لم يخطر في بالي لحظه مغادرتي لأشرف متوجها إلى ما أسموه بـ ليبرتي انني لن أراه مرة أخرى.
كنا ضمن المجموعة الثالثة التي نقلت إلى ليبرتي. وكانت عمليات تفتيش اغراضنا التي بدأت منذ الثامنة صباحا يوم 18 من مارس الماضي استمرت حتى ظهر يوم التالي.. عملية مرهقة مهينة وتتضمن إجراءات مفتعلة في مجملها.، ثم بدأت عمليات تفتيش الأشخاص وفي إحدى مراحل عملية التفتيش الموهنة قامت القوات الضاربة الخاصة المسماة بقوة rdquo;سوآتrdquo; بالهجوم علينا وانهالت علينا بالضرب المبرح باستخدام الهراوات الكهربائية.. وأخيرا انطلق رتلنا في الساعة الثامنة والربع مساء يوم الاثنين من أشرف وبعد اربعين ساعة من التفتيش للأغراض والاشخاص رافقتها الاهانة والاذى وسرقة الاغراض، في حين كان الإيرانيون في إيران و جميع أنحاء العالم يحتفلون بعيد رأس السنة الإيرانية (نوروز). وبعد وصولنا إلى ليبرتي ورغم اجراء عمليات التفتيش الشاملة في أشرف خضعنا مرة ثانية للتفتيش في ليبرتي ولاسباب واهية تم ابقاءنا ساعات طويلة مرهقة مهينة مستفزة في جو بارد حيث نزلنا من الحافلات في الساعة السادسة والنصف من صباح الثلاثاء 20 من مارس الماضي اي بعد اكثر من 10 ساعات انتظار في ليبرتي قبل الوصول الى اماكننا المخصصة التي لم نكن نعلم بانها سجنا ولو راقب شخصا خبيرا ومحايدا تلك الاجراءات لقال انها اجراءات تتخذ بحق سجناء..المؤسف ان ذلك وقع في ظل وجود رقابة دولية.
وفي تسرع لا مبرر له، كانت الحكومة العراقية واليونامي تصران على ان يتم نقل مجموعتنا أي الاشخاص الاربعة مائة المجموعة الثالثة يوم 19 مارس ولم يستجيبا لالحاحنا وممثلينا بتأجيل عملية النقل إلى ما بعد عيد نوروز في 23 من مارس. هذا و قد تم ابلاغ الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة والمسؤولين في اليونامي من قبل ممثلي أشرف اكثر من مرة سواء بصورة تحريرية او شفوية بان انتقال السكان في 19 مارس يشكل ضغطا كبيرا للغاية على السكان.
نعم انها كانت في الحقيقة عملية نقل قسري قامت بها الحكومة العراقية وباشراف الأمم المتحده لترضية الفاشية الدينية الحاكمة في ايران، ولتحويل حلاوة احتفالات سكان أشرف بمناسبة عيد نوروز إلى مرارة وحزن وألم، الاجراء الذي ادى إلى أحداث فاجعة مؤلمة ومحزنة كوفاة ابن عمتي.
وأخيرا نزلنا في سجن اسموه بـ مخيم ليبرتي، وكانت قد بقيت ساعات قليلة على حلول رأس السنة الإيرانية، وكان من المقرر ان نشارك في احتفالية بسيطة بمناسبة عيد rdquo;نوروزrdquo;.، وبحثت عن إبن عمتي برديا أمير مستوفيان، لم أجده، وقال اخوانه إنه ذهب ليصلي ولم يعود بعد، وعندما راجعنا مع اثنين آخرين إلى الكرفان الذي كان قد دخل فيها لنرافقه إلى الاحتفالية وجدنا جثته هامدة هناك وقمنا بنقله فورا إلى طبيب عراقي في ليبرتي حيث اعلن الطبيب بان سبب الوفاة يعود إلى نوبة قلبية ناتجة عن الإرهاق والضغوط وهكذا بدأنا احتفالنا المفترض ان يكون بفرحة نصنعها بانفسنا إلا انهم قتلوه باجراءاتهم المتعمدة وهوينا في حزننا والمنا.، تعرض إبن عمتي المهندس برديا مستوفيان 44 عاما،وهو مختص بارز في مجال الكهرباء لنوبة قلبية بضعة ساعات بعد دخوله إلى معتقل ليبرتي بسبب الإرهاق الشديد مما اودى بحياته.، وقد أمضى اكثر من 20 عاما من النضال بصمود وفخر وشرف ضد الفاشية الدينية الحاكمة في إيران.
