ما عاد مقنعاً أن يكتب الكاتب العربي الكلمات التالية حول الصراع العربي الاسرائيلي : (الحل الصحيح هو الإنسحاب الكامل والشامل من الأراضي العربية المحتلة دون قيد أو شرط ؟!!.. وعودة الفلسطينيين إلى أرضهم وبلادهم ؟!!.. وعودة الجولان إلى سوريا ؟!.. وعودة الأراضي اللبنانية المحتلة إلى أهلها الحقيقيين ؟!.. ومقابل هذا الحل الشامل والعادل يتعين على العرب أن يعملوا من أجل سلامٍ حقيقي ؟!.. وعلى اسرائيل أن تتوقف عن مناوراتها السياسية والعسكرية؟!..)..
هذا النوع من الكتابات والتي كثيراً ما تتضمنها بيانات الجامعة العربية في كل مؤتمراتها العتيدة، يُذكرني بقصائد الأربعينات والخمسينيات : (يا فلسطين.. إننا عائدون ؟!.. يا فلسطين جينالك!!..).. اسطوانة شبعت تشريخاً، وصارت نتائجها مؤذية لسامعها أو قارئها، بل إنه يلعن تلك الساعة التي قرأ أو سمع فيها مثل هذه الكلمات المُعلبة ذات التكرار الممل الممجوج!!..
bull;أستثني من هذه القاعدة السياسة ذات الطبيعة السريالية الزئبقية (اللامعقولية) التي تنتهجها دولة قطر العظمى!!..
ونتيجةً للنجاح المنقطع النظير في الزئبقة السياسية، والسريالية القطرية، فإن شيخها قد حصل على الدكتوراه الفخرية وسط الزغاريد وضربات دربكة الايقاع، مما يدل على جدية وضخامة هذه الجامعة التي تكاد أن تبز هارفرد، ومانشستر، وأكسفورد، وغيرها من الصروح الأكاديمية في العالم!!.. ولا أدري إذا كان شيخ قطر الدكتور قد عجَّل في قطع زيارته بعد أن حصل على الدرجة الأكاديمية، أم أن هناك أسباب أخرى دفعته الى ذلك ؟!.. مع اعتذاري لصديقي القديم أحمد أبو مطر فيما كتبه عن هذه الزيارة، وما قدمته من مساعدات، إلا أنني أقول : أن التشطّر الزئبقي الذي تتبعه سياسة الدكتور حمد آل خليفة، والتي تتمثل بالنقاط التالية :
bull;منذ أن تولى القيادة في قطر برز الخلاف على أشده بين البحرين وقطر من جهة، والسعودية وقطر من جهة أخرى.. ناهيك عن خلافات تفاقمت مع دول أخرى تسببت في إحداثها قناة الجزيرة!!..
bull;فُتح المجال لاسرائيل من دولةٍ صغيرة (قطر) أن تكسر طوق الحصار المفروض عليها من دول الخليج، لكي تقول للعالم أن العرب يرحبون بها، وأن اسرائيل تريد التفاهم مع جيرانها، مما شجّع دولاً خليجية وغير خليجية أن تحذو حذو قطر سراً وعلى استحياء، وعلانيةً في العلاقات مع اسرائيل، التي أصبح لها نفوذ في منطقة الخليج تمثّل البعض منه في الجرائم التي ارتكبها الموساد في دبي!!.. وبالمقابل فإن قادة قطر يقضون إجازاتهم في المدن والشواطئ الاسرائيلية!!.. ليصرّح حمد بن جبر رئيس وزراء قطر أنه واضحٌ في علاقته مع اسرائيل، ولا يعمل تحت الطاولة كما يفعل البعض من العرب!!..
bull;في الوقت الذي لدى الخليجين تحفظات مسبّبة في علاقتهم بايران، نجد أن قطر لها سياسة منفتحة في علاقاتها مع ايران، رغم أن هذه الأخيرة ترى في الشيطان الأمريكي الأكبر عدواً لها، وأن هذا العدو له أكبر قاعدة عسكرية بالقرب منها في قطر!!!..
bull;زيارة الدكتور الشيخ حمد آل ثاني لمنطقة الضاحية في بيروت عقب عدوان اسرائيل على لبنان سنة (2006)، ولقاءاته مع قيادات حزب الله بعد أن قدّم ما قدّم لهم من تبرعات، تقف السياسة القطرية الآن في الخندق المعادي لحزب الله في مناصرتها ودعمها لفريق الرابع عشر من آذار، وقد تمثّل ذلك في الفضيحة الفاقعة يوم أُلقي القبض على أحد كبار الساسة القطريين وهم يشجعون على اتساع شقة الخلاف بين السنة والشيعة في طرابلس وغيرها، حيث تم لفلفة الأمر وتلافيه، وأُطلق سراح المعتقل القطري، وكُمّمت الأفواه تلافياً للفضائح!!..
bull;تركيبة قناة الجزيرة الكيماوية غير المتجانسة، من شيوعيين، وإخوان مسلمين، بل ومستشارين ناصريين كالدكتور عزمي بشارة، الذي لا يلتقي بأي حال من الأحوال مع القرضاوي، وغير ذلك من التناقضات السريالية الزئبقية التي تضمها هذه القناة!!..
bull;كمية الانقلابات في العلاقات السياسية لقطر غريبة عجيبة ؟!.. بالأمس كانوا مع الأسد، واليوم يُجيشون الجيوش ويُسلحون الناس ضد الأسد!!.. أشرنا الى علاقاتهم بحزب الله ثم الانقلاب عليه!!.. بالطبع الثابت الوحيد في العلاقة القطرية هو التفاهم مع اسرائيل.. لدرجة أن نتنياهو لم يستهجن زيارة الشيخ القطري الى غزة، وإنما عبّر عن دهشته بالقول : (إنها غريبة)!!..
bull;أما عن السياسة المالية، والاستثمارات الخارجية، ومن هي الأطراف التي تشارك القطريين فيها، فالحديث عن ذلك ذو شجون!!..
* * *
كل هذه الأوركسترا السريالية الزئبقية التي تعزف على أوتارها السياسة القطرية بقيادة المايسترو الدكتور حمد بن خليفة آل ثاني الذي يرى أنه سوف يعمل على تحقيق عودة فلسطين، ليس بالأسلوب الكلاسيكي المعتاد، والذي وصفناه بالأسطوانة التي شبعت تشريخاً، إنما سوف يعيد فلسطين، بل سوف يوحد العرب من خلال بعض ما جئنا عليه من النقاط القليلة القليلة التي أوردناها في هذا المقال!!..
كل هذا في وادٍ، والرشاوى التي تُقدّم للمحافل المختلفة وخاصةً الرياضية منها في وادٍ آخر!!..
التعليقات