب النفسي، اضافة الى التعذيب الجسدي الذي قد يفضي الى الموت السريع أو الموت البطئ. وتميزت المخابرات في العالم الثالث، أو العالم المتخلف باستخدام العنف مع المعتقلين، أي التعذيب الجسدي، ابتداء بالضرب بالعصي والكيبلات الصعق الكهربائي وتكسير الايدي والارجل وقطع الاذن أو جدع الانف،او دق الخصيتين أو بتر القضيب وغيرها من أنواع التعذيب الجسدي.

المخابرات الايرانية ( اطلاعات ) واحدة من مخابرات عالم الجنوب، تستخدم النمطين الجسدي والنفسي في التعذيب، وأسهل وسيلة استخدمتها ضد المعارضين كانت هي السحل ومن ثم الشنق على اعواد المشانق أو اعمدة الكهرباء.

ولكن عندما يكون المعارض خارج قبضتهم، كما هو الحال في سكان مخيم أشرف، الواقع في محافظة ديالى في الشمال الشرقي من بغداد، البالغ عددهم 3500 فرد بين رجل وامرأة وطفل،هؤلاء هم خارج قبضة ( اطلاعات ) الايرانية، فان التعامل معهم يتم من خلال الحكومة العراقية.

اعتمدت المخابرات الايرانية تعذيب سكان اشرف في العراق، وعلى قوات فيلق القدس الذي يرأسه قاسم سلماني، وعلى تنظيمات طائفية لها صلات وثيقة بالنظام الايراني.

منذ نيسان عام 2009 وسكان اشرف يتعرضون لنوعين من التعذيب والقتل المتعمد، الاول هجمات عسكرية مباشرة على المخيم، أودت بحياة العشرات من الرجال والنساء، وجرح المئات منهم. وكانت معاناة الجرحى معاناة مؤلمة جدا، لان قوات المالكي تمنع عنهم الدواء، وتعرقل وصولهم الى المستشفيات الحكومية العراقية لاجراء عمليات جراحية لهم.
المخيم لم يعد يحتفظ بهذا الاسم، بل صار سجنا كبيرا بحق،لعل القارئ الكريم قد شاهد بعض السجون في بلده أو من خلال التلفاز، فكل سجن محاط بأسوار عالية جدا، وتعلوها أسلاك شائكة ايضا، حتى لا يتمكن السجناء من الهرب.
اما مخيم أشرف فقد وضع حوله سواتر ترابية عالية جدا، كالتي تضعها الدول على جبهات القتال، ووضعت منصات كنكريتية على جنبات المخيم لمراقبة السكان داخله، كما وضعت منصات عالية نصب عليها كشافات ضوئية عالية القدرة لتسهيل المراقبة ايضا، وعليها كذلك مكبرات الصوت، بلغ عددها 300 مكبره، تبث نداءات وتهديد وتحقير السكان والمجاهدين، وقد رصدت الكمرات الخفية صورا لاحد مخابرات النظام الايراني يدعى ( كريم شيخ ) بلباس الجيش العراقي، يقوم بمهمة التحريض والحرب النفسية، ضد السكان. ومما قاله في احدى حلقات الحرب النفسية : quot; يا سكان مخيم المنافقين، لستم الا حثالات، يا منظمة المنافقين، الشعب العراقي لن يعفوا عنكم، لو كنت أحمل السلاح لاجهزت عليكم، لستم بشرا ولا ملائكة لا يوجد بشر مثلكم، انكم نوع من الفيروسات. لقد انقلب العالم وايران باقية، ان قيادتكم تدفعكم الى الموت لاخذ بدلا ماليا عنكم، من لم يصوت للدستور دستور ولاية الفقيه لا يصح أن يكون رئيسا في اشارة الى الرئيسة مريم رجوي.quot;

الحرب النفسية المتواصلة ضد سكان أشرف مستمرة ليل نهار، منذ مدة طويلة وتتصاعد يوما بعد يوم، قبل انتهاء المهلة التي حددها المالكي لاغلاق المخيم نهاية العام الجاري 2011، وفي ضوء هذه الممارسات لا يتوقع أن تجري العملية بدون مذبحة كبيرة ضد سكان أشرف.

ما مصلحة الحكومة العراقية من هذا العمل ؟ هل هو لاستعادة الاراضي التي اقيم عليها المخيم كما تدعي الحكومة ؟ وهل هو لاخراج منظمة ارهابية من البلاد كما تدعي ايضا ؟.

لو كان الامر اعادة الارض فهذا سبب واهي لان ارض العراق واسعة جدا، ويمكن تعويض اصحابها باحسن منها، هذا على اعتبار أن النظام السابق لم يعوض اصحابها من قبل ؟، اما الادعاء بانها منظمة ارهابية، فالجهات التي وضعت منظمة مجاهدي خلق على قائمة الارهاب هي التي رفعتها من هذه القائمة، وهي الاتحاد الاوروبي، وقد ناشد الاتحاد الحكومة الامريكية رفع المنظمة من قائمة الارهاب،كما طالب 94 من اعضاء الكونغرس الامريكي وزارة الخارجية الامريكية رفع المنظمة من قائمة الارهاب.

وصدرت نداءات من عشرات المنظمات الحقوقية والانسانية في العالم واعضاء في البرلمانات العالمية تطالب بوضع مخيم اشرف تحت الحماية الدولية. ولكن الحكومة العراقية اصمت أذانها عن كل هذه النداءات، وماضية في تنفيذ المطالب الايرانية الرامية الى اغلاق المخيم، وطرد الاشرفيين، أو قتلهم اذا اقتضى الامر.

مرة اخرى نتسائل لماذا حماس حكومة المالكي لاغلاق المخيم وطرد سكانه ضاربا عرض الحائط كل النداءات الدولية والوطنية العراقية ؟ في وقت يشعر المواطن العراقي ان النظام الايراني يسئ الى العراقيين، وقد أمعن في قتل ابنائهم من الضباط والعلماء والشرفاء، واضر بمصادر معيشتهم، عندما سير مجرى المياة العادمة الى الانهار بهدف تلويث الارض العراقية، وجلب الامراض لسكانه وخاصة في المحافظات الجنوبية.

ان سكان اشرف يعانون انسانيا وينتظرون المساندة من كل من يحترم حقوق الانسان وينتصر لكرامته، وخاصة من العرب الذين اعتادوا الكرم، واكرام الضيف بخاصة. والمطلب الاول هو وضع المخيم تحت الاشراف الاممي بكل مستلزماته الفنية والمادية،والضغط على الحكومة العراقية لالغاء مهلة اغلاق المخيم المقررة نهاية العام 2011.

* رئيس لجنة الاعلاميين والكتاب العرب دفاعا عن أشرف
[email protected]