مقدمة لا بد منها .. استميح القراء عذرا عن هذه التهويمات التي أقودهم اليها، لكن شفيعي وقدوتي وحجتي هنا طه حسين الذيكان يبعث من اجازته في اوروبا مقالات وضعها في كتاب اسماه quot;من لغو الصيفquot; لعلها من اعذب ما كتب.
ومن طه حسين .. ومن نحن؟ لكنه التقليد والإعجاب والايمان بمفكر كبير. ثم أن تقليد الكبار فضيلة وليس عيباً. عرضت العنوان على quot;كاهن الدارالبيضاءquot; حسن بن عمر... الكاهن يحب مصر وان لم يزرها وثقافة مصر وطه حسين. فقال الكاهن: لا. لتكن quot;بعض من لغو الصيفquot;.
أدركت، حينئذٍ، ان المسألة طبقات وعلينا تفادي اختراق الطبقات فطه حسين طه حسين ... ونحن نحن.
هذا quot;بعض من لغو الصيفquot; ومن وحي طه حسين، وهو وحي فقط لا يرقى الي التكليف.

- 1 -

هذه هامبورغ، ثاني كبرى ألمانيا، التي بالكاد يقل عدد سكانها عن مليوني نسمة، وكنت زرتها في زمن الغواية العاتية ثم اختفت عن مدي الرؤية.
اليوم أزورها مجذوباً. حالة ميؤوس منها ... ان تتحوّل الى مجذوب صوفي تنتقل من ولي إلى شبيه له. ما يكاد يتلقفك مزار الولي وتحتويك روحه، حتي يسلّمك إلى ولي هناك على تلك الناصية وفي ذلك الحي البعيد. هذا ما يحدث لمتصابي الموسيقي الكلاسيكية. لقد سلمني بيتهوفن إلى برامز الذي أقصده الآن .. وهو بدوره حوّلني إلى ماندلسون، واليوم يريد تحويلي الى اسم جديد. لا وألف كلا.
هامبورغ، المدينة ndash; الولاية (هي بالمناسبة واحدة من ثلاث مدن لها هذه المكانة في ألمانيا بجانب برلين وبريمن) ليست مدينة رائعة الجمال .. أو استثنائية التاريخ فحسب، وليست تملك جسوراً أكثر من فلورنسا وباريس وبراغ مجتمعة فقط ، بل هي مسقط رأس آنجيلا ميركل أول امرأة تتولى منصب المستشارية - قبل انتقالها الى القطاع الشرقي من ألمانيا. كذلك فهي مدينة هيلموت شميدت .. أشهر مستشار ألماني بعد كونراد أديناور. لقد رأيت شميدت مستقبلا المرحوم الملك فهد بن عبد العزيز في بون أيام كانت المدينة الصغيرة عاصمة لألمانيا الغربية، وهو ما زال نشطاً سياسياً ويمتهن الصحافة مع أنه من مواليد عام ١٩١٨ فقط لاغير. وأخيراً وليس آخراً هنا مات ودفن أوتو فون بسمارك موحِّد ألمانيا وبطلها القومي. ولكن المهم في الموضوع أن جليينا لا تحب الموسيقى.

- 2 -

جليينا - التي لا أتذكّر شكلها بالضبط غير أنها دقيقة كالعود - التقيتها في صيف ما في جزيرة ما في بحر ما ... قالت quot;من عادتي ألا اكرّر اللقاءات .. أنا مخلوق ملول، لي صديق أحبه فيه من صفات القطة الكثير مع الكراهة المتبادلة بيننا، لا وفاء لها أبداً لا للإنسان او للألهة او للاماكنquot;.
عليّ ذكر القطط الا يُذكًرن بالساحرات؟ ساحراتنا لا ساحرات غازي القصيبي.

