نسبة الاشتراك في الاستفتاء على الدستور في مصر كان حوالى 30 بالمئة حسب المصادر الرسمية. هذه النسبة المنخفضة تشير وبكل وضوح الى محنة الشعب المصري العميقة.
قد يقول البعض ان هذه النسبة تكاد ان تكون هي نفسها في الانتخابات وليس الاستفتاء التي تجري في معظم الدول الاوروبية. اذن لماذا هذا التهويل في موضوع الذهاب الى صناديق الاقتراع
عندما يتعلق بمصر؟
الامر ليس تضخيما او تهويلا ، بل ان ذلك يشكل اولى الدلالات الخطيرة على البلبلة والضياع الذي يعاني منه الشعب المصري بعد ستة عقود من الاستبداد والعبودية والقهر والفساد على ايدي الانظمة الدكتاتورية وطواغيتها.
قلنا ان الامر ليس تهويلا ، اذ ان عزوف الشعوب الاوربية عن الاشتراك بنسب عالية في انتخابات بلادهم له مبرراته. ليس من المستغرب في المستقبل القريب اذا هبطت نسبة الاشتراك عند الاوربيين الى
مستويات ادنى بكثير وذلك عندما تغادر الاجيال المسنة الى الدنيا الآخرة حيث ان المسنين لايزالون يرون في الاقتراع واجبا وطنيا ويتباهون بذلك.
الاجيال الجديدة في الغرب يدلون باصواتهم في الانتخابات لامور بسيطة جدا ويقترعون اما لخفض نسب الضرائب او لتحسين الرواتب او تحسين الخدمات الطبية او مكافحة البطالة وما الى ذلك علما ان الفوارق هي طفيفة جدا بين الوعود التي يعطيها المتخاصمون السياسيون في دعاياتهم الانتخابية. النكتة هنا هي
عندما نعلم ان استفادة الفرد من الترجيح بين حزب وآخر قد لا يتجاوز خمسة مئة دولار فقط. لولا الصراع بين اليمين العنصري المتطرف والقوى اليسارية والليبرالية في العقدين الماضيين لكانت نسبة الاقتراع اكثر هبوطا.
الذي حدث في مصر انما كان استفتاء على دستور سواء بنعم او لا ولكنه في النهاية يعين مستقبل مصر واجيالها وطنا وشعبا.
هل من المعقول في استفتاء مصيري كهذا ان لا يأبه به سبعين في المئة من المصريين؟
مذا تعني هذه المقاطعة وبهذه الضخامة على مصير البلاد ؟ هل الشعب المصري فقد الحس الوطني؟؟
مقاطعة المصريين للاستفتاء دليل ساطع على انه لم يعد يثق بكل القوى السياسية في البلاد من الاخوان وجبهة الانقاذ وربما ايضا بالقوات المسلحة.
هذه المحنة ليست محنة المصريين وحدهم وانما هي كارثة الكوارث ضربت كل شعوب المنطقة والتي جاءت نتيجة طبيعية لعهود الظلام والاستبداد الطويلة.
تلك العقود الطويلة من الاستبداد والفساد والافساد والاستهتار بكل القيم البشرية لا سيما على ايدي الانظمة الثورجية والقومجية حفرت اثارا عميقة في نفسية الانسان. باختصار وصل التفسخ الى الانسان نفسه في منطقتنا وهذه هي الكارثة الحقيقية.
من السهل جدا اعادة بناء الجسور والطرقات وكل البنية التحتية ودور السكن والمدارس والجامعات في مدة لا يتجاوز عقدا واحدا في هذا العصر ولكن اعادة بناء الانسان وتطهيره من التفسخ والخوف والادران والانفصام وعقدة الذنب يحتاج الى نصف قرن او اكثر.هذا هو السبب في الشتاء القاسي الذي عاد سريعا بعد ثورات الربيع. بل علينا الاستعداد لم هو اسوأ بكثير.
بدلا من الطبل والزمر بعد الاستفتاء كان الاجدر هو اعلان الحداد لما اصاب الشعب المصري من فقدان الثقة بنفسه وقياداته السياسية.....
quot;quot;quot;quot; بمناسة اعياد الميلاد المجيدة اترحم على جميع شهداء الشعب السوري واتمنى من الاخوة المسيحيين بالدعاء لهم بالجنة........quot;quot;quot;quot;
طبيب كردي سوري
التعليقات