مرت علي مصر بسلام والحمد لله الجولة الأولي للانتخابات الرئاسية وبنظرة سريعة عليها وفي ضوء النتائج التي اسفرت عنها، نجد أن أول الخاسرين هو التيار الإسلامي التي تراجعت شعبيته من 65% في المائة وهي النسبة التي حصل عليها الإخوان والسلفيين في الانتخابات البرلمانية التي جرت منذ أقل من سته أشهر إلي أقل من 43% وهي النسبة التي حصل عليها مرشحو التيار الإسلامي (مرسي وأبو الفتوح والعوا)، مما يجعلنا نتذكر الراحل فرج فودة الذي تنبأ بالقضاء علي الإسلام السياسي في حالة خروجة للنور، ومع ذلك لا نستطيع التسليم التام بأن كل ما حصل عليه أبو الفتوح من أصوات هي تيار إسلامي نظرا لقدرة الرجل الرهيبة في خداع كثير من الليبراليين بأنه ليبرالي وبأنه وسطي وبذلك نستطيع القول أن جملة ما حصل عليه التيار الإسلامي ما بين 35% إلي 40% فقط أي انهم خسروا ما بين 30%إلي 25% من شعبيتهم في فترة زمنية قصيرة جدا.
فبعد أن ظن الإخوان أنهم quot; بالإستبنquot; سيتمكنون من حسم الانتخابات من الجولة الأولي في غرور سياسي كسرته الإرادة الشعبية الرافضة لهيمنتهم، وراهن البعض علي أبو الفتوح بأنه الرئيس القادم لمصر، فإذا به يحتل المركز الرابع بين المنافسين في مفاجأة من العيار الثقيل لم يكن يتوقعها أشد الكارهين له، ويعتبر عمرو موسي صاحب التاريخ السياسي الطويل هي أحد الخاسرين أيضا إذ أنه أحتل المركز الخامس وكان مقدرا له أن يكون أحد طرفي الإعادة علي الأقل، ويري البعض أن المناظرة بين أبو الفتوح وموسي كانت السبب في خسارتهم ولكني أعتقد أن سبب خسارتهما كانت محاولة لعبهم علي كل الأطراف والألوان فخسرا لونيهما.
بجانب الخاسرين هناك من لا نستطيع أن نقول عنه أن خسر الانتخابات بل حرق نفسه وقضي علي مستقبله السياسي بالكامل وهو محمد سليم العوا الذي وجب عليه أن يعتزل العمل السياسي والعمل العام بعد حصوله علي أصوات لا تتناسب أبدا مع تصريحاته المتعجرفة وتاريخه الذي يدعيه الأمر الذي جعل الإخوان يتفاوضون معه للتنازل مقابل منصب النائب العام.
أما الحصان الأسود والكاسب الأكبر من هذه الانتخابات فكان حمدين صباحي الذي حقق المركز الثالث بالرغم من ضعف إمكانياته المادية ولكن تاريخه السياسي الطويل وصراحته بالإضافة لانحيازه للفقراء والمهمشين ومواقفه الشجاعة في كل الأزمات التي مرت بها مصر بعد الثورة جعله المرشح المفضل للشباب والفقراء، كما دلت الانتخابات علي وفاء أهل كفر الشيخ لأبن محافظتهم quot;صباحيquot; حيث حصل علي ما يقارب نصف مليون صوت في محافظته بفارق حوالي 360 ألف صوت عن اقرب منافسيه في كفر الشيخ، كما كان صباحي هو المرشح الوحيد الذي جمع حوله صفوة المثقفين مع الفقراء في آن واحد فحظي بتأييد المثقفين والصحفيين والفنانين كما كان هو مرشح الشباب الأول، لقد دخل صباحي الانتخابات كشخص عادي أعلي مركز حصل عليه في تاريخة quot;عضو مجلس شعبquot;، لكنه خرج من الانتخابات كأحد زعماء وقيادات مصر.
ولو كان صباحي هو الحصان الأسود فيعتبر شفيق هو الحصان الذي كسب الرهان، ويرجع السبب في صعود شفيق إلي حالة الخوف التي امتلكت قلوب المصريين من المستقبل المظلم، وعكست أيضا حاجة الشارع المصري لرجل قوي يستطيع إعادة الأمن وخيبة أمل المصريين في الإخوان والسلفيين، وقد نجح شفيق في إقناع البسطاء أنه رجل المرحلة وصاحب الخبرة الإدارية ورجل دولة قادر علي القضاء علي البلطجة وقادر علي تسيير عجلة الإنتاج مرة أخري.
الشئ الذي لا يمكن تجاهله هو اعتراف الجميع بقوة الصوت القبطي وتأثيرة الكبير علي نتائج ألانتخابات بعد أن عاني الأقباط كثيرا من اتهامهم بالسلبية، ويرجع الكثيرون وصول شفيق للإعادة الى مساندة الأقباط له، والحقيقة أن معظم شباب الأقباط اعطوا اصواتهم لصباحي كما حظي عمرو موسي بنسبة لا بأس بها أيضا ولكن بالتأكيد فكل أصوات الأقباط في الإعادة ستذهب لشفيق بدون أدني شك.
وأثبتت الانتخابات أيضا أن مصر أكبر من أي تيار وأن المصريين لن يسمحوا بهيمنة تيار من التيارات السياسية، فهل تكون انتخابات الرئاسة هي بداية النهاية للتيار الإسلامي المتشدد؟؟ هذا ما أتمناه ويتمناه معي كل المصريون الدارسون لتاريخ الإسلام السياسي....
- آخر تحديث :
التعليقات