آه ما قصة ساحرات القصيبي او جنياته؟ كان يعشق الجنيًّات. ذات مرة تلفن لي كي ازوّده بمجموعة من الكتب عن السحر والجن في المغرب.
quot;كيف ابو يارا؟ أنت تعلم ان العلاقة بيني وبين هذه العوالم مقطوعةquot;.
كنت على قناعة انه يمزح معي إلى ان فوجئنا جميعاً بكتابه او قصته quot;الجنيّةquot;. وتذكّرت ان حكايته مع الساحرات لم تبدأ من المغرب بل من هنا، من لندن.
إبان عمله سفيراً في لندن هبطت عليه صحافيات انجليزيات ثلاث، كان همّهن التحديق في أحوال بلاده السعودية وكان مشغولا بهن. أطلق عليهن لقب quot;الساحرات الثلاثquot; نسبة إلى بطلات شكسبير في مسرحية quot;ماكبثquot; إذ تطل وجوه ثلاث ساحرات في المسرحية يجسدن المعضلة كلها قبل التفاصيل. والحق انها تسمية موفقه لم ينسها احد في لندن وضواحيها. مشكلة الساحرات انهن انتهين نهايات محزنة: واحدة فقدت عينها والثانية ماتت بالسرطان و.. الثالثه لا أدري مصيرها.

عودة إلى جليينا قالت quot;إنني على ميعاد مع جدّة أميquot;. إذاً هي صغيرة. أخونا عبد الباري عطوان في ضياعنا اللندني كان يتّهمني بحب الزغاليل. لم اكن افهم الزغاليل .. فهي كلمة فلسطينية: آه تذكّرت ..
هل بدأت تذبل صديقتي؟ لا أعرف. لكن الذبول شيء خطير. افضل ان أرى هيروشيما او لحية لندنية ولا أرى الذبول. هل قلت الذبول؟ أنا لا آري نفسي في المرايا .. ربما لهذا السبب لا أرى ذبولي.

مشكلة جلينا أنها لاتحب الموسيقى. يا للعجب العجاب! ألمانية لا تحب الموسيقى! ربما هذا مبرر يؤكد لي .. لماذا هرب يوهان برامز، وفيلكس ماندلسون من مدينتهم إلى مدن أرحب الى العمق الآلماني. غير انها في المقابل تحب الفن وتعشق اللوحات ولديها تعصب خارق للفن الآلماني.
عندما تقول لها، مثلاً، ونحن على حافة الشمال إلى الشمال.. quot;أريد العبور إلى كوبنهاغن حيث لوحة رينوار - Auguste_Renoir-La_Grenouil

.. تجيبك quot;أنظر!quot;. وتأخذ بعَدّ اسماء يصعب عليّ إستكناهها حتى عرّفتني على لوحة للفنان الالماني كاسبار ديفيد فريدريش اسمها quot;بحر الجليدquot; The Sea of Ice.
تعرفت إلى هذا الفنان العظيم، شكراً لها. والحق ان الذي ذكّرني برينوار لا هي ولا قربنا من الدنمارك، بل منظر سيقان ثماني تعبر الماء، فولج عليّ طيف الأخطل الكبير وهو يصف ذلك المشهد البهي والشهي والبغي.

أستطيع تقبل جليينا .. لكنها آتت مع رفيقتها. وجه متكدّس بعضه على بعض. سحنة جادة أكثر من اللازم لامرأة .. وحزم في غير موضعه، لكن ثقافتها الموسيقية خارقة وصاخبة. تعجبني الفوضى في الحروف والأسطر والكلمات واللغة، لكن المشكلة - عدا عن ما قلته ولن أعيده - أنها تعطي تفسيراً جنسياً لكل لوحة. هذا جعلني أرتاح لأن تفاسيرها خاضعة لرغباتها. عندها تولّد عندي اطمئنان كبير على جليينا.

