الان والقوات الامريكيه الموجوده في العراق سترحل حسبما جاء في خطاب الرئيس الامريكي، رغم ان الولايات المتحده لم تدخل بلدا بعد الحرب العالميه الثانيه وخرجت منه طوعا ونهائيا، ومن المؤكد ان وجودها المستقبلي في العراق سيتخذ أشكالا أخرى قد تكون أقوى تأثيرا وأثرا في الوضع العراقي والاقليمي، والمصالح الامريكيه أيا كان حجمها وأهميتها فوق كل إعتبار ( مع احترامي لرغبات الصدريين ) كما ان الامر قد لا يخرج عن كونه : تنفيذ الرئيس الامريكي لوعد انتخابي سابق، خاصة وإنتخابات الرئاسه الجديده على الابواب وإستطلاعات الرأي حتى الان على الاقل تبين بوضوح ان فرص الرئيس اوباما تتراجع بحده.
ايا كانت اسباب الرحيل الامريكي وفيما إذا كان حقيقيا ام شكليا، فانه يضع العراق على أعتاب مرحله جديده، مرحلة الاعتماد على نفسه في مواجهة العديد من التحديات والاخطار التي تحيق به، إبتداء من ترك حدوده وأجوائه ومياهه مفتوحه لمن يرغب بأختراقها وإنتهاء بمخاوف العراقيين والسيناريوهات المتوقعه حول الانفلات الامني والاحتراب الطائفي والعنصري والحرب الاهليه وتقسيم العراق بين القوى الاقليميه.
الموقف الامريكي ليس بغريب عنها وعن ساستها فهي ( تحرر ) العراق عندما تتطلب مصالحها ذلك وتتركه هزيلا منهوكا وفريسة سهله عندما تشاء، فقد تركت الشعب الكوردي يواجه مصيره المؤلم وحيدا في مواجهة النظام الدكتاتوري عام 1974، هذا الموقف المخزي الذي عبر عنه تقرير (بايك ) الى الكونغرس الأمريكي، بأن امريكا تشعر بالخجل من هذا ( السلوك غير المقبول وغير المعقول ) حتى بمقاييس العمليات السريه القذره، وايضا تركت الشعب العراقي وحيدا اعزلا في مواجهة النظام الدكتاتوري والته الحربيه الهمجيه في انتفاضة اذار عام 1991 بحجة ان إيران وراء الانتفاضه وانها قد تستغل الوضع لدخول العراق.
اميركا اليوم تترك الشعب العراقي للمره الثالثه مع ان ايران موجوده وبقوه في العراق وممثليها او على الاقل القريبين منها في الحكم ومفاصل الدوله فسبحان مغير الاحوال !
ما سبق يؤكد حقيقة لا جدال فيها وهي ان على الشعب العراقي وحكومته الاعتماد على النفس وان على السياسيين العراقيين واحزابهم وكتلهم التي تعيش ظاهرة الانقسامات الاميبيه، الكف عن الاستقواء بالاجنبي والاعتماد على هذا الطرف او ذاك، اقليميا كان او دوليا، لمواجهة منافسييهم العراقيين وان السبيل الصائب والوحيد لانقاذ السفينه العراقيه من الغرق في هذه المرحله الانتقاليه والمضي قدما بالمشروع الوطني الديموقراطي يكمن في الشراكه الوطنيه لادارة البلاد وعدم تفرد جهه او طرف بالقرار المركزي، فمن شأن هكذا سياسه والمتبعه حاليا، ان تؤدي بالعراق الى هاوية التفكك والحروب الاهليه وما تحمله من مأسي وويلات ودمار كبير، يومها لن يجدي احد نفعا مزاعم بعض المحسوبين على السياسة والسياسيين اتهام الكورد بانهم السبب في عدم بقاء العراق على خارطة الشرق الاوسط، وهوفي كل الاحوال اتهام لم يعد يصدقه أحد.
الحكومه الحاليه برئاسة السيد المالكي مدعوه الى الالتزام وباسرع ما يمكن بما تتطلبه المرحله، سواء كان ذلك تحقيق الشراكه الوطنيه أو تعديل الدستور أو الاستجابه للمطاليب الكورديه المشروعه أو معالجة الوضع الامني المتردي وتعيين الوزراء المختصين أو تطبيق وثيقة الاصلاح السياسي وبناء دولة المؤسسات على قواعد التوازن السياسي والانصاف الوطني........الخ، فالاصرار على مواصلة الانفراد بالحكم والتفرد في اتخاذ القرار ( بوجود او عدم وجود الامريكان ) والاعتماد على الدعم الاجنبي والتناقضات الاقليميه دون التمسك بالوحده الوطنيه والمرجعيه الشعبيه العراقيه والشراكه الحقيقيه لكل القوى الفاعله والمكونات الرئيسه في المجتمع العراقي، سيغرق البلاد في لجة الصراعات والحروب التي قد تؤدي الى ان يكون السيد المالكي اخر رئيس وزراء لدولة كان اسمها العراق.
هل يقبل السيد المالكي بمثل هذه النتيجه ويتحمل وزرها ام لا، هذا ما ستكشفه الايام القادمة.
اتب عراقي [email protected]
التعليقات