لايمكن وصف الحالة الشعبية الملتهبة في العراق والتي تصاعدت فصولا مريعة بعد الإعتصامات والتظاهرات الشعبية الأخيرة والرفع العلني للشعار المعروف ( الشعب يريد إسقاط النظام )! ، إلا من خلال تراكم الفشل وسيادة الفوضى والعجز الحكومي وتصاعد روائح الفساد الحكومي المريعة ، وهي الملفات التي حاولت حكومة المالكي تغطيتها أو التستر عليها ، وتجاوزها من خلال إثارة ملفات أمنية وخلافية والنبش في ملفات خاصة كانت تحت تصرف رئيس الوزراء وحزبه ليمارس من خلالها مايعتقد أنه إبتزاز او لوي ذراع للآخرين!! ، وذلك بطبيعة الحال أسلوب عصابي في إدارة الدولة ، وليس أسلوب رجل الدولة أو الإداري الناجح.

خلال الشهور و الأسابيع السابقة ، إنشغل القوم في العراق بحكاية ملفات الفساد التسليحي من خلال ماحدث من خروقات ومفاسد في صفقة المدرعات الأوكرانية التي شابها فساد علني هائل مدبر من زمرة بطانة رئيس الوزراء وعلى رأسهم ( شاهبندر التجار ) وجماعته من رجال الأعمال اللبنانيين كعلي فياض أو جورج أبي نادر ، أو غيرهم من العيارين و الشطار الذين دخلوا عالم البيزنس اللصوصي في العراق من خلال طبقة المستشارين العباقرة في مكتب رئيس الوزراء والذين لا تعرف مستوياتهم التعليمية ولا مؤهلاتهم الفكرية والإدارية ولكنهم في دولة حزب الدعوة تحولوا لمستشارين ورجال دولة يقودهم مساعد الحلاق السابق في الحجيرة بريف دمشق والذي أضحى بمغامراته ماليء الدنيا وشاغل الناس ، إنهم ( أهل البطون التي جاعت ثم شبعت )! وليس ذلك بغريب..!، ووسط الفوضى الهائلة من جبال الفساد العملاقة أثر موضوع و ملف الإرهاب المنسوب لنائب الرئيس السابق طارق الهاشمي وتمت مطاردة الرجل عبر تسهيل خروجه من العراق للمنفى ثم المباشرة بإصدار أحكام الإعدام المتتالية له ولعناصر حمايته وقتل بعضهم تحت التعذيب البشع الذي أضحت له سوق رائجة في العراق وبما يتجاوز بكثير المرحلة البعثية السوداء! ، ثم دارت الدائرة من جديد على وزير المالية رافع العيساوي الذي أعتقلت عناصر حمايته وتحت طائلة نفس مواد الإتهام الموجهة للسيد الهاشمي!! لا نتدخل في القضاء وأحكامه ، ولا شأن لنا بالتحقيقات الجنائية التي يديرها عدنان الأسدي في الداخلية العراقية ! ، ولكن الموضوع كما هو واضح تحول و بشكل علني وفج لموضوع إستهداف العناصر القيادية الكفوءة و المقتدرة في العراق ، فالسيد الهاشمي مهندس عسكري مرموق و السيد العيساوي طبيب ولو قارنا مؤهلات هؤلاء بمستويات الفيادة العليا في الدولة من رئيس الوزراء و حتى ولده الهمام لأصبنا بإحباط شديد ! ، فالقادة القادمون دمشق الثائرة هذه الأيام قد أكلوا الدولة العراقية وهيمنوا على مفاصلها الحيوية بسبب الدعم الأمريكي المعيب و الإيراني المفضوح ! ، يضاف لذلك كله لجوء رئيس الحكومة العراقية لفرض صيغته السلطوية الخاصة ومحاولة بناء زعامة تاريخية كارتونية مستبدة في وضع و زمان لم يعد يسمح بمثل تلك الأمور رغم اللعب على الورقة الكردية و إستحضار التوتر مع حكومة أربيل بهدف حشد الوطنية العراقية خلفه وهو المشهد الذي تحول لفشل بائس في الإعداد و الإخراج و التمثيل لتتحرك الجماهير العراقية وتنفض عن ظهرها غبار الخنوع و تنتفض في رفض علني لأساليب الحكومة القمعية وفي اللجوء لإعتقال السيدات و النسوة و إعتبارهن رهائن لحين عودة أقاربهم من المطلوبين!! وهو أسلوب بعثي قبيح بإمتياز لا علاقة له لا بالقانون ولا بدولته المثيرة للسخرية ، طبعا العراقيون ينتظرون بشغف النهاية القريبة والحتمية لنظام بشار الأرنب في الشام وهي النهاية العاصفة التي ستعصف و ستطيح بكل أركان المثلث الإيراني الشرير في الشرق القديم ، و التي بعدها ستتغير الصورة الستراتيجية لشكل المنطقة وبشكل لا نظير له في التاريخ المعاصر.

إن وعيا شعبيا ووطنيا عراقيا يتشكل اليوم لينطلق عبر التطورات الميدانية المتلاحقة وليفرض نتائجه المستقبلية القريبة على شكل وطبيعة السلطة في العراق ، يمكن القول اليوم بأن الشعب العراقي الحر قد عاد لساحة المواجهة و أن أيام الغليان العراقية الحالية ستطلق حممها التدميرية الحارقة للطغيان و لأهل الفساد و لقطط الطائفية السمان التي ستولي الدبر ، شعب العراق الحر ، وجيشه الحر ، وبارادته الحرة ، سيرسم صورة العراق الحر الجديد المتخلص من جراثيم الطائفية السوداء و اللصوصية العمياء ، نعم سيسقط شعب العراق بإرادته الحرة و بتضامن مكوناته الأساسية والفاعلة من عرب وكرد و تركمان وشيعة وسنة و مسيحيين وصابئة وإيزيديين ، ويطلقون وضعا و إنطلاقة جديدة تضع الفاشلين و مشاريع الإستبداد و الهيمنة وغلمان الولي الفقيه في مزبلة التاريخ... تلك هي الحقيقة العراقية العارية لإنتفاضة الجماهير المسحوقة وهي تبهذل الطغاة من ( أهل البطون التي جاعت ثم شبعت ).. و العاقبة للأحرار... وستظل بغداد قلعة للأسود وراية للمجد و الخلود..
[email protected]