الأحزاب الدينية السياسية تحاول إعطاء نفسها شرعية وقدسية من خلال عناوين وشعارات دينية تضفى عليها قداسة تربطها بالله سبحانه وتعالى وبالسماء، فتزيد من رصيدها وجمهورها وتعاطف الشعوب الإسلامية معها. لكن تطور الحياة وازدياد الوعى والعولمة جعل الكثير منهم يعى اللعبة السياسية وهى تستغل الدين، فبدأت الأحزاب الدينية نفسها تغير شعاراتها إلى عناوين أخرى مدنية حديثة كالحرية والعدالة والديمقراطية والقانون والمواطنة هكذا حصل فى تركيا ومصر والمغرب والعراق وتونس سئل بعض قادة حزب الله فى لبنان عام 1989م، عن شرعية (حزب الله). فأجاب مفتخرا مزهوا بقراءة الآية القرآنية (ألا أن حزب الله هم المفلحون) الآية22 من سورة المجادلة، وكأنّ الآية النازلة قبل أكثر من ألف سنة قد نزلت بحقهم مع الفارق بينهما كالفارق بين السماء والأرض مارس حزب الله اللبنانى الكثير من الممارسات الغريبة لصالح النظام الإيرانى وهو يعلن ولاؤه ودعه الكامل لنظام ولاية الفقيه، وكذلك تحالف الحزب مع بشار والنظام السورى القمعى بعد كل مجازره ضد الشعب السورى الأعزل، كما قام كذلك فى لبنان أيضا أيام سطوة سوريا على لبنان فضلا عما يحدث فى إيران من ظلم وقمع واضطهاد كبير المرجع الشيعى محمد حسين فضل الله بعد أن كان مرشدا للحزب، صار تقليده محرما لرفضه وصاية الإيرانيين ورفض ولاية الفقيه الإيرانية واتهامه ايران بالعنصرية ضد العرب فى التشيع الفارسى وقال (رفضوا مرجعيتى لعروبتى). كما صرح الشيخ صبحى الطفيلى بعد خروجه من الحزب عن قرارت الحزب الأساسية تنشأ من طهران وولى الفقيه والعديد من خفايا القرار فى الحزب البعيدة عن المصلحة الوطنية والعربية.. والملاحظ هو المعايير المزدوجة الكثيرة لحزب الله فبينما يرفع شعارات عاطفية كثيرة تنادى بتحرر الشعوب وخلاصها من الظلم والإستبداد، إذا هو ينتقد ثورات الربيع العربى ويدافع عن النظامين السورى والإيرانى فى كل مجازرهم ضد شعوبهم الطامحة نحو الحرية والكرامة هاهو النظام السورى يقمع بشكل كبير الشعب السورى المظلوم وقتل عدة آلاف من الشعب وعدد كبير من الأطفال والنساء والشيوخ فى مجازر رهيبة فى حمص وحماة وحلب وأدلب والزبدانى وغيرها حسب التقارير العالمية من المنظمات الحقوقية. فهل يحق لحزب أيا كان يقف مع نظام فاسد ظالم قاتل لشعبه ويدعمه بمختلف أنواع الدعم ويبقى يسمى نفسه (حزب الله) حتى تحولت الكثير من الشعوب التى تعاطفت فى فترات معينة مع الحزب إلى رفضه وإدانته حاليا ومعرفة حقيقته الطائفية وتبعيتة لإيران ومصالحها المعارضة للعرب واستقلالهم وحريتهم. علما أن النظام الحاكم فى سوريا ليس نظاما إسلاميا بل حزب البعث، وهم أنفسهم قد حاربوا حزب البعث فى العراق لكنهم مع حزب البعث فى سوريا بسبب المصالح السياسية والعلاقات الطائفية والتحالفات الإيرانية
من المبالغة لأي حزب سياسى مهما كان، أن ينسب نفسه إلى الله تبارك وتعالى، لأن الله مطلق الحق والخير والمحبة بينما المواقف السياسية للأحزاب تتغير وفق المصالح والظروف والتغيرات حتى أن قيادات الحزب يتم نقدها مرارا على مواقفها وآرائها وسياساتها.
