الاجتماع الثالث لمجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا، الذي عقد في مدينة أبو ظبي يوم الخميس التاسع من يونيو الحالي، برئاسة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، وحضور وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، ووزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني، ومشاركة حوالي عشرين وزير خارجية لدول من مختلف قارات العالم، وحضور العديد من ممثلي المنظمات الإقليمية والدولية، منها مجلس التعاون الخليجي العربي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والإتحاد الأفريقي والإتحاد الأوربي ومنظمة حلف شمال الأطلسي quot; الناتو quot;. هذا الاجتماع هو الساعة الأخيرة في آخر زنقة لعميد الطغاة العرب معمر القذافي...لماذا؟.

أولا: الإجماع الدولي على رحيل الطاغية
إنّ مجرد التأمل في عدد الدول التي شارك وزراء خارجيتها في اجتماع مجموعة الاتصال الدولية الثالث، وعدد المنظمات الدولية والعربية والإسلامية، يؤكد أنّه توجد عمليا إرادة دولية وعربية إسلامية، بطي ملف هذا الطاغية ونظامه إلى الأبد، وما عادت تنفع مناوراته لكسب الوقت، أوالإغراء بمليارات الدولارات الموجودة في حساباته المجمدة أساسا، كما فعل مع الحكومة اليونانية حسب ما كشفت صحيفة اندبندانت البريطانية يوم الجمعة العاشر من يونيو، عن عروض لنظام القذافي لاستخدام حوالي 20 مليار دولار من أموال نظامه المجمدة في الخارج للإغاثة الإنسانية. لكن المحادثات لم تتوصل لتوقيع هذا الاتفاق بسبب تحذير الحكومة الفرنسية لليونان بانّ هكذا اتفاقية ستبدو كأنها تمنح شرعية لنظامه الذي سحبت العديد من دول العالم الاعتراف به، وأعطت شرعية تمثيل ليبيا وشعبها للمجلس الوطني الانتقالي الذي يقود الثورة عليه ومرتزقته. والمضحك في هذه المحادثات أنّ الطاغية يتحدث عن (أغراض إنسانية) وهو يعرف أنّ كافة هذه الجرائم والقتل والتدمير بسبب إصراره على الطغيان والبقاء في السلطة رغم ثورة الشعب الليبي عليه، وانشقاق غالبية كبار العاملين معه وانضمامهم للثورة.
وكانت مواقف الدول المشاركة في اجتماع أبو ظبي الثالث واضحة ومميزة في رفع الشرعية عنه، ودعم المجلس الوطني الانتقالي كممثل شرعي للشعب الليبي. لقد صرّح وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني أنّ مرحلة ما بعد القذافي قد بدأت بالفعل في ليبيا، وأنّ بلاده ستقدم منحة للثوار في ليبيا تتراوح ما بين 300 و 400 مليون يورو نقدا أو كوقود. أما وزيرة الخارجية الاسبانية ترينيداد خيمينيز فقد قامت بزيارة لمدينة بنغازي يوم الثامن من يونيو، حيث أعلنت منها: quot;جئت إلى هنا لاؤكد أنّ المجلس الوطني الانتقالي هو الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي.quot;. وكذلك وزير الخارجية الأسترالي كيفن راد فقد أعلن في الاجتماع أنّ بلاده لا تعترف بالحكومات وإنما بالدول، وقد وصف المجلس الانتقالي بانّه المتحدث الشرعي باسم الشعب الليبي...فمن بقي مع هذا الطاغية دوليا؟.

ثانيا: رفع الدعم والمساندة الأفريقية
كان طاغية ليبيا قد صدّق أكذوبته عن نفسه بأنّه (ملك ملوك أفريقيا)، وظلّ يراهن على أنّ هولاء الرؤساء والملوك سيواصلون دعم بقائه، حتى في لحظات التفكير في الهروب، كان يحلم أنّ دولة أفريقية سوف توافق على لجوئه إليها. وقد بذلت لجنة الاتحاد الأفريقي حول ليبيا برئاسة الرئيس الموريتاني جهودا عديدة، انتهت بالفشل الذي أدّى بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أن ينتقل من ضفة المؤيدين للطاغية إلى ضفة المطالبين برحيله، فقد أعلن صراحة يوم الخميس التاسع من يونيو الحالي (أنّ رحيل القذافي بات ضرورة، ولم يعد بإمكانه حكم ليبيا). وهذا الموقف من الرئيس الموريتاني ضربة موجعة للطاغية إذ كان يعتبره مناصرا أبديا له. وقد أعقب ذلك موقف الرئيس التشادي عبد الله واد الذي أعلن بوضوح أثناء زيارته لمدينة بنغازي ناصحا الطاغية (كلما أسرعت في الرحيل كان أفضل) و (ألا تحلم بالعودة إلى السلطة قط)...فمن بقي مع الطاغية من الأفريقيين؟.