مع هذا، بدأ حورنا يأخذ مسارات شتوية قاسية.
quot;ياعزيزتيquot; .. لكنني لا أراها كذلك. أحاول اقناعها لكنها تصر quot;لا لاquot;.
quot;بلى، هذا اللون يعني ..quot;، كهذه الإلتفاتة من صاحبة الصورة تقول: أنها ( لـ )quot;. quot;لا يهم، عزيزتي، تذكري أنني أريد الحقيقة. العالم صار مفتوحاً. أعطني ناقداً غيركِ يقول هذا!quot;.
الحق أن النقاش مع الألمان ممتع، لكنه بلا خفة دم. وهكذا أضطررت لأن أذعن وأذعن حتى أنتهت الزيارة. التفتت علّي كريستينا - وهذا اسمها ndash; وسألت quot;قل لي أنت خليجي .. أليس كذلك؟quot;
قلت لها بروح بدوية غير مألوفة quot;.. وسعودي كمانquot;.
في تلك اللحظة نسيت كل إدعاءتي الفارغة، إلا تلك الإجابة. قالت quot;لماذا نساؤكم يتعطرن كثيراً؟quot;
بلا تفكير قلت quot;فات؟quot; .. مبدّلاً حرف الدبليو فاء ثقيلة على الطريقة الآلمانية.
أدخلتني في عشرين فيلسوفاً أو فناناً أو مثقفاً لا أعرفهم ولا أملك نطق اسمائهم، كل رصيدي حزمة قليلة منه، والآن بدأت التسلل إلى شؤوننا الداخلية. ألا تعرف اي خطيئة ارتكبت ذات الوجه المعفوس .. ككبسة ليلية طبخها سكران؟ إذاً لأتلوَنّ عليها سيمفونيتنا التاسعه العظمى quot;نحن لا نتدخل في شؤون أحد ولا نريد لأحد أن يتدخل في شؤونناquot;. ثم قلت لنفسي quot;ماذا لو عزفت لها السمفونية الـ41 لنا ndash; الخصوصية ndash;quot;. لكنني قلت لنفسي ودأخل نفسي quot;ياشايب كن أديباً وخاصة أنك غريب! لماذا تهمك عطورت النساء أولاً؟ والحق أنني مخطىء، فقط كنت أتعلم على الطريقة الإنجليزية كيف أحضّر لسؤال آخر أو جواب.
قالت quot;أنت ساذج. المرأة لا تتعطّر ولاتتزين إلا للمرأة لتغوص في تفاصيل المرأة أكثرquot;.
شيء مزعج لي ولغيري. يعني كل ما نفعله ذهب هباءً. فقلت quot;وما علاقتكِ بعطور نسائنا؟quot; فردت quot;يتعطّرن أكثر من اللازم. الرائحة صارعة وصادمة حتى في التسوّق، في الإسنسيارات تجد روائح العطور، كما لو كنت في مطعم هندي!!quot;
هنا قررت أن أتلو عليها quot;التاسعة quot;، والـquot;41quot; لكي ألجم هذا الألماني (ية). بعدها أكتشفت أنني تعرفت على واحدة كانت والدتها من أعضاء جماعة الـquot;بادر ndash; ماينهوفquot;، وهي ما زالت تؤمن بأن الإتحاد السوفيتي حي يرزق، وأن المؤامرات تحاك للبشرية في كل مكان. عندها هتفت بصمت مطبق quot;أذاً أنتِ مواطنة عربية صالحة .. قبل الربيع العربي طبعاً!quot;
تركنا هذه الكبسة المعمولة خطأ، وأتجهت مع جليينا إلى مكان آخر. شعرت أنني منهك. أرتني جليينا ما لم أره ولم أشهده .. وطبعا أطتني محاضرة عن خطيبها كيفن.
quot;صحيح، ما هي أخباره؟ تذكرته الآنquot; ..
quot;غداً يأتي على الفطور ونودّعك معاً في محطة القطار ..quot;.
كنت أريد سؤالها حول ما إذا كان لا يزال قصيراً - بالنسبة اليها طبعاً -؟ وهل مازال اسم كيفن مقتصراً على الالمان الشرقيين؟
كنت أتامل بإعجاب الأبنية الجميلة والديكور العجيب في هامبورغ. هذه المدينة المتدفقه فنآ وذوقأ وحسّاً راقياً يمثل كل المدارس. عمل متقن وغير عادي. ذهبنا إلى كنيسة أو كاتدرائية سان مايكل. تحفة قديمة تعجز عن وصفها وتقريضها.
كنت أتامل.
... أنك في متحف لا مدينة. عرس لا ينتهى من الالوان.
لم اكن أتصور أن هامبورغ بهذا الجمال الآخاذ. كانت منطبعة بالذهن انها quot;مدينة الجنس في العالمquot;. هذا صحيح شارعها الصاخب الـquot;ريبر بانquot; يؤكد ذلك. لكن هذا الميناء ثار وكان ميلاداً لأمة جديدة هي أميركا، حيث الألمان الأميركان يشكلون أكبر جالية غربية هناك. لقد أبحروا من هنا. إنهم ينتمون إلى السفينة. ذكرتني ببعضنا الذي يدّعى أنه من سلالة قريش .. وآخرهم أحد السادة في لبنان.
قال لي صديق شيعي إنه كان عاملاً في كراج ببيروت .. quot;هذا ليس عيباً، ولكنه ليس من أعمال السادة!!quot;
قلت quot;جليينا .. جليينا .. أنتِ تفاحة لذيذة تؤكل من كل الإتجاهات. نبيذ أحمر لا يقاوم. دلال يغطى الكرة الأرضية. شعر لا تقف امامه كل قوافي الشعر. الحق ان كيفن محظوظ فيكِ .. لكنني اريد quot;مطوِّفاًquot; موسيقياً quot;. قالت quot;تقصد كريستينا؟ أجبت quot;هذا هو الجواب!quot;

