لو كنت وزيراً للدفاع في العراق لا سمح الله لأسقطت طائرة أحمد داود أوغلو المتوجهة إلى أربيل مهما كانت النتائج وحتى لو أدى سقوط طائرته إلى حرب عالمية ثالثة وهي حرب قائمة أصلاً على مساحة الشرق الأوسط منذ زمن ليس ببعيد، يحصد العراق أكبر حصة من دمارها كعينة من نتائج التجارب الخبيثة في التاريخ الإنساني! لكن وزير الدفاع العراقي الذي لا يعرف الدفاع حتى عن تسليم بغداد عاصمة للثقافة لثلاثة من أتباع النظام الفاشي السابق في العراق لكي يتغنوا له سينمائيا عن أمجاد بغداد عاصمة الرشيد لعام 2013، لا يمكنه أن يدافع عن وطن يسهم هو بتهديمه ثقافياً؟!

يستقبل الكورد زيارة أحمد داود أوغلو إلى quot;وطنهمquot; الكائن حتى الآن ضمن حدود العراق الجغرافية وهم يعبثون بسياسته الخارجية، يعبثون بموارده المائية، يعبثون بموارده النفطية، يعبثون ببرلمانه، يعبثون بثقافته ومبدعيه وينخرون بها عبر صعاليك الثقافة والإعلام في بغداد، لصوص أحزاب الأمس وجلادو أحزاب اليوم! فالجميع يسهم في الخراب الآتي للوطن العراقي. المخطط أسرائيلي محض، والمنفذ أمريكي محض، والذين يسهمون في إدارة عملية التخريب هم رجال الدولة ورجال الدين! رجال الدولة بدءاً من الرئيس وحاشيته مرروراً برئيس الوزراء وحاشيته، وعبوراً على جسر البرلمان، وإنتهاءً برجال المنابر الطبقة الجديدة التي ترفع راية السيادة التي رفعها محمد بن عبد الله قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام.

لو كنت وزيراً للدفاع في العراق لا سمح الله لأسقطت طائرة أحمد داود أوغلو المتوجهة إلى أربيل!
لأن في إختراقه لأجواء العراق أهانة دبلوماسية تدخل في quot;العيبquot; وفي امتهان الكرامة، لكن الحاكم لا يستحي وفاقد الشيء لا يعطيه!

مهلا، أيها السيد رئيس الوزراء.. لا تنفعل وأنت تقرأ كلماتي.. لأنها ليست كلمات حاقد فعمري ما عرفت الحقد، فلا أنا حاقد عليك ولا أنا حاقد على الكورد، لكنني حاقد على ذاتي التي خسرت معركة الإيمان بالوطن وخسرت معركة عشق الديمقراطية وخسرت الحلم الجميل الذي هدمته كوابيس المنامات الواعية ومنامات الليل عبر كوابيسه البغيضة التي أنتم رموزها.

يقول الشاعر وأنا لا أحب هذا النمط من الشعر.
وطن تشيده الجماجم والدم
تتهدم الدنيا ولا يتهدم!

أولا، أنا لا أحب شكل الجماجم وعندي حساسية من الدم حين يجرح أصبعي بقطعة من الزجاج أو ذقني بشفرة الحلاقة، فكيف لي بوطن فرشت أرضه الجماجم وحلت الدماء في أنهاره بديلا عن مياه شلالات الجبال المنعشة الباردة لتسير في أعماق ملوثة بكيميائيات وغبار القتلة الكونيين ويلونها السفلة باللون الأحمر بدلا من زرقة نهر دجلة وخضرة نهر الفرات ولوني شاطئ العرب الذي يصب في الخليج العربي الذي يطلق عليه حلفاؤكم الخليج الفارسي!

مهلا، أيها السيد رئيس الوزراء.. لا تنفعل وأنت تقرأ كلماتي.. لأنها كلمات عاشق للوطن، عاشق مجنون كما قيس بن الملوح في حبه إلى ليلى والذي قال:
يقولون ليلى في العراق مريضة
فيا ليتني كنت الطبيب المداويا
اليوم ليست ليلى مريضة في العراق، بل العراق مريض بليلاه ولياليه!

