يقينا ان الانتخابات هي حدث امريكي اولا وأخيرا، ولكنه مع ذلك انتخاب يقرر الى حد بعيد موقف امريكا تجاه الكثير من قضايا عالمنا اليوم باعتبارها القطب الاوحد والأقوى ولو الى حين، خاصة والسياسة التي مارستها الادارة الديموقراطيه الحاليه كانت سلبية الى ابعد الحدود لاسيما المتعلق منها بالشرق الاوسط وما يسمى بالربيع العربي.

لقد استغربت اوساط البيت الابيض حجم الاستنكارات والاحتجاجات التي اجتاحت العالم الاسلامي بسبب فليم فاشل وسيء عن الاسلام دون ان تفهم هذه الاداره مفاد الرسالة وهي انها لم تكن بسبب هذا الفليم المسيء فحسب وإنما بسبب السياسة الخارجية الامريكيه التي خلقت هذا الجو المشحون بالعداء لأمريكا في كل مكان، فقد تركت ليبيا في شبه حرب اهليه وتونس تغلي على بركان ومصر تعيش اكبر انقسام في شارعها يهدد مستقبل البلاد وسوريا تدفع يوميا اكثر من مائة ضحية بشريه والعراق سلم على طبق من ذهب لجارتها ايران ومع ذلك قالت السيده كلينتون ان ادارتها والسيد اوباما ملتزمون بالانسحاب المسئول!!

أي انسحاب مسئول هذا الذي تتحدث عنه السيده كلينتون والشعب العراقي والسوري والمصري والليبي والأفغاني يدفعون هذا الثمن الباهظ الذي يدفعونه يوميا من ثرواتهم ودماء ابنائهم ومدى استقلالية قرارهم الوطني.

أي انسحاب مسئول هذا الذي يخطط لترك (ملاله يوسف) في ايدي طالبان مثلا خاصة وان هذه الاداره التي لا تملك رؤية واضحة لم تقطع اتصالاتها لتوفير ارضية انسحاب اخر من افغانستان وترك الشعب الافغاني لقدر مجهول بعد كل سنوات المعاناة المريرة التي عاشها لاستعادة آدميته كما ترك العراقيين لكل من هب ودب من الفساد المستشري والصراع الطائفي و الارهاب المنظم وأطماع القوى الاقليمية في ثرواته والقضايا المصيرية المعلقة كقضية المناطق المتنازع عليها لتبقى قنبلة مؤقتة تهدد بأسوأ ما يمكن ان يحدث للعراق.

من حق الشعب الامريكي ولاشك مطلق الحق والحرية في اختيار رئيس بلاده ولكن من حق العالم ايضا ان يطالبهم باختيار رئيس يعبر عن روح امريكا الحقيقيه وتمسكها بالحرية والعدالة والديموقراطيه هذا اذا كان هناك بقية من روح لأمريكا.

لقد فشلت ادارة الرئيس اوباما في معالجة مشاكل المنطقه جملة وتفصيلا حتى حلفاؤها التقليديون غير راضون عن نهجها مثل تركيا وإسرائيل وباكستان وليس غريبا هذا التراجع الهائل في التعاطف مع الشعب الامريكي نتيجة السلبيه والتخبط والتهرب من المسؤولية الذي تتسم به السياسة الخارجية لأقوى دولة في العالم في عهد الادارة الديموقراطية!.

ان اعادة انتخاب السيد اوباما وهذه الادارة ألانهزاميه ( موقفها في العراق مثالا ) سيكون بمثابة اطلاق رصاصة الرحمه على البقية الباقية من سمعة امريكا ومصداقية شعاراتها ودورها في الدفاع عن العدالة والحرية والديموقراطيه كما تحب ان توصف به، وسيكون هناك المزيد من الاستنكارات والغضب العارم ضد السياسة الخارجية الانهزامية التي تتعارض تماما ومصالح الشعب الامريكي وأيضا مصالح شعوب المنطقة ونظره سريعة الى الوضع العراقي وحده كفيل بتوضيح مدى فشل هذه السياسة.

bull;كاتب عراقي
bull;[email protected]