ليس هناك ثمة خروج من نفق السياسة المصرية الضبابي الا بإرساء قواعد الشفافية والعدالة الإجتماعية واحترام حقوق المواطنين المصريين ومن ثم تنفيذ مطالبهم العادلة التي لم تكن يوماً منظورة في أولويات نظام الحكم الفاسد السابق.
لهذا السبب ايقظ ظهور المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري الحاكم وهو يرتدي بدلة مدنية في جولة في شوارع القاهرة وسط عموم الناس روح الثورة المصرية من جديد وألهب خيال وتوقعات الشباب المصري النشيط علي مواقع الفيسبوك وتويتر.. وعلي نفس النهج الذي قامت علي أساسه الثورة المصرية راح الشباب يتسابق في فهم مجريات ما حدث بنشاط وبروح فكاهية عالية إعتاد عليها،لكنها لم تكن تخلو ابداً من عمق في تحليل الحدث ومحاولة فهم دلالاته، بسرعة ومن خلال ذلك الإستبيان الذي عرض علي العديد من المواقع ظهر فيه ان بدلة المشير المدنية تلقي نفس معارضة البدلة العسكرية في السعي من ورائها لحكم مصر، لقد فهم الكثير من المصريين أن ذلك المشهد هو ربما بداية سيناريو عودة العسكر للحكم من خلال تغير البدلة العسكرية ببدلة مدنية وهكذا كانت تعليقات أصحاب الراي علي المواقع واضحة وجلية quot;نريدها دولة مدنية وليست بدلة مدنيةquot;.
ان سبر أغوار الفلسفة التي قامت علي أساسها الثورة المصرية يوضح بجلاء أن الشعب المصري لديه اصرار كبير ومتواصل لا يفت من عضده تلك المحاولات المستميتة علي كسره وهو رفضه لآن يعود العسكر لحكم مصر، خاصة بعد تجربة مبارك المريرة في الحكم والتي انحدر فيها بالبلاد الي هوة سحيقة من التراجع والتخلف والتردي والعمالة علي كل الأصعدة واسس لقواعد من الفساد أفسدت كل شئ في مصر..جمالها وروحها وحتي هوائها.
لا يستطيع أحد حتي من المحايدين أن يخطئ مشهد المشير وهو يترجل في شوارع القاهرة بين افراد الشعب العاديين،إن العمق والدلالة فسرهما شئ من تعليق المذيع المصري علي القناة المصرية التي عرضت المشهد والذي ربط فيه بين بث ذلك المشهد وسلوك المشير بين افراد الشعب كرئيس لمصر في المستقبل. رغم عدم شفافية تلك الخطوة وتركها هكذا علي الملأ لآن يفهمها كلٌ علي طريقته !! إلا انها بالشكل الذي عرضت به علي القناة المصرية والتعليق الذي صاحبها عزز مخاوف المصريين من العودة بنا من جديد الي تلك الأجواء المسمومة التي كانت سائدة في عهد مبارك وابنه وطريقة توريث الحكم له اعلامياً، فالطريقة التي تم بها تمرير هذا المشهد هي طريقة إعلامية كلاسيكية قديمة المقصود بها جس نبض الشارع ورد فعله ومن ثم البداية الإعلامية في جعل المصريين علي التعود علي صورة المشير الجديدة رويداً رويدا.
لايشك أحد في أن ذكاء المصريين وفهمهم الجيد لشؤون بلادهم يجعلهم يفصلون دائماً بين اشخاص المجلس العسكري الذي بيده الأمور وبين الجيش المصري الوطني الذي يكن له المصريون تقديراً واحتراماً كبيرين فهو يكاد يكون الجهة المصرية الوحيدة التي لا تخلو من وجود فرد من كل عائلة مصرية يخدم فيه كجندي او كضابط، إن صورة الجندي المصري في الشارع تلقي دائما الإحترام ويمكن بسهولة مشاهدة ذلك من خلال تلك العلاقة التي تربط بين الجنود القائمين علي حراسة المنشأت الوطنية الأن في مختلف المدن المصرية وبين أفراد الشعب، فالجيش نأي بنفسه بعيدأ عن التورط في الإساءة لحقوق الافراد علي عكس جهاز الشرطة الذي لم يتمتع يوماً بالسمعة الحسنة لكنه ورغم كل ذلك فالمصريون يطمحون لرؤية بلادهم دولة مدنية بعيدة عن حكم العسكر.
[email protected]
التعليقات