مرة أخرى تعود قضية إغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري لتطرح نفسها على أثر جريمة الاغتيال الاخيرة التي وقعت في بيروت و راح ضحيتها وسام الحسن رئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي اللبناني.

شکل و اسلوب عملية الاغتيال التي جرت و الاصداء و ردود الفعل التي خلفتها وراءها على الساحة اللبنانية، تشير بوضوح الى أن هناك جريمة إغتيال سياسية فعلا وان لها علاقة بملفات ساخنة و حساسة و لايمکن تجاوزها و غض النظر عنها وخصوصا في الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان و المنطقة.

هناك سؤالين مهمين يطرحان نفسهما الان وهما: لماذا وسام الحسن؟ و لماذا تم إختيار هذا التوقيت؟
برز اسم وسام الحسن بشکل ملفت للنظر منذ نجاحه في کشف قضية الوزير ميشال سماحهzwnj; و الاسئلة و الاستفسارات التي تمت إثارتها منذ تصاعد لهيب هذه القضية، وان التصدي لقضية سماحهzwnj; بتلك الصورة و تجاوز کل التهديدات و المخاطر المتوقعة من جراءها، کان يعني أن الحسن قد عقد العزم على المضي قدما في درب يعرف مسبقا خطورته و وعورته، ويبدو أن رسالته للأطراف المعنية بالامر قد وصلت و ارسلت الاجابة المتوقعة للحسن و للأطراف التي تؤيده او تقف خلفه.

سعاد عزيز

للتوقيت الذي تم إختياره لتنفيذ جريمة الاغتيال أکثر من سبب، حيث أن لبنان يمر حاليا بحالة من التشنج و التوتر السياسي الميال الى الطائفي، کما أن أوضاع النظام السوري باتت مقلقة ولاسيما وانه يمر بالفترة الحرجة جدا من عمره المتبقي و مالذلك من تأثيرات على الساحة اللبنانية بصورة عامة و على حزب الله بصورة خاصة، خصوصا فيما لو ربطنا و جمعنا بين حالة التراجع و النکوص للنظام السوري و بين الاوضاع المتردية التي يعاني منها النظام الايراني أيضا على خلفية مجموعة عوامل متباينة أهمها العقوبات النفطية و الاقتصادية المفروضة عليه و شطب اسم منظمة مجاهدي خلق من قائمة الارهاب، وان بروز اسم وسام الحسن کان يعني و بصورة واضحة الترکيز على سياق و إتجاه يرمي الى إضعاف تحالف حزب الله نظام الاسد النظام الايراني، ويبدو أن الذي قد قيل خلف الکواليس و المجالس الخاصة اللبنانية و الاقليمية قد أثار حفيظة هذا التحالف فقرر التحرك لتفادي تضخم موجة العداء و المواجهة ضده.

قضية إغتيال رفيق الحريري التي إرتبطت بشکل او بآخر بالتحالف الثلاثي المشار إليه آنفا، لم تجد کل محاولات و مساعي هذا التحالف للملتها و حسمها سياسيا او بأي شکل آخر، وانما بقي کسيف ديموقليس مسلطا على رؤوسهم و ينتظر اللحظة المناسبة لإعادة طرحها و إثارتها من جديد، ويبدو أن الاجواء الاقليمية و الدولية التي تحدد في خطها العام تراجعا ملفتا للنظر لأطراف التحالف الثلاثي(حزب الله نظام الاسد النظام الايراني)، قد شجع و يشجع على التصدي للعديد من الامور و الملفات التي کانت قبل هذه المرحلة من الخطوط الحمراء التي لم يجرؤ أحد على الاقتراب منها.
قضية إغتيال وسام الحسن، التي تثير قلق و تحفظ حزب الله دون سائر القوى السياسية اللبنانية، من المفيد و المطلوب إقليميا و دوليا متابعتها و التحقيق فيها لأنها ستقود الى مفترقات جديدة قد تميط اللثام عن خفايا الکثير من الامور و القضايا الخاصة التي تدور في الحدائق الخلفية بلبنان، وان النظام السوري الذي هو منهمك حاليا بقتل أبناء شعبه و بدم بارد على مرئى و مسمع من دول المنطقة و العالم، من الضروري جدا على دول المنطقة بصورة خاصة و المجتمع الدولي بصورة عامة أن يتبنى هذه القضية و يحقق فيها لکشف ليست المسؤولين الاساسيين في جريمة إغتيال وسام الحسن فقط وانما حتى فتح الطريق لکشف الخفايا المرتبطة بجريمة إغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري.

[email protected]