جاء أحتضان الأخوان للرئيس المصري المهندس محمد مرسي بهذيان خطيب مصري في حفلة تتويجه في منطقة شعبية ( المحلة ) رافقتها من منصة ألأحتفال دق الطبلة وخطاب حلم بداية الخلافة. ماورد من وعود في كلمة الخطيب الأخواني يثير الدهشة والمرارة لثقافة التراجع العربية والمصرية عموماً وأستغلال الجيل المصري الجديد ( الذي أزالت الجماهير بقوة زخمها حكم مبارك وطغمته الفاسدة ) بتوجيهه الى كوارث يقرّرها هذيان خطيب على شعب مصر. قال الخطيب في كلمته : quot; رأينا حلم الخلافة الأسلامية، حُلم أرض الخلافة يتحقق على يد الدكتور محمد مُرسي...ستعود الولايات المتحدة العربية أن شاء الله. ثم هتاف الخطيب ( بكره مرسي يحرر غزة...أنا مصري بكل عزة ) ويكرر المحتشدون الهتاف....ثم تكبير ndash; الله وأكبر - وتقطعه حماسة الخطيب بصرخة مدوية ليعلن هذه المرة عن عاصمة جديدة لمصر ( ستكون عاصمتنا ليست القاهرة ولا مكة ولا المدينة وأنما القدس ) ويطلب من الجمهور المحتشد ترديد هتاف ( على القدس رايحين....شهداء بالملايين) ويتبرع بهم بكل سخاء كأنهم خراف مزرعة.
وقد تكون من مسؤولية الصحافة الأمينة عرض موقع حلم الخلافة على الربط التالي كي يطلع عليه القراء :
http://www.youtube.com/watch?v=GKyQCNuOHTg

لم ترد في خطاب العنجهية وتحويل عواصم الدنيا، كلمة واحدة عن نسبة البطالة الحقيقية والمُقنعة التي تصل وفق أرقام متضاربة الى أكثر من 37 بالمئة وفي أسرة دخلها لايتجاوز 16 دولار شهرياً. ولم ترد كلمة لكيفية مكافحة الأمراض والفقر وأرجاع الأموال المسروقة من الخزينة المصرية وأرجاع السياحة وأصلاح البيئة والبنية التحتية وكيف سيضع الأخوان خطط أقتصادية لتحسين حالة الشعب المصري قبل وضع أمراء الخلافة للولايات المتحدة الأسلامية.
ونحن نرى أخطاء عالمنا العربي تتكرر كل أربعين أو خمسين سنة على لسان زعماء يساندهم أدعياء يستخفون بعقول الناس بدءاً من الخميني الفارسي وأوردغون العثماني ألى وصدام والقذافي ومبارك وقادة أخرين وصفتهم الصحافة في القرن الماضي quot; بالزعماء الذين هزوا العالم quot; وتجاوزت تلك الصحافة الأجيرة على حقيقة أن هؤلاء الزعماء قادوا بلدانهم الى الدرك الأسفل وتركوها مهزوزة الفكر والثقافة والتحضر بعد أن أستعبدوا شعوبهم باسم الدين وحولوا مجتمعاتهم الى عويل وصراخ وعذاب وألم والاحباط، والاستياء ( بخطابات تحرير أرض فلسطين والقدس الشريف) ومررتها الصحافة الحكومية الاجيرة لأشباع الفقراء بشعارات كاذبة لاغير. أعادة التوجيه والتنبيه والتحذير يتطلب منا كمراقبين أن ندرك ما هيأته مخابرات الموساد الأسرائيلية للعالم العربي بمسمى quot; الربيع العربي quot; من تخريب يومي وتدمير مادي ونفسي وخلق أمارات مقاطعات ومزارع لخلافة مزعومة يتحكم فيها مجموعات الجهاد الخطابي والتخدير الأسلامي وتوجيه شعوبها دون تهيئة واستعداد الى القتال في دول عربية وأقامة خلافات أسلامية مماثلة لحلم الخلافة المصرية.
ولتعريف المواطن العربي بما يجري في الخفاء فأني سأشير الى نقاط قد يدرك الأنسان مغزاها ودلالاتها. فقد نشرَ موقع أِسرائيلي يهتم بشؤون الأستخبارات quot; ديبكا quot; الشروط السبعة التي وضعها أوباما، كما اقرًّ وضع لمساتها مساعدوه عند زيارة وفد الأخوان للبيت الأبيض قبل الأنتخابات لتوجيه سياسة مصر والرئيس المصري الجديد. وتلعب المساعدات الأمريكية السنوية لمصـر الدور المثالي في تسيّير السياسة الخارجية المصرية والتي تبلغ 2.1 مليار دولار، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية. هـذه المعونـات هي ورقـة الأبتزاز التي تضغط بها أمريكا في توجيه سياسة مصـر منذ عهد السادات.