تسمية حزب معين بحزب الله أمر في غاية الخطورة والحساسية، يفترض ما يقابله من الأحزاب هى أحزاب الشيطان، وهي أمر فظيع جدا فى احتكار الحق والحقيقة وهى تصفية غير نزيهة ولا شريفة للمنافسين السياسيين
لعله نسى أن الآية لم تتكلم آنذاك عن مصطلح الحزب الحالى وأن لفظ الحزب قد تطور استعماله كثيرا خلال أكثر من ألف سنة، كما أنّ للآية الشريفة ظروف معينة ومناسبة لنزولها وقصة واقعة (أسباب نزول الآية) كما أن هنالك آيات عديدة فى مقابلها كقوله تعالى (كل حزب بما لديهم فرحون). فإذا أريدت نظرة متكاملة للموضوع فينبغى عندئذ النظر فى جميع الآيات التى تناولت الموضوع من جوانبه المختلفة لأخذ صورة كاملة واضحة لجميع جوانبه، لا انتقاء آية معينة مجتزئة عن ظروفها وزمانها وشروطها
رغم وجود حركة أمل الشيعية فى لبنان لكن إيران أرادت تأسيس حزب تابع لها كليا وعندها قامت إيران بإخراج بعض القيادات من حركة أمل و التيارات الأخرى وتأسيس حزب الله من خلال قيادات ثورية إيرانية تابعة كليا إلى ولاية الفقيه آنذاك، مثل على أكبر محتشمى بور السفير الإيرانى فى دمشق فى الثمانينات، أيام شعارات الثورة الإيرانية الكبيرة وتصديرها أيام الزهو الثورى العاطفى، ثم تحولوا بمرور الزمان وتغير الأحوال وخمول الشعور الثورى الحماسى العاطفى ونهاية الحرب مع العراق، تحولوا إلى مخالفين لولاية الفقيه فقد أصدر الفقيه حسين على المنتظرى نقدا لاذعا لولاية الفقيه نظريا وعمليا مما جعل المنتظرى يعيش فى الإقامة الجبرية وحتى وفاته. وأما محتشمى فقد تحول إلى تيار الإصلاح المعارض لولاية خامنئى وأغلقت جريدة سلام واتّهم باتهامات كثيرة. فى المقابل تحوّل الأمين العام الأول لحزب الله، صبحى الطفيلى إلى أحد أكبرمعارضى الحزب وتم طرده من الحزب فى 24 كانون الثانى 1998م بسبب نقده لإيران وللحزب.
اشتعلت الحرب الأهلية اللبنانية وكان حزب الله يأخذ الفتاوى لقتل خصومه حتى الشيعة من حركة أمل نفسها، وبدأ الأخ يقتل أخاه فى البيت الشيعى الواحد. وعندها قدم الشيعة بينهم عددا كبيرا من القتلى يفوق كثيرا ما قدموه بمجموعهم فى مواجهة إسرائيل..أراد حزب الله أن يحتكر القرار الشيعى ويفرض إرادته على كل خصومه كما نجده حاليا فى ظاهرة نزول أصحاب القمصان السود فى الشوارع والساحات والميادين لإرعاب الخصوم وفرض إرادة وحيدة على الساحة،كما أسقطت حكومة الحريرى وجاءت بميقاتى لفرض حكم الأقلية بعد أن كانت الأقلية تمثل الثلث المعطل
إتُّهِم حزب الله أيام الحرب الأهلية وأيام سطوة السوريين على لبنان بالكثير جدا من الإتهامات ومنها أربعة أشخاص متهمون من المحكمة الدولية فى جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريرى بعد تهديده من النظام السورى، ولا زال الحزب يرفض تسليم أعضائه المتهمين إلى المحكمة الدولية من باب يكاد المريب يقول خذونى.
يفخر حسن نصر الله بالولاء والتبعية الكاملة لإيران بشكل سافر، وهو ينتقد برهان الدين غليون بأن اسمه فيه لفظ الدين، ونسى أن اختيار الإسم ليس من الشخص بل من والديه والحال أن اسمه نصر الله، كما نسى أو تناسى أن حزبه قد نسب اسمه إلى الله تعالى فاختار اسم (حزب الله) لنفسه باختياره. فإذا لم يحقّ لغليون أن يسمى برهان الدين لأن فيه لفظ الدين، وهو لم يختره فكيف يحق لحزب الله أن يختار ويحتكر اسم الله عليه؟! وهل فوّضه الله بذلك ومن نصّبه قيّما على الناس؟ وكم عملا سياسيا كان برضا الله أم برضا إيران؟؟ وهل كل عمل إيرانى يرضاه الله تعالى وهى تقمع شعبها فى ظلم نظام ولاية الفقيه وقمعه للحريات والكرامة وحقوق الإنسان والكل يعرف مصير من يخالف ولاية الفقيه المحتكرة للسلطات الثلاث ولو كان من أرقى الفقهاء كما حصل للمراجع شريعتمدارى وقمى وشيرازى وروحانى والمراجع العرب كالكرمى والخاقانى وغيرهم
أما آن الأوان لإعادة النظر فى تسمية حزب باسم (حزب الله) واستغلال لفظ الجلالة المقدس، وبمراجعة بسيطة من خلال الوقائع والحقائق الكثيرة للحزب على الأرض، وقد بدأت أحزاب دينية فى دول عربية بمراجعة شعاراتهم وأسماء أحزابهم إلى عناوين مدنية حديثة، ولأن الله تعالى يقول فى كتابه الكريم (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون) (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) (وما الله يريد ظلما للعباد) ولايمكن لأى حزب سياسى أن يحتكر الله تعالى له وحده ويحجبه عن العالمين، فالله العظيم أكبر من أى حزب سياسى مهما كان وهو للعالمين جميعا كما أنه رحمة وليس نقمة كما لخص الحق تعالى رسالته بأجمل آية قرآنية شريفة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ليس للمسلمين أو المؤمنين ولا أصحاب الأديان فقط بل العالمين جميعا وكل الناس فالله خالق الجميع وكل البشر من آدم وحواء وأن أكرمهم هو أتقاهم وأكثرهم حبا للإنسان وخدمة للبشرية، وصدق الرسول الكريم حيث يقول (خير الناس من نفع الناس) وما أجمله من شعار يحتاجه واقعنا المعاصر.
- آخر تحديث :
التعليقات