أردت اليوم أن أحاورك أيها السيد رئيس وزراء العراق.. عسى أن تقرأ أو أن تتعلم القراءة التي بدونها لا تتمكن من النظر أبعد من أرنبة الأنف! القراءة التي بدونها يطلق على الشخص تعبير quot;الأميquot; والأمي هو شخص غير قادر على إدارة دفة عائلة فكيف بإدارة وطن!؟

ها هي طائرة أحمد داود أوغلو تستبيح سماء العراق. وهي في الحقيقة لا تستبيح هذه السماء، بل أن سماء العراق وأرض العراق وحرية العراق وإقتصاد العراق وثقافة العراق مستباحة كلها منذ أن وطأت أقدام الفاشت بأمر من الإسرائيليين والأمريكيين وبالتواطئ مع اللصوص والأميين وأصحاب المنابر السنية تارة والشيعية تارة أخرى، لإنجاز تجربة الإبادة على الوطن العراقي. وليست طائرة داود أحمد أوغلو سوى الإشارة لهذا الإحتقار الدولي والعثماني للكينونة العراقية وللوجدان العراقي!

يقف الناس البسطاء والطيبين حيارى غير قادرين على الفعل أزاء الحدث ويتصرفون بلا أبالية فيها كثير من الشرود، ليس لأنهم لا يحبون وطنهم، بل لأنهم ضائعون تائهون في صحراء الغربة واللامعقول في مرحلة لم يعرف التاريخ لها مثيلاً وهم يسمعون قهقهات دول الجوار، قهقهاتهم على واجهات شاشات التلفزة وعلى أسطح الجرائد وعبر أثير الإذاعات. يضحكون ويسخرون من وطن كان يوما ما عزيزاً في التاريخ وهم لا يريدون حتى سماع quot;أكرموا عزيز قوم ذلquot; بل أنهم فرحون كي يوغلوا بالطير السماوي الذي تهاوى طعنا بالسكاكين وطعنا بسيوف العرب والإسلام التي كانت عمياء بحديها وساكتة في أغمادها منذ عام 1948 حتى عام 2003 !؟

لو كنت وزيراً للدفاع في العراق لا سمح الله لأسقطت طائرة أحمد داود أوغلو مهما تكن النتائج حتى وأن كنت وزيراً في دولة خربة تنعق بها الغربان! لأسقطتها عسى أن يشكل أسقاطها صرخة إنتباه في العالم أنني موجود أستطيع أن أحرك يدي quot;الخدرانةquot; والتي نسيت ونمت عليها في سريري، أستعمل يدي في أسقاط الطائرة كي أثبت أنني لا أزال على قيد الحياة وحتى لا يشمت بي الأعداء quot;وضرب الخناجر ولا شمت العدا فيًquot;!

مهلا أيها السيد رئيس الوزراء، لا تنفعل، فلست قاصداً أياك أنت بالذات بإسمك وجسمك، فليست لي علاقة من العداوة معك، فلم أضربك يوما وما ضربتني. لم أشتمك يوما وما شتمتني. نحن لا نعرف بعضنا ولكني سمعت بإسمك قبل بضع سنوات فقط وأنت لم تسمع بإسمي من قبل فإني ساكت منذ قرون، وكنت أعتمدت الصمت أسلوباً لحياتي ولكني خفت أخيراً وقبل فترة قصيرة من الزمن أن أفقد كل الكلمات فأخسر التاريخ واللغة والجغرافيا لذا تراني قد بدأت الكتابة وقد لامني بعض الأخوة المعلقين المنهكين مثلي، فمنهم من نصحني بالقول quot;أنك تصرخ في معبد خاوquot; ومنهم من قال لي بسذاجة أنت تكتب من بريطانيا ولو كنت تحب العراق فتعال للعيش فيه.

أنا أكيد أحب العراق حتى أكثر من عشق قيس إلى ليلى، لكنني لا أريد أن أموت. أريد أن أبقى على قيد الحياة والحياة هي فعلا قيد، كي أرى إلى أين ذاهب هو وطني حتى وصل الأمر بتلميذ غبي في مدرسة إبتدائية تركية أن يصعد طائرة مدنية وهي عسكرية في مدنيتها ويطير محلقا مخترقا وزارة الخارجية العراقية سيئة الصيت والسمعة والأشخاص والسفراء ليحط في أربيل عاصمة أقليم كوردستان ويمشي على سجادتها الحمراء ويعزف له النشيد الوطني الكوردي والتركي وأنت تنتظر الشبوط لكي يرسل إليك بكاميراته المنهوب نصف سعرها كي تصورك وأنت قابع في مكتبك وخلفك العلم العراقي ساكت لا يرفرف وعليه صرخة الدكتاتور أبان الحرب المجنونة quot;الله أكبرquot; فالعلم لا يرفرف سوى في سماء الوطن ولا يرفرف في غرف البيوت الخضراء لأنها خالية من الهواء. وعلم العراق ساكت منذ زمن طويل لا يرفرف في سماء الوطن!