وبينما تنتظر 52 دولة أفريقية و21 دولة عربية والسلطة الفلسطينية، ماسيقوم به الرئيس المصري وبرنامج حكومته ( التي لم يتم تشكيلها بعد ) لأزمة السياحة وتراجع الأستثمارات والبطالة ورجوع العمالة والعمال المصريين من ليبيا وتونس والأردن والعراق ودول الخليج، أصدرت الأدارة الأمريكية مجموعة من الشروط لمصر الأخوان. فلكي تدعم الولايات المتحدة الرئيس المصري للفترة القادمة و يكون صديقاً مرحبا به في البيت الأبيض عليه الألتزام بالشروط التالية :
أولا : أتخاذ أجراءات تبين مراعاة جدول زمني للتحول الديمقراطي.
ثانيا: احترام حقوق الإنسان، وحقوق المرأة ووضع وحقوق الأقليات وحرية العبادة خاصة ما يتعلق بالأقباط المسيحيين.
ثالثا: تشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة تمثل الأحزاب الرئيسية في البلاد ndash; وليس فقط جماعة الإخوان.
رابعا: جعل معاهدة السلام لعام 1979 بين مصر وإسرائيل ركنًا أساسيًا من أركان السياسة الخارجية.
خامسا: تأكيد التزام الرئيس الجديد مرسي بدعم معاهدة السلام وبناء علاقات طبيعية مع إسرائيل.
سادسًا: أبداء الحزم في كبح جماح العناصر الإرهابية في سيناء التي تعمل على تهديد الأمن الإسرائيلي.
وسابعا: وضع حد للحملات الاعلامية المسعورة المعادية للولايات المتحدة وأسرائيل التي تسود وسائل الإعلام المصرية وكذلك وقف معاداة المنظمات غير الحكومية الغربية العاملة في مصر.
وإذا حقق الرئيس مرسي هذه الشروط على إدارة أوباما أن تستخدم نفوذها مع البنك الدولي لتخفيف مشكلات السيولة في مصر وتخفيض الديون ومساعدة مصر مالياً لشراء المواد الغذائية في الأسواق العالمية.
من الأهمية بمكان أن نبين الحكومات الأسرائيلية المتعاقبة أوكلت مهمة الدفاع عن الدولة العبرية الى ألة الفكر التجسسي الأستخباراتي لتغيير المعادلة الأستراتيجية. وأنتقلت الموساد الاسرائيلية ورجال مخابراتها منذ التسعينات وبعد حربهم في لبنان عام 2006 أنتقلوا عملياً من ساحات ميدان الحرب الى ساحات ميادين التحرير في البلاد العربية بصور مختلفة كأنضمامهم وتعاقدهم مع مؤسسات بحثية أكاديمية وهيئات ناشطة تتعلق بحقوق الأنسان ووسائل عمل في شبكات الأعلام والقنوات التلفزيونية ومواقع الأنترنت والتجسس الألكتروني وتغلغل موظفون صهاينة في ومنظمات ووكالات عمل الأمم المتحدة.
هيئت مخابرات أسرائيل (الموساد) جيشاً من المخبرين وعملائها للعمل النشيط في دول عربية عديدة تناهض فيها الشعوب فساد انظمتها السياسية.
وكما يكشف القادة الأسرائيليون والمراقبون الدوليون التخطيط الأداري الأستراتيجي في دوائر المخابرات وغرف التنسيق العسكرية لأيجاد طرق للأستغناء عن أرسال الجنود الى ساحات القتال وتعرضهم للموت في جبهات الحرب ( كحرب لبنان )، ينبغي أن نكشف بحذر طرق التغلغل الثقافي الأجتماعي والأكاديمي والأختلاط بالشعب ومعرفة توجهاته وجس نبض طبقاته وأستشفاف سبل الدعاية والتهليل الأسرائيلية والمشاركة لأنجاح فوضى التغيير الطبقي والعمل على جعلها من سيئة الى أسوأ.........
منذ عهد المماليك وعهد الملك فاروق وعهد الرئيس عبد الناصر والسادات ومبارك لم يكن قرار مستقبل مصر يحدده القرار المصري وحده.ولأهمية مصر كدولة ذات كثفافة سكانية وموقعها الجغرافي الذي يتحكم بقناة السويس ومرور السفن التجارية والحربية، كانت القرارات التاريخية المصيرية تتم ( بمشاركة دول أجنبية في قراراتها السياسية والعسكرية). وقد راعت هذه الدول مصلحة الدولة العبرية ومصر والتنسيق مع الدولتين منذ عام 1948 خاصة بالنسبة الى توريد السلاح الهجومي النوعي الى أسرائيل الدفاعي القديم الى مصر ( وهو أمر لايأخذه الأخوان المسلمون بالحسبان بحكم تعاليمهم الألهية وأوهام حكم الخلافة ).
وتبذل وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتن من خلال جولاتها وبمساعدة السفيرة الأمريكية آن باترسون ورئيس هيئة المعونة الامريكية والتر نورث جهوداً لإطلاق برنامج الولايات المتحدة العالمي لزيادة الأعمال الذي تموله الوكالة الأمريكية للتنمية والمساعدات الدولية( يو اس ايد).