ثالثا: تزايد الدعم العربي للمجلس الانتقالي
فقد أعلن وزير الخارجية الإماراتية الشيخ عبد الله بن زايد انّ مجموعة الاتصال quot; تعمل على وضع الآلية المالية المؤقتة موضع التنفيذ، وهي أداة حاسمة تسمح للمجلس الوطني الانتقالي الليبي بتلقي وإدارة الأموال لتغطية النفقات الأساسية الضرورية والحفاظ على الخدمات العامة والأوضاع المعيشية الأساسية للشعب الليبي). أمّا نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد صباح السالم الصباح فقد أعلن ان الكويت ستحول مبلغ 180 مليون دولارا التي أمر بها أمير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح للشعب الليبي إلى صندوق دعم المجلس الوطني الانتقالي الليبي بعد أن تم الانتهاء من وضع الالية المالية المؤقتة للصندوق. ونقلت وكالة الانباء الكويتية عن الشيخ محمد قوله في كلمة خلال الاجتماع الثالث لمجموعة الاتصال حول ليبيا quot; إنّ اجتماع اليوم ليس للتأكيد على شرعية المجلس الوطني الانتقالي فهذا ليس محل شك بل للايفاء بالتزاماتنا تجاه الشعب الليبي عبر الدعم الفعلي والنصيحةquot;. وكانت الحكومة الأردنية قد أعلنت منذ أسابيع اعتراف الأردن بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي كممثل شرعي للشعب الليبي، وسبقت حكومة قطر لهذه الخطوة أيضا، وفي تطور جديد أعلن الأردن أنه سيرسل خلال الأيام القادمة مندوبا له يمثله في مدينة بنغازي لدى المجلس الوطني الانتقالي....فمن بقي عربيا مع عميد الطغاة العرب غير مثيله طاغية سورية؟.

آخر زنقة..في انتظار نتائج ما أعلنت عنه كلينتون
مفاجأة الاجتماع الثالث لمجموعة الاتصال حول ليبيا، كانت فيما أعلنت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، إذ أكّدت أنّ اشخاصا مقريبن من القذافي يجرون مناقشات حول احتمال انتقال السلطة، وأنّ هذه المحادثات جارية مع أشخاص قريبين من القذافي، وأنّه توجد إمكانية لنقل السلطة في ليبيا بعد أن فقد القذافي الشرعية. وفي نفس السياق أعلن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ليون بانيتا (أنّ القذافي سيتنحى إذا واصل المجتمع الدولي الضغط على نظامه المتداعي). وهذا الضغط واضح كما هو مشاهد ميدانيا، إذ كثّفت قوات الناتو غاراتها الجوية على آخر معاقله خاصة تدميرها الكامل لمعسكر العزيزية حيث كانت أغلب مقراته، وبالتالي تجري الملاحقة لمعرفة أين يختبىء حيث تؤكد بعض المصادر أنه يهرب من مستشفى إلى مستشفى لمعرفته أنّ قوات الناتو لا تستهدف المستشفيات والمنشآت المدنية.
كل المعطيات والتطورات السابقة، تؤكد أنّ عميد الطغاة العرب يعيش آخر ساعة من حكمة في آخر زنقة ليبية، وبعدها إما سيعتقله الثوار لتقديمه للمحاكمة أو لدفنه بدون تشييع لجنازته، حيث لن يقبل أي ليبي وطني أن يمشي في هذه الجنازة...وبعد ذلك سيتفرغ العرب والعالم لملاحقة طاغية آخر فتك بشعبه فتكا جعل تركيا أهم حلفائه السابقين تدين هذا القتل الوحشي، خاصة أنّها حتى لحظة كتابة هذه المقالة استقبلت 3500 لاجىء أو نازح أو هارب من فتكه وجرائمه.....من هو هذا الطاغية؟. فليخمن القراء ذلك!!!.
[email protected]