- 3 -

مطعم صيني على فوهة شارع مزدحم.
كريستينا تأخذ تصرفآ مختلفاً.
ارتدت شالاً ازرق. الحمرة خفيفة تتناسب وموقفها السياسي؟
سألتها quot;أليس مثيراً للاهتمام ان ينبغ من هذه المدينة رجلان احدهما ولد في حي البغايا وعاش في الحي ذاته فترة طويله هو برامز... والآخر مندلسون من أب مثقف وغني بل زمن عائلة نبيلة يهودية اعتنقت البروتستانية من دون اقتناع بالدين؟quot;.
برامز تطرف واصبح ملحدا quot;على سن ورمح؟
قالت quot;علينا ان نعرف انه بعد انفكاك الموسيقى عن الكنيسة واستقلالها، صار من الطبيعي ان يشعر الموسيقار بآنه غير ملزم بالإيمان الديني. ثم ان ثمة امراً آخر هو أن عصر التنوير غدا عصراً للتفكير ورفض سلطة الكنيسة. وإن كان الموسيقيون قد تأخروا في الحادهم .. فإن إلحادهم أو تمرّدهم على الدين كان امراً شائعاً بعد عصر بيتهوفنquot;.
سألتها quot;طيب، لماذا كانت علاقة يوهان برامز غامضه مع النساء؟ كيف نفهم أنه صاحب علاقات غريبة؟ كيف يحب كلارا المبدعة وزوجة صديقه شومان، التي تكبره بسنوات تصل الى اكثر من خمس عشرة سنة، ثم لا يوجد دليل ان علاقة معينه تخرج عن هذا النطاق؟quot;.
ابتسمت كريسينا وكأنها وجدت صيداً ثميناً وقالت quot; .. نعم عندي قناعة بأنه كان مثلياً، لكن تقاليد ذلك العصر كانت تحارب ذلكquot;.
quot;لكن يا صديقتي هو اعترف ان عزوفه عن ممارسة الجنس مع كلارا سببه انه كان عنيناًquot; قلت. لكنها أجابت quot;وهل تريده ان يفصح لك في القرن التاسع عشر أنه مِثليٌ جنسياً؟؟quot;