تفيق أنت أيها السيد رئيس الوزراء صباحا معتقداً أنك رئيس لحكومة العراق حيث لا حكومة حقيقية ولا وزراء حقيقيون ولا أعضاء برلمان حقيقيون ولا حتى قناة تلفزيونية حقيقية. هم وأنتم مجرد أسماء يباركها المرجع الأعلى ومذيعوه من على منابر الحسينيات الفضائية الجديدة متوهمين أو موهمين أن العراق وطن بكامل قواه العقلية، وهم يؤكدون وبإصرار أن العراق يعمل بكامل قواه العقلية ويستدلون على ذلك بالقول، لو لم يكن كذلك فكيف يستطيع أن ينظم كل تلك السرقات والتحويلات المصرفية ويشرعن كل تلك هذه السرقات ويصادق عليها البرلمان.. لا بد وأن يكونوا مجرمين بكامل قواهم العقلية. ولذلك لا أحد ينتبه أن في سماء العراق طائرة يقبع في جوفها أحمد داود أوغلو التلميذ الغبي في المدرسة التركية الإبتدائية، مدرسة الإمبراطورية العثمانية الفاشلة!

لو كنت وزيراً للدفاع في العراق لا سمح الله لأسقطت الطائرة التي تستبيح سماء العراق حتى لو كنت نعساناً متعباً، لكنها صرخة وفعل قد يعيد للعراق إعتباره وسط جمهورية النهب التلفزيونية!

لا تزعل أيها السيد رئيس الوزراء لو قرأت كلماتي هذه فإنها ليست موجهة إليك بالذات بل هي موجهة لضمير مات في العراق، والضمير إذا ما مات فإن الإنسانية تكون قد إنتهت. وأصارحك أن الضمير قد مات في العراق. أنتم أعلنتم موت الضمير بقانون. أنتم أعلنتم موت الضمير من على منابر الحسين. أنتم أعلنتم موت الضمير من على شاشات التلفزة. أنتم أعلنتم موت الضمير علانية بعد صلاة الفجر وبعد صلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة الليل.. الله أكبر ولا إله إلا الله ومحمد عبده ورسوله!
تعرف لماذا يستبيح التلميذ الغبي أوغلو سماء وطني!؟ هنا سوف أشرح لك الأسباب أيها السيد رئيس الوزراء:
أولا، إن الوطن العراقي يحتاج إلى مال كثير كي يعيد بناء أسس مجتمعه الإنسانية، الإجتماعية، المعرفية، الثقافية، الصحية.. وهذا المال الذي منحه له الله أو الحياة أو ألطبيعة أيهما موجود، هذا المال قد سرق ولم يعد ما بحوزة العراق إنما هو بحوزة quot;الحوزةquot; والمصارف الخارجية وهو يسرق أربع مرات في اليوم، بعد صلاة الفجر وبعد صلاة الظهر وبعد صلاة العصر وبعد صلاة العشاء وخاصة أيام رمضان وفي مواسم الحج!

ثانيا، يموت الناس ولكنهم لا يموتون وهنا يكمن العذاب، عذاب وعي الموت!

ثالثاً، أن عددا من العراقيين وغير العراقيين من العرب والباكستانيين واليهود يحيلون الوطن جحيماً بالمفخخات والناس مشغولة بالدفن وبـ لا إله إلا الله محمد يا رسول الله! متوجهين نحو مقبرة وادي السلام ومقبرة سامراء وكل مقابر العراق لدفن موتاهم.. فهم منشغلون ويعملون ليل نهار بدفن الموتى، مفندين أكاذيب الأعداء أن الوطن يعاني من البطالة!

