سيقول لك ان الاسباب التي اوصلت الوضع العراقي الى التازم الحالي هي (( عدم العمل بالدستور، والطائفية والمحاصصة، والمؤامرات والتدخلات الاجنبية في شؤونه)) القائل قد يكون مواطن عادي او سياسي تملاء صورته شاشات التلفاز، وقد يكون كرديا او سنيا او شيعيا، الكل يقول بهذا، وهذا دليل للاتفاق، ولكن علام الاستمرار في الحالة المازومة اذا؟هل لانه قد يكون نفاقا ليس الا، لان الجميع يدرك ان المواطن المسحوق يريد العمل بالدستور والغاء المحاصصة الحزبية والطائفية وايقاف التدخلات الاجنبية. او هو توصيف اتفقت الطبقة الحاكمة عليه لانه ليس لديها اي معرفة عن اسباب الحالة اصلا.

لاننا كلنا نستعمل منذ طفولتنا، لغة المواربة، اللغة التي تجعلنا لا نقول ما نريده، لاننا لا نعتبره حقا خالصا لنا، لانه بالاساس لم نعرف حقا، ونريد من المقابل ان يعرف ما نريد، هذه الحالة هي حالة كل فرد عراقي، مهما كان عمره وجنسه وقوميته ودينه. والاخر لا يفهم او لا يريد ان يفهم لانه ايضا يستعمل نفس لغة المواربة والتي يريد الاخرين ان يقراوا ما خلفها وليس ما تظهره.

هكذا هي مطاليب العراقيين صعبة، وغير واضحة، ولا يعرفها حتى من يطرحها، فكيف يمكن الحوار حولها؟ السنة يطالبون بنفس ما يطالب به الشيعة والكورد، وتابعوا القنوات الاخبارية والتي تنقل المظاهرات والمظاهرات المضادة، الخلاف هو في ان السنة يقولون بانهم مهمشون، لا اعرف كيف هم مهمشون ومن انتخبوهم تبؤا اكبر المناصب، من نائب رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، ونائب رئيس الوزراء ووزراء سيادة، وكل من هؤلاء له فوج حماية وليس افراد حماية، فعن اي تهميش يتحدثون؟

العراقييون يعيشون التاريخ واحداثه، ويريدون الانتقام لكل ما حدث لهم فيه، ولو فعلوا لاحتاجوا اضاعاف عددهم لكي يشفي غليل انتقامهم، ولكنهم يريدون ايضا مستقبلا بلباس الماضي هذا، البعض يريد اليزيد حاكما والاخر يطلب الامام علي خليفة، لكي نعيد انتاج الماضي، فهل في مثل هذه الحالة سننتج وطنا؟

الطائفية هي جزء من الحياة السياسية، لا بل ان اقوى الاحزاب هي احزاب طائفية، من الدعوة الاسلامية، الى الحزب الاسلامي والمجلس الاسلامي والفضيلة والاحرار والتنظيمات الغير الرسمية ولكنها على الساحة تفجر وتقتل، فاذا كانت هذه هي احزاب التي تتشارك في اللعبة السياسة، فهل سيمكنها ان تنتج نظاما ديمقراطيا متحررا ويعمل للمستقبل؟

غبية هي دولة من دول الجوار ان لم تتدخل في شأنه، السياسة لا تقبل الفراغ، فاذا كانت الساحة السياسية العراقية خالية من استراتيجية وطنية للعمل، فان دول الجوار ستعمل من اجل ان تضع العراق تحت جناحها، وهذا هي حال ايران الدولة الراسخة وكذلك تركيا، انهما يريدان وضع العراق في حسابهما، وكل يستعمل طرف ما، ليس حبا بالطرفين ولكن لهفة لجائزة العراق. ايران ستعمل الى اخر شيعي عراقي من اجل العراق وهكذا تركيا، لاخر عراقي سني وتركماني، انهما دولتان تفتخران بتاريخمهما واستمرارهما ومدى مصالحهما. لماذا عندما تتدخل مثلا سوريا والسعودية يعتبر ذلك امرا محمودا، وليس بذي عاقبة، من فرض على العراق الارتباط بالسياسة العربية او باللاسياسة، بل بمجموعة رؤساء العشائر المسمون ملوك وامراء ورؤساء العرب؟

في ظل تفاقم الصراعات الحالي، فامام العراق طريقان للخلاص، احدهما صار مطروحا والبعض يرحب به كخلاص ليس الا، وهو التقسيم لكي يتخلص السنة من الشيعة والشيعة من السنة والكورد من الاثنين، وكانه خط مرسوم، فما قاله وزير خارجية العراق حينها مع بدء الحرب العراقية الايرانية السيد طارق عزيز من الرغبة في تقسيم العراق الى اربعة اقسام سني وشيعي وكوردي واثوري، صار مطلبا للبعض، والخاسر فيه الاشوريين لحد الان، لانهم صاروا خارج اللعبة، او هكذا تبدوا الامور. والطريق الاخر التخلص من لغة المواربة والجلوس وطرح الامور والاحقاد والمخاوف على طاولة البحث، ووضع علاج حقيقي لكل ذلك، فالعراق ان بقى عراقا، يجب ان لا يكون عراق الشيعة ولا عراق السنة ولا عراق الكورد ولا عراق الاشوريين بل عراق الكل، عراق العراقيين، فهل من في سدة الحكم والقيادة فاعلون؟

[email protected]