اعلنت في اسطنبول القوى والهيئات2 تشرين الأول 2011 إعلان دمشق للتغير الوطني الديمقراطي، الهيئة الإدارية المؤقتة للمجلس الوطني السوري، جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، أحزاب و قوى كردية، المنظمة الآثورية الديمقراطية، شخصيات وطنية مستقلة وقوى اجتماعية أخرى، بما فيها العشائر الكريمة،لجان التنسيق المحلية،المجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية، وبدعم من الهيئة العامة للثورة السورية، عن تشكيل المجلس الوطني السوري، لتخرج بعدها تظاهرات في الكثير من المدن والقرى السورية مؤيدة، وداعمة لهذا المجلس. والذي يعبر عن ضرورة وطنية طال انتظارها، ونحن هنا لاننوي ابدا الكتابة من باب الدعاية للمجلس، وإن كانت هذه قضية مشروعة تماما وضرورية أيضا، أو من باب الدفاع عن مشروعيته، التي ستتضح بشكل أكيد اكثر فأكثر وبشكل مؤسسي خلال الأيام القادمة، وهذا هو المطلوب، إن شرعية المجلس مستمدة من مطلب الشارع الذي بذل في الثورة السورية من اجل الحرية الغالي والرخيص، وعدد الشهداء يفوق الآن 4500 وشهيد.

وهذا الدم الطاهر لشبابنا هو من يجعل المجلس ضرورة وطنية لحرية سورية من هذه العصابة الدموية، وهو من وضع المجلس في موضع ولي الدم السوري، وهذه نقطة مهمة يجب ألا نغفلها أبدا بحيث لا تقبل أية دية من القاتل، إلا بنفيه أو محاكمته على أقل تقدير. لأن الدولة السورية التي ينشدها شعبنا، ستكون ضد القتل وضد عقوبة الاعدام، لكي يرضى عنا بعض النشطاء الحقوقيين العلمانيين!! المجلس الآن قطع عشر المسافة بوحدة المعارضة السورية احزابا وتجمعات وشارع ثائر، وبقي عليه المسافة الفعلية لقطعها نحو سورية دولة الحرية، كما أن المجلس يستمد شرعيته المؤسسية ليس من أيا من أعضاءه، بل من عمله المؤسسي الذي حان الوقت لتنحية الشخصنة كليا عن عمل المعارضة، ولو أن هذا مطلب صعب لكننا على الأقل لنجسده في هذا المجلس، وهذا أقل ما يمكننا تقديمه لشهداء الثورة الذين ضحوا بحياتهم، فمن باب أولى أن نبتعد عن نزوعاتنا الذاتية ونطمر خلافاتنا الشخصية، وحساسياتنا سواء منها الحقيقي أم المرضي من اجل دعم هذا المجلس من جهة، ومن أجل أن يعمل المجلس وفق هذا الأفق الذي رسمته دماء شبابنا السوري، لكل منا تحفظات وأسباب ترى أن هناك في المجلس مثلا أسماء، أو هيئات أو تيارات، بعضنا له تحفظات عليها، نحن مهمتنا الآن مراقبة عمل المجلس كمؤسسة وكفريق عمل،في خدمة هدف الثورة الذي أعلنته في شوارع سورية. فريق عمل يجسد مبدأ سيادة هذا المجلس، لأن السيادات في هذا الزمن لايجسدها شخوص مهما ارتفع شأنهم، والسيادة الأولى هنا هي لدم الشهداء من أجل هذه الحرية، لدموع الأمهات، لمعتقلين بعشرات الألوف يتعرضون لأبشع ما يمكن أن تتصوره البشرية من تعذيب وتنكيل. وانا عندي ثقة بأن هذا المجلس سوف يمضي نحو قطع هذه المسافة المتبقية لتحقيق حلم الشعب السوري، لهذاquot; فليزرعها في ذقنناquot; من لم يدع لحضور اجتماعاته التحضيرية، هنا اتحدث عن أشخاص ابدوا تحفاظاتهم لعدم دعوتهم، على فرض أن هنالك شخصنة ما لدى بعض الاطراف في اللجان الحوارية والتحضيرية لتستثني هذا الشخص أو ذاك، فليكن المستثنين أكثر كرما، وأكثر حرصا على مصلحة سورية، ولا يبنون موقفهم من المجلس على أساس عدم دعوة شخوصهم. وآتي إلى لب الموضوع الاخر، وهو أن هنالك تحفظ واضح من هيئة التنسيق الوطنية في الداخل السوري، لعدة أسباب سواء التي ذكرها بيان الهيئة بعد الاعلان عن المجلس، أو التي أوردها السيد حسن عبد العظيم في لقاءه مع جريدة السفير03.10