رابعا، أن أرامل العراق لا ينمن الليل منتظرات الفجر فيذهبن مع صلاة الفجر نحو صناديق القمامة ويدخلن في جوفها كي يعدن رمي النفايات إلى خارجها ويلتقطن قناني البلاستيك وبيعها لمصانع المشروبات ويأخذن الثمن لإطعام المعدات الخاوية لليتامي العراقيين، فيما الله يرزق سكان المنطقة الخضراء سهواً بأكثر مما يستحقون لكثرة ما سجدوا له وسيماهم في وجوههم من أثر السجود!

خامساً، النفط يا دولة رئيس الوزراء ويا أيها السيد quot;الشاه رستانيquot; لا يعرف الناس معابره وهو بحاجة إلى إيقاف النزف لأن شرايين الوطن البترولية سوف تجف فتنجلي النبوءة في ما جاء في القرآن quot;إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراquot; ويفشل بيت القصيد quot;تتهدم الدنيا ولا يتهدمquot; فيتهدم ويتهدموا!
سادساً، المليشيات العابثة بالوطن تملك المال والسلاح في شمال وجنوب ووسط وشرق وغرب العراق، وهي عامل قلق وخوف وعامل نهب لحرية العراقيين وخبز العراقيين وماء العراقيين وضوء العراقيين تاركينهم في عتمة الدرب وعتمة الحياة.

سابعاً، وهو الأخطر، أن وسائل الإعلام شبه الرسمية والدينية والقومية والأهلية، وهي الشبكات التي تقاسمت الرشوة البرانية تعمل على تأجيج نيران الفتنة والتعصب!
لكل هذه الأسباب وغيرها يتمكن أحمد داود أوغلو طالب الأبتدائية الغبي في المدرسة العثمانية السلفية من إختراق سماء العراق، لأن quot;أوغلوquot; يعرف بأن أهل العراق نيام. فقام بزيارة مفاجئة إلى أربيل وكركوك ويقولون دون علم وزارة الخارجية العراقية بذلك. كيف أخي رئيس الوزراء، كيف لا تعرف وزارة الخارجية ولا يعرف وزير الخارجية بالزيارة. هو يعرف بالزيارة وقد أحيط علما بها وهو فخور بهذا الإنجاز الذي يحقق لإبن أخته الإنجاز المطلوب ويحصل على quot;عافرمquot; من ولاة إسطنبول، وأنت تنتظر كاميرات الشبوط كي تزورك في المنطقة الخضراء والعلم خلفك ساكت وعليه صرخة الدكتاتور أبان الحرب الله أكبر كي تعلن إحتجاجك على حكومة العثمانيين، وبعد بضع دقائق يشتعل العراق بالمتفجرات كي تطغي أخبار الموت المرعبة في الساحة الإعلامية على أخبار طائرة التلميذ الغبي فوق سماء المدن العراقية!
هل من كلام في كل هذا يجعلك تزعل أيها السيد رئيس وزراء العراق.!؟

أرجوك أن تبعد المنابر عن دربنا خشية أن يبثوا من خلال حسينياتهم الفضائية الكراهية فينا بديلا عن حبنا للحسين وعلي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب!
أرجوك أن تمسك باللصوص وتسترد ثروات العراق المهربة لمصارف أولاد العم! وأن توقع العقود الحقيقية مع شركات العالم العملاقة كي تعيد حفر الأنهار وإستخراج الملوثات من جوفها فالناس تموت من الماء ولا تموت من العطش فقط!

وإذا أردت نصيحتي حقا، فأنا أنصحك أن تقدم إستقالتك وتأخذ قسطا من الوقت تقرأ فيه رواية جميلة وتقرأ ديوان شعر جميل وتشاهد مسرحية وفيلما سينمائيا وتستمع إلى سيمفونية شهرزاد لنيكولاي ريمسكي كورساكوف، عندها تعود للحياة الحقيقية وسأعطيك صوتي كي يتم تعيينك معلماً لمدرسة إبتدائية، وهذه ليست إهانة إليك بل هي وسام يعلق على صدرك وهو أحسن لك بكثير من أن تصبح رئيسا لوزراء وطن يستبيح سماءه تلميذ في مدرسة إبتدائية أسمه أحمد داود أوغلو! فيما أرض العراق مستباحة من قبل اللصوص وقراء المنابر!

كاتب وإعلامي عراقي مقيم في بريطانيا
[email protected]