لم تشهد العلاقات التي تربط تركيا بالعراق أي تحسن على مدى عقود من الزمن سوى في فترة الثمانينات عندما وقع العراق في زمن النظام السابق إتفاقية مع الأتراك خصصت للتآمر على الأكراد الذين يقاتلون الدولتين على جانبي الحدود وأحد بنود هذه الأتفاقية وأهمها هو السماح للقوات التركية بالتوغل داخل الأراضي العراقية لمطاردة الثوار الأكراد من حزب العمال الكردستاني بعمق يزيد على العشرين كيلو متر وقد عدت هذه الإتفاقية في وقتها تفريط في السيادة العراقية، عدا ذلك فالعراق لم يَجني من جيرَته بتركيا سوى المشاكل فمن إقامتها للسدود على نهري دجلة والفرات حيث أدى ذلك الى إنخفاض منسوبهما بصورة تدعوا للقلق، بالإضافة للآثار المدمرة لتلك السدود على الإقصاد العراقي وخاصة القطاع الزراعي الذي تضرر بشكل غير مسبوق، الى تعدياتها وإنتهاكاتها المستمرة لحدود العراق بحجة مطاردة مجاهدي حزب العمال الكردستاني المطالبين بحقوقهم المشروعة في تلك البلاد، علاوة على محاولاتها المستمرة لحصر المشكلة الكردية في تركيا أساسآ في جيب ضيق هو شمال العراق، وآخر التحرشات والتجاوزات التركية على العراق هي إيواء المتهم الهارب طارق الهاشمي الذي صدرت بحقه مذكرة إعتقال وتوقيف من الشرطة الدولية (الإنتربول).

وضَرَر تركيا وسياساتها التوسعية لم يقتصر على العراق فحسب، فهذه أرمينيا لا زالت تعاني من تداعيات إبادة جزء من شعبها في بدايات القرن المنصرم وإغتصاب سبع ولايات لها ضمت الى تركيا، وهذه قبرص التي فقدت شمالها في سبعينيات القرن المنصرم نتيجة لإحتلال تركي مباشر وإنشاء كيان تابع لها أصبح أمرآ واقعآ ومشكلة حقيقية يعاني منها المجتمع الدولي فقد باءت جميع الحلول التي تبنتها الأمم المتحدة بالفشل في إقناع تركيا بالإنسحاب من شمال قبرص وإعادة توحيد هذه الجزيرة الجميلة.

أما الدور التركي في الأزمة السورية ومنذ سنة ونصف على الأحداث التي يشهدها هذا البلد فهو دور شريك ومحرض على كل أعمال التخريب والإرهاب التي تحدث في سوريا،وقد راهنت القيادة التركية منذ بداية الأزمة على السقوط السريع لنظام الرئيس بشار الأسد إسوة بسقوط أنظمة ما يسمى بالربيع العربي ( الليبي والتونسي والمصري ) إلا إن تماسك الجيش والقيادة السورية رغم المؤامرة الدولية الكبرى ضد هذا البلد والتي عطلت النصر الحاسم والسريع للقوات السورية على المجاميع المسلحة، قد جعلت الأتراك في موقف لا يحسدون عليه فنيران الأزمة السورية سوف تنتقل عاجلآ أم آجلآ الى الداخل التركي ذو النسيج الإجتماعي الهش ولن يُفيد أنقرة وجودها في حلف النيتو أو وقوفها على أبواب الإتحاد الأوربي منذ ما يقرب العشرين عامآ تستجدي وتتوسل الإنضمام، فالأوربيون لن ينسوا أبدآ القسطنطينة ولن يغفروا للترك النازحين من أواسط آسيا سيطرتهم على أجزاء من أوربا وسوف نرى خرابآ ودمارآ قريبآ في تركيا كالذي نراه في سوريا والعراق،، وإن غدآ لناظره قريب.



[email protected]