إذا صح الخبر الذي سينشر بعد ساعات قليلة في مجلة quot; دير شبيجل quot; الألمانية يوم الأثنين 15 أكتوبر 2012، تكون إيران قد بدأت حربا شاملة طويلة المدي في الشرق الأوسط الكبير. يقول الخبر: quot; إن المجلة حصلت على نسخة من خطة قائد الحرس الثوري الإيراني quot; محمد علي جعفري quot;، وهي سرية للغاية، تحمل أسم quot; عكر المياه quot;، وتهدف إلي تنفيذ حوادث متعمدة لشاحنات النفط في الخليج. كما تنص الخطة على تلويث واسع المدى لمضيق quot; هرمز quot; عبر إحداث كارثة متعمدة لناقلات النفط، بهدف إغلاق الممرات الملاحية في وجه ناقلات النفط الدولية، و معاقبة دول الخليج العربي وإجبار الغرب علي المشاركة في تطهير مياه الخليج ورفع العقوبات المفروضة ضد طهرانquot;.
الاستفزازات الإيرانية لم تتوقف قط في الفترة الأخيرة، فقد اخترقت ndash; قبل أسابيع قليلة - طائرة بدون طيار المجال الجوي الإسرائيلي من البحر الأبيض المتوسط، وظلت تحلق لمدة نصف ساعة تقريباً فوق جنوب إسرائيل، كما يؤكد quot; ايتامار رابينوفيتش quot; سفير إسرائيل السابق في الولايات المتحدة في مقاله الأخير (طائرة بدون طيار في الصحراء) قبل أن تقوم القوات الجوية الإسرائيلية بإسقاطها. ورغم أنه ليس من المعروف حتى الآن من الذي أرسل الطائرة ومن أين أقلعت، هل من جنوب لبنان بواسطة حزب الله، أم أطلقت بواسطة قوات تابعة للنظام الإيراني ذاته، فإن مجرد وقوع هذا الحادث في منطقة مشتعلة بالصراعات والاضطرابات، يلقي الأضواء بقوة علي الصراع حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني.
من الواضح أن النظام الإيراني تعرض بالفعل لضرر كبير بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن العقوبات الدولية، والاحتجاجات الشعبية، والصراعات الداخلية ــ وبالتالي لم يعد أمامه سوي تصدير العنف (والقلاقل) إلي الخارج في محاولة لإلهاء الداخل وحفظ ماء الوجه للنظام الديني ndash; العسكري الذي يعتبر نفسه وريثاً لتقاليد الإمبراطورية الفارسية المجيدة، وحسب تهديدات المتحدثين الرسميين الإيرانيين: فإن إسرائيل لن تعاقب على أي هجوم عسكري فحسب، بل إنها ستمحى من الوجود تماما، مع التشديد علي التدخل العسكري الإيراني لمناصرة النظام السوري الحاكم في أزمته المحتدمة.
الخطة السرية التي كشفت عنها المجلة الألمانية والتي تستهدف quot; مضيق هرمز quot; هي الوجه الآخر والمكمل لإرسال طائرة بدون طيار فوق جنوب إسرائيل، وهي بمثابة الأداة لتعزيز لغة الحرب من جانب إيران والتلويح بتوجيه ضربات موجعة للمصالح الغربية من الخليج إلي البحر المتوسط، وإذا كان الهدف من تهديد quot; مضيق هرمز quot; هو رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة علي إيران بسبب برنامجها النووي، فإن إرسال الطائرة بدون طيار (بالقرب من مفاعل ديدمونة النووي في إسرائيل) هو بمثابة رسالة تطالب بأن يتم التعامل مع البرنامج النووي الإيراني باعتباره جزءاً من جهود أكبر لحظر الأسلحة النووية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، كما يقول quot; رابينوفيتش quot;.
هذا من جهة، من جهة أخري فإن تسريب هذا الخبر حول quot; تعكير المياه quot; ndash; في هذا التوقيت ndash; يجب أن يؤخذ علي محمل الجد، أولا: لأن إيران لن تتحمل المزيد من الانهيار الاقتصادي وهي تعلم أن نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة قد تأخر المفاوضات الدبلوماسية حول برنامجها النووي (لأجل غير مسمي)، فبعد نجاح المنافس الجمهوري quot; مت رومني quot; في المناظرة الأولى تحسنت فرصه وارتفعت احتمالات استقرار إدارة جديدة على رأس السلطة في الولايات المتحدة قبل أن يتم اتخاذ أية قرارات كبرى بشأن النووي الإيراني.
الأمر الثالت، أن النظام الإيراني تحت وطأة العقوبات المؤثرة بدأ في إرسال إشارات متعددة يعرب فيها عن رغبته في تجديد المفاوضات (قوبلت بالرفض من الغرب) ومنها الإعلان عن تحويل بعض المخزون من اليورانيوم المخصب لأغراض البحث الطبي، في محاولة لتخفيف الضغوط الخارجية التي قد تمتد إلي ربيع أو صيف عام 2013.
الخطير في الأمر هو النقلة النوعية الجديدة في تلاعب نظام الملالي في المنطقة كما يحلو لهم، وذلك بفتح أكثر من جبهة في وقت واحد وبوسائل تكنولوجية متطورة، ولم ينكر حكام طهران أو الشيخ quot; حسن نصر الله quot;: أن quot; حزب الله quot; هو الذراع الطويلة للنظام الإيراني ــ قاعدته على البحر الأبيض المتوسط وعلى حدود إسرائيل التي يمكن أختراق مجالها الجوي quot; دون عنوان المرسل quot; حسب تعبير السفير الإسرائيلي، الشئ نفسه في quot; سوريا quot; فقد يستجيب النظام المتداعي لدعوات الإيرانيين بنقل جزء من ترسانته من أسلحة الدمار الشامل إلي quot; حزب الله quot;، أو أن تقع هذه الترسانة (ومنها بعض المواد الانشطارية) في أيدي التنظيمات الإرهابية التي قد تنجح في تصنيع quot; القنابل القذرة quot; المشعة..
تري هل يتجه الشرق الأوسط quot; المختل quot; إلي الكارثة؟
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات