مضي الاتحاد الاوربي قدما في سياسة التشدد ازاء النظام الايراني، تحمل أکثر من دلالة و تمنح أکثر من إنطباع عن الهزيع الاخير من هذا الخريف الصعب و ذلك الشتاء القارص الذي ينتظر هذا النظام.
الملفت للنظر، أن العقوبات قد إقترنت هذه المرة بقرار بعض الشرکات المزودة لخدمة الاقمار الصناعية، بحجب قنوات فضائية تابعة للنظام الايراني على الاقمار الاوربية، وهو أمر له معناه و مقاصده الخاصة، لکنه يفسر أيضا على أنه تحذير ضمني من إحتمال تطوير العقوبات و دفعها بإتجاهات جديدة تتعلق بنوايا و أهداف النظام فيما يتعلق بدعم الارهاب و تمويله عن طرق متباينة.

العقوبات النفطية التي رأى العالم کله انها قد أدت دورا ملموسا و واضحا في الجدار المتهالك للنظام و الذي تجلى أکثر في الخطب الاخيرة لمرشد النظام الايراني و التي سعى خلالها للتقليل عبثا و من دون جدوى من أثر و فاعلية تلك العقوبات و عموم الموقف الدولي الآخذ في التشدد مع نظامه، لن يقف أبدا عند المحطة الاولى التي إنطلق منها، فهناك محطات أخرى سيتم تأسيسها و تدشينها في الاشهر القادمة و أن الطريق بشکل عام يعبد بإتجاه المحطة النهائية التي سيحسم فيها کل شئ مع هذا النظام و بديهي أن النظام لن يکون أبدا في موقع و موقف يسمح له بالمبادرة او المناورة وانما هو في إنتظار ماستمليه عليه الظروف و الاوضاع المستجدة.

لاغرو من أنه ليس هناك نظام في العالم کالنظام الايراني من حيث الفرص و الخيارات المختلفة التي وضعت تحت تصرفه من أجل الرضوخ لمنطق العقل و الصواب و التأقلم و التناغم مع المجتمع الدولي، لکن، وفي نفس الوقت ليس هناك في العالم کله أيضا نظام مراوغ و مخادع و متحايل کهذا النظام فهو ومن دون شك نجح کثيرا في إستدراج الغرب کله الى سباق ماراثون سياسي لانهاية له حيث أن کل جولة من المفاوضات تقود الى جولة أخرى و هکذا هلم جرا، ويبدو أن الکيل قد طفح بالمجتمع الدولي و لکن النقطة المهمة و الجديرة بالملاحظة تکمن في أن التحرك و المبادرة بتطبيق عقوباتquot;جديةquot;وquot;فعالةquot;ضد النظام الايراني قد کانت من جانب دول الاتحاد الاوربي و التي کانت دائما الجانب الدولي الاکثر هدوئا و الداعي في مختلف الظروف و الاوضاع الى الحوار و المشاورة و الاحتکام الى طاولة المفاوضات، لکن، سياسة اللف و الدوران و إستغلال العامل الزمني من جانب النظام الايراني، جعل من الطرف الاهدأ الطرف الاکثر جدية و حزما و عزما في التعامل و التعاطي معه.

سعاد عزيز

العقوبات التي ستستمر من دون شك فيما لو لم يبادر النظام الايرانهzwnj; للإستجابة و الرضوخ للمطالب الدولية، ينتظر أن تشمل جوانب أخرى بالغة الاهمية و الحساسية و هي الانquot;أي هذه الجوانبquot;تمسك بالوقوف الهش للنظام و تمنعه من الانهيار، ولعل أکثر هذه الجوانب اهمية و خطورة على أوضاع النظام و أمنه و استقراره، هو جانب الغاز الطبيعي الذي يشکل بعد النفط العصب الرئيسي لإقتصاد النظام، وان شمول هذا الجانبquot;والذي قطعا هو ينتظر دوره في القائمةquot;، سيحدث زلزالا عنيفا من نوعه في الاوضاع الاقتصادية للنظام و يدفع ببوصلة الاحداث الى التحرك بإتجاهات غير محمودة العواقب للنظام و الاهم من ذلك أن النظام لن يتمکن من السيطرة على الاوضاع کما فعل مع إنتفاضة عام 2009، خصوصا وان منظمة مجاهدي خلقquot;خصمه اللدودquot;يتربص به بکل حيوية و نشاط و في منتهى الاستعداد ولاسيما بعد أن تمکن من الخروج من قائمة الارهاب، ولذلك فإن إستحقاقات النظام مع مرور الايام تتضاعف و تتضاعف مالم يتدارك أمره بالانصياع، لکن مشکلة هذا النظام انه يعلم جيدا أن إنصياعه و رضوخه للمطالب الدولية و إنهاء أحلامه النووية تعني نهايته بالضرورة ولذلك فإنه سيظل يقف بالمرصاد للعقوبات من دون أن يکون لديه بديلا عمليا و منطقيا لهذه الرسائل العملية الخطيرة التي تتوالى عليه من جانب المجتمع الدولي، وان النظام بتصرفه الاخرق هذا يضع نفسه في موقف الامي الجاهل الذي لايعلم شيئا من الحقائق الدامغة المخبأة بين أسطر تلك الرسائل!

[email protected]