كما وأنه سبق للمعارض والباحث السوري ميشيل كيلو أن اعلن موقفه الرافض للانخراط بالمجلس بحجة أن هنالك شخصيات وكتل سياسة فيه تطالب بتدخل عسكري، لكننا لو قرأنا بيان هيئة التنسيق الوطنية بعد اجتماع مجلسها الوطني في مزرعة بريف دمشق، وقرأنا البيان الذي قرأه الدكتور برهان غليون يعلن فيه عن ولادة المجلس الوطني السوري، لو جدنا نقطتي خلاف، الأولى تتعلق بوضوح بيان المجلس الوطني في قضية اسقاط النظام كعلاقات وكشخوص، لترابط المعطيين في حالة السلطة السورية، بينما بقيت هذه النقطة معومة قليلا في بيان هيئة التنسيق الوطنيةquot; اسقاط النظام الأمني الفاسدquot; وأعتقد ان هذه النقطة يمكن تجاوز هذا الاختلاف حولها، والنقطة الأخرى، هي اصرار المجلس الوطني السوري على تفعيل طلب حماية المدنيين وفق شرعة حقوق الانسان والقانوني الدولي، أما بيان المجلس فكان واضحا أنه ضد التدخل العسكري الدولي لإسقاط النظام. وبالتالي إمكانية ايجاد صيغة توافقية أمر اعتقد أنه يمكن أن يتم تجاوزه، وفي هذا السياق يجب أن يلتفت الأصدقاء في هيئة التنسيق لمطالب الشارع أيضا، وما يعانيه، ومع ذلك يمكن بالحد الأدنى إيجاد صيغ عمل تكاملية بين الطرفين، دون الدخول بلعبة الشرعية لمن؟ لأنها لعبة لا تخدم بأي حال من الاحوال الثورة السورية، لكن يجب أن يعرف الأصدقاء في هيئة التنسيق ويعترفوا أن الحالة التمثيلية للمجلس الوطني السوري اوسع من الحالة التمثيلية للهيئة، وبهذا الاعتراف الضمني يجعل الطريق أكثر سهولة من أجل انضمام الهيئة للمجلس.
بقي نقطة أخيرة، على المجلس الوطني السوري، ألا يترك في خطابه أية فقرة تعويمية حول شعاري لا للعنف ولا للطائفية، فمعروف من يمارس العنف ومعروف من يمارس الطائفية ويهدد سورية بها. هاتان النقطتان يجب عدم المهادنة مع أحد فيهما، لكي لانحمل الضحية مسؤولية ما. وهذا ما تريده إسرائيل والروس والعصابة الحاكمة، يجب ان نكون واضحين جدا في هاتين النقطتين. كما انه يجب التمييز بين الدفاع عن جنودنا الابطال الذين انشقوا عن الجيش وشرعية انشقاقهم، وعدم تسليمهم لحكم الاعدام، وبين الحديث عن رفض العنف يجب بأي حال من الاحوال عدم الربط بين المعطيين.


لايمكن أن ينال المجلس اعتراف المجتمع الدولي عموما والعربي خصوصا ما لم يظهر كمؤسسة، وليس كشخوص وتيارات.
وفي النهاية انا مع الشارع السوري في دعم هذا المجلس بكل ما استطيعه.