وسألتها quot;دعينا نعود إلى الاثنين برامز وماندلسون. كيف يمكن تفسير انهما وحدهما، وهما نتاج مدينة واحدة، عارضا ثورة الرومانتيكية الموسيقية، في حين قاد فاغنر وليست وغيرهما تلك الثورة .. ما رأيك؟quot;
quot;لا تفسير لذلك عندي ndash; قالت - إلا ان برامز كان مأخوذأ ببيتهوفن إلى حد العمى .. وماندلسون عاشق لباخ إلى حد الجنون. وماندلسون هو في النهايه كيهودي يريد ان يظهر حامياً للتراث الموسيقي الالمانيquot;.

تحدثت عن روائع الاثنين .. عن quot;حلم ليلة صيفquot; لماندلسون، لكنها ابدعت عندما شرحت كونشرتو الكمان violin concerto E-minor 844 quot;لقد انتج سيمفونيات خمس ولم يكمل الاربعين (١٨٠٩ ومات ١٨٤٧)
لكنه في هذا الكونشرتو ابدع ايما ابداع في ايجاد حوار معمق، بين آلة الكمان والاوركسترا، مع الانتقالات من D m الى Cmquot;. ثم بدأت تدخل في العميق.. وما أنا الا بشر، كما قال فنان المغرب عبد الوهاب الدوكالي.
قلت لها quot;سيمفونية لندن عزيزة عليّ. كان يحب لندن. لقد زارها عشر مرات وصادف نجاحاً كبيراً فيها. لا أعلم .. ربما لو عاش اكثر لكان أقام فيهاquot;.
بالطبع، غير مطلوب تخليد ماندلسون في هامبورغ. لقد غادرها في الثالثة من عمره. أما برامز فأمر آخر.
.. برامز ... برامز يهتف كل شي في الداخل عنه: عن موسيقاه العابرة إلى النفس كالنفسٍ. ظل فتي هامبورغ حتي رحل عنها ليعيش قمة مجده في فيينا. قبره تراه منتصبآ الى جانب بيتهوفن وموزارت في العاصمة النمساوية.


لا يمكن الحديث عن برامز من دون المرورعلى سيمفونياته الخمس ورائعته كونشرتو الكمان
Concerto for Violin Orchestra In D major 77 التي طغت على معظم اعماله. لقد كان قبل هذا العمل مشدودا ببيتهوفن حتى ليقال كان نسخة طبق الاصل وعندما تصيخ السمع إلى سيمفونيته الاولى تحس انك تسمع الخامسة والتاسعة لبيتهوفن. ولقد احتفى بها النقاد لكنهم اطلقوا عليها اسم quot;السيمفونية العاشرةquot; بمعنى أنها العمل العاشر لبيتهوفن.

-4-

في الصباح ها نحن امام متحف يوهان برامز. لا شيء يوحي به إلا بعض الصور والميداليات. هنا مع كلارا شومان وهناك مع يوهان شتراوس، وهذه شهادته الفخرية الانجليزية مع بعض من النوتات. بالطبع البيت الحقيقي ذهب مع جاراته العاهرات. لا شيء هنا يجعلك تشمّ رائحته وخيالاته وشياطين موسيقاه. إذاً إلى مدن ترى أكف الاطلال اكثر وضوحا.
هامبورغ .. هامبورغ .. اين الغواية ... اين الشيطان ... اين المتعه بل أين الجنس؟؟
كله موجود موجود، اما الحل فاللجؤ الى المخبأ. إلى الرسم بالكلمات اذا تدفقت .. ومتى تتدفق هذا هو السؤال.