لكنه كان علي أن اتحمل معاناة أخرى لا نهاية لها علاوة على رحيل إبن عمتي.، ويمر اكثر من شهرين الان على وفاته ولم يكتفوا بقتله بدم بارد فقاموا باعتقال جسده رغم أن من سنن المسلمين ان (اكرام الميت دفنه ) لكنهم خرجوا على تلك السنن واعتقلوا الميت...،و اتابع بشكل يومي تسليم جثمان إبن عمتي، مباشرة أو عن طريق البريد الالكتروني أو عن طريق ممثلينا في ليبرتي ولكن الادارة الحكومية لمخيم ليبرتي وفي اجراء قمعي تمتنع عن تسليم جثمانه لي أو إلى سكان ليبرتي.
وخلافًا للأعراف الشعبية والأحكام والتعاليم الإسلامية وبرغم مراجعات أقاربه والمستشار القانوني لسكان ليبرتي، وفي غضون الشهرين الماضيين كانت اجوبة المدعو صادق محمد كاظم ممثل الحكومة العراقية وقاتل مجاهدي أشرف في يوليو 2009 وأبريل 2011، في كل مرة نتسائل فيها عن مصير جثمان المتوفي يرد مرة بأن الملف في محكمة الكرخ، ومرة أخرى يقول أنه في مركز شرطة العامرية أو سنرسل احد لمتابعة الأمر وحتى الآن أبقوا الموضوع بالتسويف والمماطلة بشكل عمدي دون ان يتم الحسم في الأمر.
ونظرا لعدم امكانية الخروج من المخيم ومتابعة مثل هذه الأمور اطلعت قبل أيام عن طريق محامين عراقيين بأن جثة المتوفي يحتفظ بها في مركز الطب العدلي في بغداد.، وارسل شقيقه الذي يعيش في آلمانيا توكيلا رسميا عن طريق السفارة الالمانية في بغداد إلي لاتابع الأمر وإن السفارة الأمريكية وهيئة مساعدة الأمم المتحدة في العراق (اليونامي) يعرفون تماما بمجريات الأمور ولكنه ولحد الآن لم يتم أي اجراء لتسليم الجثمان واداء فريضة الغسل والتكفين والدفن.. ويذكرني هذا الاجراء القمعي باجراء مماثل حدث في أشرف حيث امتنعت القوات العراقية عن تسليم جثمان السيدة زهراء مهر صفت التي توفقت في ظل ظروف الحصار الطبي والعلاجي المفروض على أشرف في 21 سبتمبر 2011 ولم يتم تسليم الجثة إلى سكان أشرف إلا بعد 5 أشهر ويقع ذلك ضمن نهج متفق عليه بين طهران وبغداد.
وأخيرا وليس بآخر وفي تطور آخر، وفي حين تتواصل الحكومة العراقية في اجراء لا انساني ولا اسلامي بمنع تسليم جثمان إبن عمتي الي سمعت أن الحكومة العراقية، تعتزم احالة هذه المسألة الى الفاشية الدينية الحاكمة في ايران من خلال سفارتها في بغداد لحسمها، في حين ان المهندس مستوفيان كان لاجئا سياسيا في آلمانيا وفي عام 2004 اعترف به كشخص محمي بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، وان اي إشراك للنظام الإيراني وسفارته في بغداد في هذه المسألة أمر غير قانوني، وتملق كريه للجلادين الحاكمين في ايران.
إني استصرخ جميع احرار العالم والمؤسسات المدافعة عن حقوق الانسان وأطالب بالحاح السلطات الأمريكية والمسؤولين في الأمم المتحدة بأن يلزموا الحكومة العراقية بتسليم جثة هذا المجاهد إلي وإلى سكان المخيم بعد احتجازها كرهينة لكي نقوم بمراسيم دفنها طبقا لتقاليدنا والسنن الإسلامية وتكريما للانسان فما تفعله سلطة بغداد منافيا لكل القيم الالهية والاعراف الانسانية استصرخكم جميعا لتحرير انسان قتلوه ثم اعتقلوا جسده دون اي مبرر يذكر.
* مهندس كمبيوتر من سكان مخيم أشرف المنتقلين الى (ليبرتي)
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات