بين سوء فهم المنظمات الدولية.. وتجاهل الحكومات العربية.. المرأة تبقى الضحية.

يأتي الإحتجاج الذي قامت به مجموعة نصيرات حقوق المرأة في لندن والذي نشرت إيلاف تفاصيله في مقالتها السبت 4-8-2012..كضربة موجعة.. للمرأة العربية كما وتتناقض تماما عما حاولت أن تقوم به اللجنة الأولمبية من تشجيع معنوي للمرأة العربية حين سمحت للمشتركات العربيات بالمشاركة حتى مع غطاء الرأس مع علمها بأنه يتعارض مع بعض قواعد اللعب ويتعارض مع حماية اللاعبات.. إحتراما للثقافة العربية.. ولمساعدة المرأة العربية بوضع قدم على أول الطريق.....

بينما تفاوت مدى تشجيع هؤلاء اللاعبات بين الدول الخليجية نفسها.. وفيما إذا كانت مشاركتهن تعبر عن دعم حقيقي أم مجرد واجهة شكلية..

فبينما عملت قطر على تدريب اللاعبات لمدة ثلاث سنوات.. تفننت دول اخرى في وضع الشروط. وفي عدم منحهن تشجيعا معنويا حقيقيا حين حجبت أي تغطية إعلامية عن مشاركتهن..

الضحية في كلتا الحالتين هي المرأة.. فشروط بعض الدول من إلزامها بوضع الحجاب.. ومن وجود محرم يتناقض مع روح ومفهوم الإسلام.. ويتناقض مع ما جاء في كتب التراث.. ففي موضوع الإختلاط أو تحريمه فليس هناك أي نص قرآني يؤكدة.. لقد كان الإختلاط موجودا في عهد النبي ( سلام الله عليه ) وإلا لكان جعل طرقات منفصله للرجال والنساء.... أما فيما يخص بالمحرم.. فلقد وجدنا في كتب التراث ما يؤكد بان أم المؤمنين أم سلمة وهي هند بنت أبي أمية بن المغيرة وهي مخزومية قرشية وذات حسب ونسب هاجرت مع طفلها بمفردها من مكة إلى المدينة.. أي أنها قضت مسافة 420 كيلو مترا.. أي ما مدته أكثر من ليلتين وحدها مع عثمان بن طلحة وهو رجل غير محرم وكان ما زال مشركا.. وتحدثت فيما بعد عن رجولته وشهامته ونخوته.. ولم يتطرق إلى رحلتها أي نقد أو حديث نبوي يحرمه أو ينهى عنه؟

ثم ألم تشارك صفية بنت عبد المطلب عمة النبي في غزوة أحد.. ودافعت عن النبي فيها. ولم ينهرها أو يمنعها النبي سلام الله عليه.. ثم ألم تشارك أسماء بنت يزيد في معركة اليرموك أيضا.. أم أنها إنتقائية خاصة بالرجل.. يحددها متى شاء لتبقى المرأة حبيسة تسلط ذكوري يستمد قوته من تفسيرات وتأويلات فقهاء الدين بما يتناسب مع فهمهم الضئيل عن روح الدين؟

أما إحتجاجات منظمة فيمنست فتأتي كما القشة التي قضمت ظهر البعير..حيث ستسلط الأضواء فقط على حرية التعري وليس حرمان المرأة الكامل من أي شكل من أشكال الحرية.. الإحتجاج كان من الممكن أن يقدم دعما حقيقيا للمرأة العربية لو كان إحتجاجا منظما تشترك فيه العديد من المنظمات المحلية والدولية وتشترك فيه نساء من أصول عربية. شرط أن يتماشى مع القيم الأخلاقية العالمية.. أي أن لا ترتبط المطالبة بالحقوق والحرية للمرأة بحرية التعري وكأنها مطلب المرأة العربية أو مطلب كل نساء العالم.. حرية التعّري حرية خاصة وفردية وليست مقبوله في كل العالم ولا تتماشى مع ثقافات معظم دول العالم.. وتتعارض مع قيم الأغلبية الغربية ناهيك عن تعارضها الصارخ مع القيم العربية.. ولكن الأهم أنها بشكلها السلبي ستعطي الرسالة الخاطئة للمجتمعات العربية.. وستعطي الضوء الأخضر للتشدد الديني وقدرته على إستعمالها بطريقة لا ولن تخدم مصلحة المرأة العربية ومطالبتها بحقوقها وستقتصر نظرتهم عن الحقوق والحرية بالتعرّي فقط..

ولكن لا يمكننا غض النظر عن أن بعض المطالبات التي طرحتها وطالبت بإلغائها منظمة فيمنست كالسياحة الجنسية ووكالات الزواج الدولية والتمييز الجنسي.. وإن كانت مشاكل دولية.. ولكنها تنطبق أيضا على الدول العربية.. كان الأحرى بالمنظمة أن تتفهم ظروف المرأة العربية وتركز على حقوقها الحقيقية المنتهكة.. مثل تعدد الزوجات.. والذي يتوافق مع السياحة الجنسيه حين شرّعت الدول العربية وحلل فقهاء الدين زواج المصياف كأحد أنواع الزواجات المتعددة.. ثم ظهور وكالات للزواج من قاصرات في بعض الدول العربية.. أما في موضوع التمييز الجنسي في العالم العربي الإسلامي المتدين.. فحدث ولا حرج..ولكن الأهم أن كل الدول العربية التي وقّعت على إتفاقية القضاء على أشكال التمييز.. كلها تحفّظت على العديد من موادها بما يتعارض وينتهك الإتفاقية شكلا وموضوعا..

إتهام المنظمة الدول العربية المشتركة بانها تحاكي قشور الديمقراطية فهو حقيقة لا نستطيع إنكارها..فإشتراك لاعبات من الدول الخليجية لم يأت إلا بعد ضغوط دولية كبيرة.. ولكن الحكومات أيضا تحايلت واستغلت المرأة لتبرز وجها حضاريا بينما إنتهكت حق المرأة وحولتها إلى رمز للإستغلال فقط بدون تأهيل ولا تدريب كاف...

ومع كل هذا يبقى إشتراك المرأة الخليجية سواء فازت أم لا.. فخر لهذه المرأة التي لم تلاق أي دعم من مجتمعها.. ولا من حكومتها.. وإنما سمحت لها هذه الحكومة بالإشتراك فقط لتثبت عدم كفاءتها.. وعدم أهليتها للمشاركة بينما وبرغم عدم فوزها إحتفل بها المجتمع الدولي وقدّم لها الإحترام والدعم الكافي بتصفيقه الحاد لتحدّي هذه الموروثات البالية وليؤكد لها أنها بشر يستحق الإحترام.


مديرة منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية