سواء كانت دوافع الإنسحاب الأميركي لها علاقة بالإنتخابات الرئاسية، أو نتيجة هبوط أهمية العراق الإستراتجية لدى الإدارة الأميركية الى درجة الصفر، أومن اجل الإستعداد لتوجيه ضربة قاصمة الى إيران.. فإن جميع الأسباب هي ضد مصالح العراق وسينتج عنها تداعيات خطرة جدا.
لاتوجد في العراق حاليا عملية سياسية مستقرة، والثقة معدومة تماما بين الشركاء الأعداء: الشيعة والسنة والكورد، والوحدة الوطنية تم تحطيمها بمعول المحاصصة، والأجهزة الأمنية والجيش ليس لديها ولاء وطني، وانما هي عبارة عن ميليشيات تمثل الأحزاب والطوائف والقوميات داخل هذه المؤسسات تتحرك بموجب مناخات المحاصصة وليس الضرورات الوطنية!
الخطر الأكبر هو في وجود تنظيم مسلح قوي جدا لحزب البعث داخل الحكومة والبرلمان و الأجهزة الأمنية والجيش ودوائر الدولة المدنية، وهذا التنظيم البعثي لديه أموال ضخمة من مسروقات نظام صدام، والتمويل العربي، وموارد مافيا البعث التي تمارس التجارة داخل العراق، وكذلك يمتلك خبرات أمنية وعسكرية وسياسية أكثر من الحكومة العراقية ولديه القدرة على إثارة المتاعب لها بإستمرار.
والسؤال: من سيحمي بغداد من الإنقلاب العسكري بعد الإنسحاب الأميركي؟
للأسف لاتوجد حماية لبغداد من إحتمال حدوث إنقلاب عسكري، فالثقل الجماهيري والعسكري للطرف الأكبر في العملية السياسية الشيعة يوجد خارج بغدا د، اذ ان قوة الشيعة في مدنهم البعيدة عن العاصمة، وايضا قوة الطرف الكورد خارج بغداد في اقليم كردستان مما يعني ان العاصمة تعيش بلا حماية عسكرية حقيقية وهي محاطة بحزام بعثي يحاصرها من مدن: ديالى وتكريت والرمادي زائدا الخلايا العاملة داخل بغداد، وان المنطقة الخضراء من الممكن يتم إجتياحها بإنقلاب عسكري في أية لحظة بكل سهولة وستحصل مجزرة دموية داخلها وعموم مدينة بغداد.
وحتى لو لم يكتب النجاح للإنقلاب المحتمل إلا انه سيكون خطوة إعلامية إنتقامية من تنظيمات حزب البعث التي ستحاول إحتلال المنطقة الخضراء وقتل عدد من الساسيين من باب الإنتقام، والخطير ان الإنقلابيين سيكون بإمكانهم الإنسحاب بسلام وأمان الى مناطق الرمادي وديالى وتكريت من دون ان يتعرضوا الى الإعتقال !
واذا أخذنا بنظر الإعتبار الصراع بين السعودية وإيران.. فإن شعور السعودية بالحرج من الصديق الأميركي سيزول بعد الإنسحاب، وسيكون ضمن لعبة الصراعات الأقليمية من المرجح إنتقال هذا الصراع الى الساحة العراقية مثلما كان يجري على أرض لبنان، و هذا الإحتمال من سوء الحظ كافة أدواته جاهزة تحت الطلب من بشر وسلاح وأحقاد طائفية متأججة في النفوس، كل شيء جاهز للمذبحة الطائفية وماينقصها إلا قدح الشرارة.
خصوصا ان الشعب العراقي حقق نسبة عالية في درجة كراهيته لنفسه وتدمير الذات والإستعداد لحرق وطنه حتى أكثر من الشعب اللبناني الذي خاض حربا أهلية عبثية لمدة 17 عاما!
ليس أمام العراقيين سوى حل واحد لتقليل الضرر وتفادي المزيد من الكوارث القادمة.. هو حل تقسيم الدولة العراقية الى ثلاث دول: شيعية وسنية وكوردية، وإنهاء علاقة الشركاء الأعداء الذين إجتمعوا من أجل الحصول على أرباح النفط فقط وليس من أجل بناء العراق !
- آخر تحديث :
التعليقات