يتوصل حواري مع صديقتي الأستاذة الجامعية المسيحية،في الحلقة الأولى: صديقتي تسألني عن الله، والتي تفاعل معها القراء بنسبة جيدة، فقد بلغ عدد التعليقات حولها 113 تعليقا، وأعادت نشرها بعض المواقع، وفي هذه الحلقة تحاورت مع صديقتي عن الموت وما بعده، وبودي التنويه الى ان حوارتنا ليست كلها جادة مثلما تظهر لكم، بل يتخللها مزاح وغزل، وسأنقل منها القضايا العامة التي تهمنا جميعا. بعد إطلاعها على مقالة : صديقتي تسألني عن الله، علقت قائلة : ((آه يا صديقي !!!!ّ ما هذه المقالة الرائعة التي تهم كل كائن عاقل مهما كان بسيط أو عميق المعرفة وعلي أن أحذرك بعد الان فأنت تستلهم مقالاتك من رسائلنا وتطرح محاوره على صفحات الانترنت... )) ثم استكملت معها الحوار وسألتها: نعود الى حوارنا الديني.. أنا أعرف انك كنت تذهبين الى الكنيسة تحت ضغط أمك اسبوعيا.. وسؤالي لك: متى بدأت لديك مرحلة المساءلة النقدية للدين وتصاعدت الى مرتبة التمرد والرفض؟ هل كان الدافع شخصي نفسي ؟ أم الدوافع فكرية نقدية منطقية؟ وقد اتضح من إجابتها على هذه الأسئلة انها لم تؤرشف لمراحل تحولاتها الفكرية - الدينية، حيث كانت إجابتها : ((... هذه الأسلئلة التي لم يسبق لي أن طرحتها على نفسي.. إنه فقط تراكمات القراءات والخبرات الحياتية والعين الناقدة لأمور الحياة وعدم وجود تبريرات دينية لها.)). لقد كنت أحدثها عن مخاوفي الشخصية من الحياة والموت ومابعده على شكل أسئلة، فالواحد منا بحاجة الى مأوى فكري - روحي يلجأ اليه، و بهذا الدافع كان سؤالي التالي لها : ماذا عن حياة مابعد الموت ألا يخفيك لغزها وعدم معرفة مايجري لنا هناك؟ ماهو تصورك لمصيرنا بعد ان نموت هل توجد روح منفصلة عن الإنسان تتحرك وحدها بعد موته؟ ويبدو انها حسمت أمرها بشأن الدين حيث قالت: ((... فالحياة على الأرض والعقاب على الأرض وبعد الموت هناك الفناء فلا حياة ولا جنة ولا عقاب بنظري إنها بدع إنسانية كي ترتدع النفس عن الشرّ المتحكم بها. فما هو رأيك ؟)). رأيي ؟ بل قضيتي وشغلي الشاغل، كتبت لها: رأيي في حياة ما بعد الموت.. أنا أشعر بالذعر من ذلك المجهول المرعب الذي ينتظرنا. تعرفين قضت عمري وانا أستعد للموت بحكم تربيتي الدينية، وعبئت فكري وروحي بقصص عذاب نار جهنم، وعشت وانا خائف من ذلك الجحيم لغاية حصول التحولات في قناعاتي الدينية قبل حوالي سنة فقط، فمازالت الذاكرة طازجة بالخوف من نيران الجحيم. إيماني بعقيدة تناسخ الأرواح وامكانية اعادة خلقنا وموتنا عدة مرات خفف عني مشاعر الهلع من الموت قليلا. مارأيك أنتِ بهذه اللعبة التي تسمى الحياة والموت، وأقدار تتلاعب بنا مثل كرة القدم ونحن لم نختر شيئا من مصيرنا حيث ولدنا في عوائل ومدن واشكال لم نتخرها، وزرعت فينا ميول ورغبات لم نسشتر بها، ثم تُدحرجنا هذه الأقدار مثلما هي تريد، وبعدها تجهز علينا وتنهي حياتنا بالموت... أليست هذه لعبة عبثية ؟ من الضروري ملاحظة الفروق الفردية بين الرجل والمرأة، سيكولوجيا الرجل يميل نحو القضايا التجريدية أكثر، بينما المرأة بحسب العالم التحليل النفسي بيير داكو تتجه للواقع والأمور المشخصة، وربما هذا أحد الأسباب الذي جعل نسبة الرجال من الفلاسفة وعلماء الرياضيات والهندسة والفيزياء والقانون وغيرها من القضايا التجريدية أكثر من نسبة النساء، ليس بسبب الفوارق في معدلات الذكاء، وانما هو نتيجة حتمية للفروق الفردية الطبيعية وهذا ليس عيبا بالنساء. و كانت إجابتها: (( إلى صديقي... أنا لم أعن يوماً بالبحث في أمور الموت والحياة ولم أهتم ابداً بما وراء الموت وبعدد سنوات حياتي وبجهنم وبالجنة وكل هذه الغيبيات، فأنا لا أسعى للتجذر بالحياة وإيجاد العقائد التي تجعلني اؤمن بوجود حياة أخرى لأن الحياة الثانية لا تعنيني. أنا أحيا بشخصية معينة وفي بيئة معينة ووفق منح معينة من القدر أو من الله أو اي مسمى لهذا الخالق القدير الذي لم يعنى بالعدالة الأرضية ولم يحل بيننا وبين كم الآلام التي تصفعنا على الأرض رغم كل صلواتننا وتضرعاتنا فهي اسراب من طيور لا يمكننا الهرب من واقعنا المرير على أجنحتها فلماذا أقنع نفسي بوجود تناسخ طالما أن الحياة لا تعنيني ولم أجن منها فما معنى حياتي وما معنى الحياة اللاحقة لي. اكتبوا على قبري: هذا ما جناه ابي علي وما جنيت على أحد إن لهذا القول أبعاد كثيرة وأنا أوافقه القول)). ((... ما عدا في مسألة الطموح الجامح الذي يتملكني ويرهقني والذي أراك لا تملكه فأنت مرتاح وراضٍ. نيالك ))
أنا احيا بلا خطايا مميتة وهذا حسبي.
فلماذا أنت متمسك بالحياة ألست تذكر قول الفيلسوف أبو العلاء المعري الذي قال :
لاأدري هل أنا متمسك بالحياة مثلما تعتقد صديقتي أم خائف من المجهول القادم مابعد الموت، طبعا يوجد فرق مابين التمسك بالحياة والخوف من مغادرتها والطموح والطمع.
ختمنا حوارنا عن الموت بشكوى صديقتي من الحياة، فقد شكت لي بمرارة قائلة :
- آخر تحديث :
التعليقات