هذه المشاركات الدولية المتبعة لتحييد مصر، أشار لها قادة الفكر المصري في الماضي كالكاتب المعروف محمد حسنين هيكل. ومشاركة الأرادة السياسية أخضعت حكام مصر (عبد الناصر والسادات ومبارك ) الى تعليل موقفها للشعب المصر وخداعه بتغييب كلمة ( مشاركة أستعمارية ) بأختيار عبارات سياسية ( تعاون دولي وترابط مصالح) تستلم بموجبه الحكومة المصرية مساعدات عسكرية ومالية وغذائية من الولايات المتحدة ودول خليجية وتربط مصالحها التجارية والبترولية مع الغرب وأسرائيل.
خاضت أسرائيل في ساحات التحرير العربية والجبهات العراقية، الليبية، المصرية والسودانية والسورية حرباً أعلامية فكرية دقيقة محسوبة النجاح وفي غاية الشدة والتكثيف لتعميم الأنقلابات وفهم النقمة التي سادت شعوب العالم العربي على قادتها وفسادهم السياسي والأداري والمالي. ومساهمت الموساد في تعريتهم بعد نجاحها في أسقاط صدام العراق والفوضى العارمة لأحلال بدائل يخدمون مصالحها ومن يتعهد بتخفيف العداء العربي والأسلامي الى أقصى حد ممكن.
وبذلت الموساد جهوداً ذكية خارقة لأدارة وتوجيه صراع الشعوب المستعضفة نحو حكامها الفاسدين بالشكل الذي يحقق لأسرائيل الفائدة الأستراتيجية القصوى بمسايرة طموح الشعوب وعشاق الحرية بحذر شديد وتوجيه بقبضة محكمة تطلبت مشاركة الحكومة الأسرائيلية المادية والتسليحية والأعلامية للسيطرة على المحرك الفاعل لفوضى الربيع العربي في ساحات التحرير.
وما جاء في كلمة المشير حسين طنطاوي بين قادة الجيش الثاني مؤخراً وتنبيهه الى جهات أجنبية في توجيه أرادة مصر أضافة ليست بالجديدة مع أهميتها.ويقول المشير quot; أن مصر ليست لجماعة معينةrlm;,rlm; بل لكل المصريينrlm;، ولن تسمح القوات المسلحة بغير ذلك أبداrlm;، وهي قادرة علي حماية مصر وشعبهاrlm;.rlm; وأن هناك أناسا مدفوعين من الخارج حاولوا إثناء القوات المسلحة عن هذا المبدأ وعن هذه العقيدة لدفعها إلى إراقة الدماء، كما أشار إلي أن هناك جهات أجنبية حاولت الدفع في الاتجاه نفسهquot;.
ولو كان في مقدور المواطن العربي قلب الواجهة السياسية للربيع العربي لوجده يمثل الربيع الأسرائيلي ونجاحه في تخريب العالم العربي المخطط له من المخابرات الأسرائيلية منذ سنوات، وولدَ بعد مخاض وجهد طويل ومساندة عربية مباشرة من حكومات فاسدة وخطابات هوجاء كشفتها ثورات الغضب ورغيف العيش العربية ونزول ابن البلد الى الشارع للأطاحة بحكام فاسدين، في وقت حاولت المخابرات الصهيونية أحلال الفاسدين بعد أنتهاء دورهم بمن هم أفسد منهم، ممن لاعلم لهم بسياسة الدول وعلاقاتها المتشابكة.
وسيدخل الدكتور مرسي quot; شأء أم أبى quot; في دوامة جدل وصراع قائم بين الأخوان وضباط المؤسسة العسكرية المصرية القديمة والمحاكم العسكرية وحالة الطوارئ، وحالة أكثر من 15 ألف معتقل بعد تشكيله لجنة ملفات تقوم بدراسة كيفية أطلاق سراح معتقلين منذ شهر يناير 2011، وضغط المخابرات الأجنبية وهيئات حقوق الأنسان المصرية والأجنبية وأحتكام المؤسسة الدستورية لسنوات طويلة دون تحقيق نتائج. وهو ماأظهرته الأحداث والصدامات الشعبية والعسكرية الطابع في أغلب الدول العربية التي تمخض عن أنقلاباتها شق وحدة الدولة وتشضيها الى دول شبه عسكرية وقوميات وعناصر ومليشيات تحمل عقيدة محاربة شعبها وتقسيم الارض عنوة الى مزارع تمسك بملكيتها عشائر وجيوش من المرتزقة تحارب بعضها بعضاً بوجوه كالحة مارست التعذيب والقتل والذبح والجلد وعادت أشد قسوة ً وسوءاً ورمت في الساحة السياسية بمجموعة موالين وأنصار جدد من السرّاق و الفاسدين والفاشلين.
أنه تحول تاريخي محفوف بظلام الغيبية والقدرية والألهية. أنه ظلام علمي لحالة رديئة قد تتحول الى حالة أردأ. ولا عجب أن تجد روح النكتة بين المصريين وهم يرون في ثورة تونس كونها البقاء للأصلح وثورة ليبيا البقاء للأقوى...وثورة مصر....البقاء لله. نوع من الفكاهة تخفف عنهم ماسيطرأ من جديد على أرض الواقع.
ضياء الحكيم

كاتب وباحث سياسي