عندما أصدر الملك عبدالله أمره الملكي بتعيين الأمير سلمان ولياً للعهد في المملكة، اعتبره كثيرون، ومنهم أناس من علية القوم - للأسف - أنه تجاوزَ نظام البيعة، وهذا غير صحيح إطلاقاً . فديباجة الأمر الملكي الخاص باعتماد نظام هيئة البيعة جاء فيها بوضوح، وبلغة لا تقبل الـتأويل أو الاحتمالات، ما نصه: ( أولا: إصدار نظام هيئة البيعة بالصيغة المرفقة بهذا. ثانياً: تعدل الفقرة (ج) من المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 وتاريخ 27/8/1412 للهجرة لتكون بالنص الآتي:
(ج) تتم الدعوة لمبايعة الملك واختيار ولي العهد وفقا لنظام هيئة البيعة.
ثالثا: تسرى أحكام نظام هيئة البيعة على الحالات المستقبلية ولا تسري أحكامه على الملك وولي العهد الحاليين.) .
أي أن النظام صدر على ثلاثة أسس أشار إليها الأمر الملكي في ديباجته بمنتهى الوضوح أول هذه الأسس: تتعلق بإصدار النظام.
ثانيها: أن النظام ينحصر فقط في تغيير الفقرة (ج) من المادة الخامسة من النظام الأساسي (الدستور)، ويحل نظام البيعة هذا محل هذه الفقرة تحديداً.
ثالثها: سريان هذا النظام لا يبدأ من عهد الملك الحالي (الملك عبدالله) و كذلك لا ينطبق على ولي العهد حينذاك (الأمير سلطان).
فهذا النظام لا يسري إلا بعد الملك عبدالله وليس في حياته . وبناء على ذلك فإن الفقرة (ج) من المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم ما تزال فاعلة؛ ومنطوق هذه الفقرة هو كالتالي: ( يختار الملك ولي العهد ويعفيه بأمر ملكي )، وهذا ما تم بناء عليه تقليد الأمير سلمان مهام ولاية العهد. ولا يجوز تغيير الفقرة (ج) من المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم في حياة الملك عبدالله حسب الأمر الملكي الذي صدر به نظام هيئة البيعة. وهذا ما فات كثيرون ممن لا يقرؤون الأنظمة قراءة متفحصة و واعية، أو أنهم يقرؤونها ولكنها قراءة رغبوية، لا تعتمد على مقدمات صحيحة وتنتهي بالتالي إلى نتائج خاطئة.
وهنا لا بد من القول إن جميع الأنظمة في المملكة تُعدل بذات الآلية التي صدرت بها، إلا نظام هيئة البيعة (فقط)؛ هذا النظام صدر بإرادة منفردة من الملك، لكن تغييره أو تعديل مواده يتطلب أن يوافق عليه الملك و هيئة البيعة مجتمعين.
وقد لاحظت سوء الفهم هذا منذ أن قلد الملك عبدالله ولاية العهد للأمير نايف، فقد صدرت حينئذ من بعض الفعاليات مواقف لا تشي بأنهم قد استوعبوا ما نص عليه نظام هيئة البيعة، ما جعل بعضهم يتخذ مواقفاً تدل على عدم الفهم، ليس لنصوصه فحسب، وإنما لآلية تغييره، خاصة ما ورد في المادة 25 من النظام .. آنذاك دارت نقاشات في كثير من وسائل الإعلام عن جزئية (توقيت سريان النظام)، وتم توضيح هذه الجزئية بوضوح في حينه، غير أنها أثيرت مرة أخرى عند تولية الأمير سلمان مقاليد ولاية العهد، الأمر الذي يؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها.
بقي أن أقول أن نظام هيئة البيعة هو بمثابة القواعد الدستورية، التي تتكئ عليها آلية تداول السلطة في المملكة بطريقة شرعية، لذلك لا يمكن السكوت على مثل هذه التعليقات غير المسؤولة، والتي إما أنها تدلُ على جهل مطبق في قراءة الانظمة، أو أنها نابعة من نوايا مغرضة.